المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تحليل أخباري
  • 1237

في مكتب رئيس الحكومة في القدس لا يعيرون العقبات الدبلوماسية، التي تواجهها الولايات المتحدة في مجلس الأمن في طريقها نحو الحرب ضد العراق، اهتماما كبيرا. التقديرات في اسرائيل تقول ان توقيت الهجوم سيتقرر وفق اعتبارات لوجستية، بعد اتمام نشر القوات الأمريكية، وبالتالي فان الحرب ستبدأ في نهاية شباط أو بداية آذار. وهم لا يتوقعون ان يكون لتوقيت بدء الحرب أي تأثير على المفاوضات لتشكيل حكومة جديدة.القيادة السياسية والعسكرية في اسرائيل متلهفة للحرب في العراق وتعلق عليها الأمل في تحقيق الإنتصار في حالة الأستنزاف الحالية مع الفلسطينيين. ففي اسرائيل يعتقدون بأن عزل ياسر عرفات عن السلطة سيؤشر على الأستسلام الفلسطيني.

 

موقف الجيش الاسرائيلي عبر عنه أمس الجنرال عاموس جلعاد الذي قال ان الهجوم الأمريكي سيزيل التهديد العراقي وسيشكل أيضا <<نموذجا لأزالة طغاة آخرين، قريبين منا، ينتهجون طريق العنف والأرهاب>>.

قادة الجيش الاسرائيلي وأبواق شارون، مثل مستشار الأمن القومي افرايم هليفي وغيره، روجوا في الأسابيع والأشهر الأخيرة سيناريوهات، مدهشة في ورديتها، لما ينتظر اسرائيل بعد الحرب في العراق. تحدثوا عن "أثر الدومينو" الذي سيسقط به، في أعقاب صدام حسين، خصوم اسرائيل الآخرون في المنطقة ايضا: عرفات، وحسن نصرالله، وبشار الأسد، وآيات الله في ايران وربما معمر القذافي أيضا. ومعهم سيختفي أيضا الارهاب واسلحة الدمار الشامل.

في قسم التخطيط في الجيش الاسرائيلي تحمسوا أيضا للأزمة بين الولايات المتحدة وحليفاتها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفي اوراق العمل التي وزعوها على القيادة السياسية تحدثوا عن الأحتمال المتزايد لطرد الأوروبيين المؤيدين للفلسطينيين من الحلبة الشرق اوسطية. مصدر سياسي رفيع قال امس ان الولايات المتحدة سوف تعاقب الأوروبيين على طعنها من الخلف في طريقها الى العراق، ولن تحتاج بعد اليوم الى استعطافهم ومقايضة دعمهم بتنازلات اسرائيلية.

ومع ذلك، اثبتت المواجهة في مجلس الأمن ان الولايات المتحدة تواجه مصاعب عديدة في فرض ارادتها على المجتمع الدولي، ومن السابق لأوانه الحمد والثناء على تحويل الشرق الأوسط الى محمية امريكية تتمتع اسرائيل فيها بموقع الصدارة.

المواجهة بين الولايات المتحدة واوروبا تدور، اساسا، حول العراق، لكنها تجري ايضا في الحلبة الثانوية: الاسرائيلية - الفلسطينية. شركاء الولايات المتحدة في "مجموعة الأربعة" الدولية - ممثلو الأتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة - نظموا يوم الجمعة الأخير استعراض قوة خاصا بهم حين استصدروا تصريحا علنيا من عرفات بشأن قبوله "خارطة الطرق" الدولية لحل النزاع، دون أية شروط، وكذلك بشأن عزمه على تعيين رئيس للحكومة الفلسطينية. هذا الأعلان بخصوص تعيين رئيس للحكومة جاء ليثبت للأمريكيين ان هناك مردودا سياسيا لأصرار الأوروبيين والروس والأمم المتحدة على مواصلة الحوار مع عرفات.

شكل اعلان عرفات انتصارا كبيرا لشارون الذي طالب بتعيين رئيس حكومة ذي صلاحيات، في السلطة الفلسطينية، بل ونجح في تجنيد الأوروبيين والأمم المتحدة، المؤيدين لعرفات، للضغط عليه كي يخلي الطريق. الجزء الأشكالي، من جانب شارون، هو قبول خارطة الطرق. فالأوروبيون يريدون تثبيت المسودة القائمة التي ستجري مناقشتها في لقاء ممثلي مجموعة الأربعة في لندن. اما شارون فيريد ادخال بعض التغييرات فيها وابطال مفعول تأثير الأوروبيين والأمم المتحدة. قبول الفلسطينيين بالخارطة كما هي يصعّب ادخال التعديلات.

هذا الاسبوع سينتهي مكتب رئيس الحكومة من اعداد الرد الاسرائيلي على خارطة الطرق لعرضه على الحكومة الجديدة لإقراره. هذه الوثيقة ستكون الصيغة الأسرائيلية للخارطة مع بعض التعديلات النصية المعللة. الطاقم الذي يتولى اعداد هذا الرد يركزه مدير مكتب رئيس الحكومة، دوف فايسغلاس، ويضم ممثلين عن وزير الأمن شاؤول موفاز (السكرتير العسكري مايك هرتسوغ) ووزير الخارجية بنيامين نتنياهو (المستشار عوزي أراد، ومدير عام الوزارة يوآف بيران).

بعد الإنتهاء من اعداد الرد سيتوجه فايسغلاس الى واشنطن لأجراء محادثات تلخيصية حول المساعدة الأستثنائية الخاصة التي تطلبها اسرائيل من الولايات المتحدة. ومن المرجح ان يلتقي ايضا مستشارة الأمن القومي كوندليسا رايس، لمحادثة سياسية عامة. وقبل ذلك سيصل الى البلاد السفير (الأسرائيلي في واشنطن) داني ايلون لأجراء مشاورات، كما سيلتقي شارون رؤساء اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط في مجلس النواب الأمريكي الذبن يصلون الى القدس اليوم. جميع هذه اللقاءات، كما المؤتمرات التي عقدت في لندن لمناقشة خارطة الطرق والأصلاحات في السلطة الفلسطينية، من شأنها اتمام الفصل الأسرائيلي - الفلسطيني في التحضيرات للحرب الأمريكية على العراق.

التوقعات الإسرائيلية من مؤتمرات لندن تؤول الى الصفر: الولايات المتحدة تعهدت بعدم حصول أي تقدم في صياغة خارطة الطرق، او في مناقشة الأصلاحات في السلطة الفلسطينية. في مؤتمر الدول المانحة سياجه الفلسطينيون جبهة عدائية ستطالبهم بتحسين الرقابة المالية وتبشرهم بتقليص المساعدات التي حصلوا عليها كتعويض عن تجميد اموال الضرائب التي تجبيها اسرائيل لهم. ومع استئناف تحويل الأموال من وزارة المالية الأسرائيلية سيخسر الفلسطينيون "تمويل التجسير" السخي الذي حصلوا عليه من الأتحاد الأوروبي.

(الوف بن، "هآرتس" 16/2 - ترجمة: "مدار")

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس, عوزي, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات