المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تحليل أخباري
  • 1049

بعد وقت قصير من بدء نظر المحكمة العليا في الاعتراضات المقدمة على قرارات لجنة الانتخابات المركزية بشأن حظر ترشيح الدكتور عزمي بشارة والتجمع الوطني الديموقراطي والدكتور أحمد الطيبي والسماح بترشيح باروخ مارزل، تبدأ وسائل الاعلام الالكترونية ببث الدعاية الانتخابية. ولا ريب في ان عملية تل أبيب المزدوجة ستلقي بظلالها على كل من قرار المحكمة العليا الإسرائيلية وعلى طابع الدعاية الانتخابية.وقد طفحت الصحف الإسرائيلية في الأيام الأخيرة بالمقالات التي تتحدث عن تأييد او رفض قرارات لجنة الانتخابات المركزية. وبرزت على هذا الصعيد وجهتا نظر: واحدة تطالب بحظر ترشيح عزمي بشارة والطيبي ليس بسبب ما يقولان، وإنما بسبب ما يفعلان. وترى وجهة النظر هذه ان بشارة والطيبي يخدمان أعداء إسرائيل، ولذلك يجب منع السماح لهما بدخول الحياة البرلمانية. ومقابل ذلك ثمة وجهة النظر التي تعتبر ان بشارة والطيبي هما نتاج أصيل للمجتمع العربي في إسرائيل، وبالتالي فإن الموقف منهما يعني الموقف من كل هذا الجمهور. وهذا يعني ان إبعادهما عن الحياة البرلمانية يعني إبعاد الجمهور العربي، الذي يشكل حوالى عشرين في المئة من مجموع السكان، عن جوهر الحياة السياسية.

 

غير ان المواقف السياسية للقوى الإسرائيلية من هذه القضية لم تغيّب حقيقة ان القرار بات عمليا بأيدي هيئة قضائية في المحكمة العليا تتكون من أحد عشر قاضيا. وقد اعترض محامو التجمع الوطني الديموقراطي على عضوية قاضيين لأنه سبق لهما، في مناسبات سابقة، إبداء مواقف معادية للتجمع وللدكتور بشارة. ويرفض أنصار بشارة والطيبي على حد سواء إبداء موقف حول مقدار ثقتهما بالقرار الذي سيصدر عن المحكمة العليا الإسرائيلية. ومعروف ان هذه المحكمة، في الغالب، وفرت الغطاء القانوني لعمليات القمع الإسرائيلية، غير انها مع ذلك، حاولت في العديد من المواضع تحديد معايير تقيد الجهاز السياسي في خطواته القمعية.

وكانت المحكمة العليا في الماضي تعتمد اسلوب السماح بالترشيح وتجنب الحظر. ولذلك رفضت العام 1982 حظر قائمة <<كاخ>> العنصرية برئاسة الحاخام مئير كهانا. وقد اضطر البرلمان الإسرائيلي الى سن قانون على خلفية تنامي <<الكهانية>> في إسرائيل ومطالبتها بترحيل العرب. وبعد ذلك صار حظر القوائم العنصرية الصريحة ممكنا. ولكن هذه المحكمة ذاتها لم تطالب بقانون خاص عندما حظرت لأسباب أمنية مشاركة حركة <<الأرض>> القومية العربية في الانتخابات الإسرائيلية في مطلع الستينيات.

ويجري اليوم استخدام سابقة قرار المحكمة العليا ضد حركة <<الأرض>>، ضد التجمع الوطني الديموقراطي والدكتور أحمد الطيبي. غير ان القانون الذي استندت اليه المطالبة بحظر ترشيح التجمع والطيبي هو القانون المعدل الأساسي للكنيست، خاصة البند المسمى <<البند السابع أ>>. وجرى تعديل هذا البند أصلا في العام الفائت خصيصا لمحاربة الأحزاب العربية عموما، والتجمع الوطني على وجه الخصوص. وينص هذا البند على حظر السماح لأي قائمة او عضو فيها يؤيد الكفاح المسلح ضد اسرائيل او يرفض وجود اسرائيل كدولة يهودية وديموقراطية او ينادي بأفكار عنصرية. واشار المعلق القضائي لصحيفة <<هآرتس>>، زئيف سيغل الى انه جرت صياغة هذا البند بشكل يسمح بحظر ترشيح ليس فقط من يتماثل مع دولة معادية او مع منظمة إرهابية، وانما مع من يؤيدها. ولاحظ سيغل ان استخدام هذا البند من جانب المحكمة مشروط بأن تكون تعابير التأييد <<خطيرة ومفرطة>> في شدتها، وان تكون البراهين على ذلك <<مقنعة، واضحة وقاطعة>>. وان الحظر يجب ان يتم في حال وجود <<حظر فعلي>>.

ومن المهم هنا الاشارة الى ان المعايير المحددة لاتخاذ موقف قضائي قابلة للاجتهاد. وهذا ما تجلى من موقف كل من المستشار القضائي الياكيم روبنشتاين ورئيس لجنة الانتخابات المركزية، القاضي ميشال حشين. فقد قدم الاول، في سابقة خطيرة، توصية للجنة الانتخابات تطالب بحظر ترشيح التجمع الوطني والدكتور بشارة. وفي الوقت نفسه قدم توصية تحذر من حظر ترشيح الدكتور احمد الطيبي او الجبهة الديموقراطية للسلام والحركة العربية للتغيير. ولكن القاضي حشين، في مداولات اللجنة، رفض حظر ترشيح كل من التجمع وبشارة والطيبي.

ويفتح هذا الواقع مجالا امام المحكمة العليا لان تتخذ واحدا من القرارات التالية:

- المصادقة على قرار لجنة الانتخابات المركزية والسماح للعنصري مارزل بالمشاركة في الانتخابات كمرشح، ورفض ذلك لكل من التجمع الوطني والدكتور الطيبي.

- رفض قرار لجنة الانتخابات وحظر ترشيح مارزل والسماح بترشيح التجمع والطيبي. الفصل بشكل جوهري بين كل هذه القضايا واتخاذ مواقف مختلفة من كل منها.

وفي هذا السياق يرى كثيرون ان هناك فرصة لان تأخذ المحكمة العليا، كحل وسط، برأي المستشار القضائي للحكومة، فتحظر العنصري مارزل والتجمع الوطني، وتسمح بترشيح الدكتور الطيبي، او الاخذ برأي القاضي حشين ورفض موقف المستشار القضائي.

وفي كل الاحوال، اذا جاء القرار مخالفا لرأي اليمين الاسرائيلي فإن المحكمة العليا ستواجه مشكلة، واذا جاء القرار بحظر التجمع والطيبي، او اي منهما وحده، فإن المشكلة ستغدو مع الاقلية العربية، او جزء كبير منها.

المصطلحات المستخدمة:

الكهانية, هآرتس, كاخ

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات