المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تحليل أخباري
  • 1197

متسناع يدرك بأنه في حال انضمامه إلى حكومة وحدة وطنية برئاسة شارون فإنه سيكون بذلك قد أخل بأبرز وعد قطعه على نفسه منذ تبوئه رئاسة العمل خلفا لبنيامين بن إليعيزر وطوال المعركة الانتخابية الأخيرة وحتى في الأيام التي تلتها. كما أنه يعلم جيدا بأنه في حال انضمامه لحكومة برئاسة شارون ستتزايد الأصوات، التي بدأت باسماعها عضو الكنيست داليا إيتسيك، المطالبة بإجراء انتخابات داخلية لزعامة الحزب، بحجة أن متسناع لم يكن أفضل من بن إليعيزر بقيادته للحزب

كتب: وديع أبونصار

مرارا وتكرارا، عاود عمرام متسناع، زعيم حزب "العمل"، إعلان موقفه الرافض لانضمام حزبه لحكومة وحدة وطنية برئاسة أرئيل شارون، بالرغم من فشل الحزب بتشكيل كتلة يسارية مانعة تحول دون قيام شارون بتشكيل حكومة برئاسته. غير أن موقف متسناع هذا بدأ بالتصدع بعد ساعات قليلة من ظهور نتائج الانتخابات، وذلك عندما صرح عضو الكنيست العمالي شمعون بيرس بأنه يرى ضرورة بعدم إغلاق الباب أمام محادثات مع "الليكود" حول انضمام "العمل" لحكومة وحدة وطنية. وقد تزايد مؤخرا تصدع موقف "العمل" عند تعرضه لضغوط مكثفة ليس فقط من طرف شارون بل من أوساط داخلية وخارجية أيضا.

وفي الوقت الذي برزت فيه أصوات داخل "العمل" تنادي بالانضمام إلى حكومة وحدة بشروط معينة، مثل تصريحات عضو الكنيست أوفير بينس التي تتحدث عن احتمال مشاركة العمل في "حكومة وحدة وطنية علمانية"، يشن حزب "شينوي" حملة إعلامية واسعة النطاق ضد حزب "العمل" متهما قادته بعدم المسؤولية لعدم موافقتهم الانضمام إلى إطار يسمح تشكيل حكومة كالتي تحدث عنها أوفير بينس.

من جهة أخرى، تدور الأحاديث في الأوساط الدبلوماسية الفاعلة في إسرائيل بأن هناك ضغوطا أمريكية غير مباشرة على العديد من قادة حزب "العمل" للانضمام لحكومة وحدة وطنية برئاسة أرئيل شارون، بحجة أن تشكيل مثل هذه الحكومة في إسرائيل من شأنه أن يخدم المصالح الأمريكية. حيث يعتقد العديد من السفراء والدبلوماسيين المعتمدين لدى إسرائيل بأن الولايات المتحدة معنية بتشكيلة حكومية مستقرة في إسرائيل، يكون حزب "العمل" شريكا فيها، لأن مثل هذه التشكيلة تساعد الإدارة الأمريكية باقناع أوروبا أنها لا تدعم حكومة يمين متطرفة في إسرائيل من جهة، وتمنح الولايات المتحدة حكومة منفذة لمطالبها الإقليمية من جهة أخرى.

مقابل هذه الضغوط، فإن عمرام متسناع والغالبية العظمى من أنصار حزب العمل وقادته باتوا يدركون بأن العدو السياسي اللدود لحزبهم هو المشاركة في حكومة وحدة وطنية. حيث يعلل هؤلاء رفضهم شراكة كهذه بسببين رئيسيين، الأول يتحدث عن الفشل الذريع الذي ميز مشاركة حزب العمل في جميع حكومات الوحدة الوطنية في السابق، مركزا على أن حزب العمل كان يدخل هذه الحكومات بحالة أقوى بكثير من حالته عند الخروج منها. أما السبب الثاني، فهو أن العديد من الإسرائيليين لم يصوتوا في الانتخابات الأخيرة لحزب العمل لأنه لم يعطهم أملا حقيقيا بالتغيير ولأنه أصبح عبارة عن "ليكود ب"، بالأساس بسبب مشاركته في حكومة شارون الأخيرة.

لذلك، فإن أنصار هذا التيار مُصرّون على البقاء في المعارضة معتقدين أن أية حكومة بدونهم ستسقط بسرعة إما بسبب خلافات داخلية في صفوفها وإما بسبب ضغوط خارجية عليها. كما أن البقاء في المعارضة، حسب رأي هؤلاء، من شأنه منح "العمل" فرصة لطرح نفسه كبديل قوي لـ "الليكود" في الانتخابات المقبلة، التي يظن الكثيرون بأنها ستجري في النصف الثاني من العام المقبل أو في النصف الأول من العام 2005.

أضف إلى ذلك بأن متسناع يدرك بأنه في حال انضمامه إلى حكومة وحدة وطنية برئاسة شارون فإنه سيكون بذلك قد أخل بأبرز وعد قطعه على نفسه منذ تبوئه رئاسة العمل خلفا لبنيامين بن إليعيزر وطوال المعركة الانتخابية الأخيرة وحتى في الأيام التي تلتها. كما أنه يعلم جيدا بأنه في حال انضمامه لحكومة برئاسة شارون ستتزايد الأصوات، التي بدأت باسماعها عضو الكنيست داليا إيتسيك، المطالبة بإجراء انتخابات داخلية لزعامة الحزب، بحجة أن متسناع لم يكن أفضل من بن إليعيزر بقيادته للحزب.

لذلك، فإن متسناع يركز على قضية منح شارون "شبكة أمان"، مما يعني عدم التصويت ضد حكومته، في حال وجود أزمة كبرى تهدد إسرائيل، مثل تدهور الأزمة العراقية، لكن دون المشاركة في حكومة شارون.

غير أن التحدي الأساس أمام متسناع هو إلى أي مدى سيبقى محافظا على هذا الخط في ظل وجود ضغوط جمة عليه، جزء منها من داخل حزبه.

إن مشاركة أو عدم مشاركة حزب "العمل" في حكومة شارون المقبلة هو بمثابة امتحان كبير لقيادة متسناع للحزب، الذي لا يقل أهمية عن امتحان الانتخابات الأخير، الذي فشل فيه متسناع.

على متسناع الاختيار بين الخضوع للضغوط عليه والانضمام إلى حكومة شارون، او التحضر لمجابهة الأصوات التي ستنادي بالإطاحة به جراء هذا الرفض، استعدادا لإطاحة فعلية، أو وضع آلية لتوحيد الحزب تحت قيادته في المعارضة من خلال وضع استراتيجية دفاعية ضد سائر الأحزاب من جهة، وضد الضغوط الخارجية والداخلية التي تهدف إلى جعله ليس أكثر من ليكود "ب"، من جهة اخرى.

 

المصطلحات المستخدمة:

الليكود, شينوي, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات