المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بقلم: الوف بنيعتقد رئيس الحكومة ارئيل شارون، الذي سيقوم بزيارة الى الولايات المتحدة في الاسبوع القادم، بأن زيارته الحالية لدى الرئيس جورج بوش ستمرّ بنجاح كالزيارات السبع التي سبقتها. هناك مؤشرات لذلك. فقد دعي شارون والوفد المرافق له الى تناول العشاء في البيت الأبيض، بعد لقاء العمل الرسمي. وقال موظفون امريكيون هذا الاسبوع، واستوعبت اقوالهم في القدس، انهم في الادارة يدركون تماماً الملاحظات التي طرحتها اسرائيل حول خارطة الطريق، ويوافقون على قبول 12 من الـ 14 تعديلاً، ويقدرون بأنه يمكن ايجاد حل خلاق للتعديلين الباقيين. وفي ديوان رئيس الحكومة يتوقعون بأن النص النهائي لخارطة الطريق سيشمل الملاحظات الاسرائيلية.

وكان كولين باول وديفيد ساترفيلد، الموظف الذي بقي في المنطقة لمواصلة المحادثات في ختام زيارة وزير الخارجية، قالا لكل من تحدث معهما من الاسرائيليين بأن الرئيس بوش انتهى الى القول بأنه سيتدخل شخصياً في حل الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني. الحرب على العراق إنتهت بالنصر، والآن حان الوقت لتحقيق الرؤيا الرئاسية وهي "علم فلسطين، يرفرف فوق دولة حرّة ومستقلة"، كما قال بوش في خطابه من يوم الجمعة. وكان من الصعب على المستمعين أن يقتنعوا بهذه الأقوال، سيما وأنها جاءت بعد أكثر من سنتين نفض الامريكيون خلالهما أيديهم من الأزمة. ولكن الأشخاص الذين استمعوا الى بوش في أحاديث مغلقة، خرجوا بانطباع بأنه يتناول بجدية موضوع "رؤيا الدولتين". الرئيس يتحدث عن حرية وتحرير للفلسطينيين، وبعد ان قرأ خارطة الطريق قال انها تتلاءم ومبادىء خطابه من 24 حزيران. وهو يؤمن، على ما يبدو، بأن الدولة الفلسطينية ستقوم لا محالة.

كيف يمكن القيام بذلك؟ من الصعب مطالبة اسرائيل بانسحابات وتنازلات، طالما ان الارهاب مستمر وفي الطرف الثاني تبدو حكومة أبو مازن متشنجة. الادارة الامريكية تقبل توجه اسرائيل القائل بأن الأمن يسبق كل شيء. ولذلك، فإن الامتحان لجدية بوش سيكون معالجته لموضوع الاستيطان. وكان باول قد وعد في مقابلة مع أودي سيغل في القناة الثانية، بأن الرئيس سيبحث مع شارون "بانفتاح واستقامة وصراحة وصدق" قضية المستوطنات، التي "بناء على رأي العديدين في العالم، تضع في مجال الشك القدرة على إقامة دولة فلسطينية دائمة". وصنف باول الصعوبات: حسب رأيه، من السهل التعامل مع البؤر الاستيطانية اكثر من تجميد البناء، والتجميد أسهل من التعامل مع المستوطنات القائمة. وهذا هو ايضاً امتحان شارون، الذي يصر على بقاء البؤر الاستيطانية والاستمرار في "الازدياد الطبيعي" في المستوطنات القديمة، دون الادعاء بأنها تسهم في ضمان الأمن ومنع الارهاب.

ويمكن لبوش ان يطالب شارون بخطوات جدية لكبح مشروع الاستيطان في المناطق (الفلسطينية)، أو الاكتفاء بطرح الموضوع في البروتوكول والاصغاء الى تفسيرات طويلة من رئيس الحكومة، كما فعل باول في القدس (الغربية). وتستطيع الادارة أن تكشف لشارون صور الأقمار الفضائية، التي تثبت توسيع البناء في فترة ولايته، خلافاً لوعود اسرائيل (الامريكيون كشفوا في الماضي صوراً كهذه لموظفين اسرائيليين). وبإمكانه الاكتفاء بمطلب آخر، وهو أن تشمل صلاحيات طاقم المراقبين الجديد متابعة تحديد البناء في المستوطنات أيضاً. ومراقبة كهذه ستسهل على شارون ايضاً المواجهات السياسية، فيما إذا قرّر أن يدير ظهره لمشروع حياته.

لكن شارون لا يتأثر. هو مقتنع بأن قضية المستوطنات ليست على جدول الأعمال، وقبل كل شيء يجب معالجة قضية الأمن. وهو يعرف جيداً بأنه في كل مرّة طلبت فيها الدائرة السياسية في البيت الأبيض الضغط على اسرائيل، اصطدم رجالها بالقوة الاضافية للمستشارين السياسيين. هؤلاء يفكرون فقط في منافسة بوش على ولاية ثانية في العام القادم، وفي الناخبين اليهود بفلوريدا، ولذلك يحرصون على عدم إغضاب المؤسسة اليهودية في أمريكا. لقد أثبت بوش قدرته على خوض مخاطر سياسية وعسكرية، لكنه يتصرف بحذر على الجبهة الداخلية. إثر النصر الساحق في بغداد، والعمليات التفجيرية في الرياض هذا الاسبوع، لم يعد يتعرض لضغوطات طوني بلير والسعوديين. لذا، يبدو أنه سيفضل هذه المرة أيضاً، التفاهمات والمعانقات مع شارون بدل الخلافات والمجابهات.

(هآرتس 15 أيار 2003 )

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات