المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تحليل أخباري
  • 1076

لا اظن ان هناك قانوناً يرمز الى كون دولة اسرائيل دولة لليهود، كما قانون العودة (لليهود). هذا القانون يضمن لليهود انهم سيجدون دائماً ملاذاً وبإمكانهم الحصول على مواطنة. وكان رئيس المحكمة العليا السابق، مئير شمغار، اقر أن هذا القانون يحمل في طياته سمة دستورية بارزة. وقبل سنتين قال الرئيس الحالي، اهرون باراك، انه يجب تحويل قانون العودة الى قانون اساس. وهناك عدد غير قليل من رجالات المجتمع يعارضون الاقتراح المنطقي جداً الداعي الى تحديد بند الحفيد في قانون العودة، بتسويغ مفاده انه في اللحظة التي سيبدأون فيها بتغيير قانون العودة، لا يمكن معرفة اين سينتهي الأمر.وعلى هذه الخلفية كان المستشار القضائي للحكومة، اليكيم روبنشطاين ووزيرا الداخلية الاخيران - ايلي يشاي من "شاس" وابرهام بوراز من "شينوي" - محتاجين الى مستوى غير قليل من الغرور، لكي يحاولوا تغيير التأويل والتطبيق المتبعين للقانون منذ 55 عاماً تقريباً بعبث قانوني لتوصية قضائية. هذه التوصية ورسالة بوراز من هذا الاسبوع تخلقان يهوداً من صنف "ب"، صنف متدن من اليهود لا يسري عليهم قانون العودة ولا يحق لهم الحصول على مواطنة اسرائيلية، وإسرائيل ليست بلاد ملاذ لهم.

 

لم يخطر ببال أحد طوال 55 عاماً تقريباً، ان هناك سؤالاً اصلاً فيما إذا كان القانون يسري على اليهود الذين تهوّدوا في البلاد. وكان النقاش فقط حول من هو اليهودي، أي من لديه الصلاحية بأن يقوم بعملية التهويد. الحاخامية الرئيسية احتكرت عملية التهويد، والتياران الاصلاحي والمحافظ ناضلا من اجل ان يسري قانون العودة على غير اليهود التابعين لهما.

وكان المستشار القضائي أقر بأن قانون العودة مخصص لليهود الذين يعودون الى وطنهم، ولهذا السبب يجب تفسيره على انه يسري فقط على من كان يهودياً عند وصوله الى اسرائيل. لقد سجّل المستشار انجازاً واحداً حالياً في التماس "ستامكا" الى محكمة العدل العليا، عندما قررت المحكمة بأن قانون العودة لا يسري على احد الزوجين إذا كان مهاجراً غير يهودي، وتزوج بعد ان قدم الى البلاد. لأن الهجرة الى البلاد تكون قد استنفدت الحقوق التي يمنحها قانون العودة. والان يطلب المستشار الارتقاء درجة ليحدد أن القانون لا يسري على يهودي لم يمارس فعلياً الهجرة الى البلاد.

اثارت توصية روبنشطاين اسئلة ساخرة كثيرة. مثلاً: هل يكون غير اليهودي الذي تهوّد في البلاد ولكنه سافر الى الخارج ثم عاد ذا أحقية؟ الحل الذي أوجده بوراز لهذه المسألة في الرسالة التي بعث بها الى المستشار القضائي هو حل ظالم: "من وصل الى اسرائيل بتأشيرة سائح أو بتأشيرة عامل اجنبي لا يستطيع أبداً الحصول على مواطنة اسرائيلية على قاعدة قانون العودة". على سبيل المثال، متطوع في "كيبوتس" (قرية تعاونية اسرائيلية) أو طفل جاء به والداه في رحلة الى كنيسة القيامة لا امل لهم.

كل هذه الأسئلة كان يمكن ان تكون اقل أهمية من الناحية العملية، لو كان قانون المواطنة ينفذ حقاً وكان يمكن الحصول على مواطنة اسرائيلية بإجراءات معقولة. غير ان القانون ما هو الا مسار عذاب متعدد السنوات، استمر نظرياً اربع سنوات ونصف - وعملياً ستكون نهايته من ينصفنا.

وخلافاً للمستشار القضائي، فإن هدف بوراز ليس سد الطريق أمام تهويد العمال الاجانب فحسب، بل هو معني بالفصل بين الدين والمواطنة. ومن ناحيته يجب ان تمنح المواطنة الاسرائيلية للعلماء والفنانين والرياضيين والمستثمرين الذين يدفعون المجتمع في اسرائيل قدماً وكذلك لمن يتماثلون مع المشروع الصهيوني. فالتهويد حسب رأي الوزير لا يمنح المتهودين أي حقوق مواطنة.

إحدى الفقرات الأكثر احراجاً في وثيقة بوراز تطلب منح تسهيلات الحصول على المواطنة للذين يأتون "من دول متطورة" وليس من دول العالم الثالث. هذه الفقرة في الوثيقة نجحت حتى في إثارة دهشة احد الحلفاء البارزين من امثال رئيس الجمعية العالمية لليهودية التقدمية، الحاخام أوري ريغف، الذي علّق قائلاً: "هل يريد الوزير أن يميّز بين الحاصلين على المواطنة وفق معايير عرقية؟!

(هآرتس 21 أيار 2003 )

المصطلحات المستخدمة:

كيبوتس, هآرتس, باراك, دولة اسرائيل, تهويد, شينوي

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات