تحرص صحيفة "هآرتس" وعدد من منظمات المجتمع المدني في إسرائيل منذ فترة على جعل موضوع أولاد طالبي اللجوء الأفارقة والعمال الأجانب، الذين ولدوا في إسرائيل وترفض هذه تجنيسهم، في صدارة اهتمام القوى والأحزاب السياسية المختلفة، ولكن من دون جدوى. فقد كُشف النقاب في الفترة القليلة الماضية عن أن بلدية تل أبيب، التي تتمركز في نطاق منطقة نفوذها الغالبية الساحقة من هؤلاء الأولاد، واتسمت حتى الآن بمعاملتهم نسبياً على نحو إنساني وجيّد عبر مراعاة مبدأ المساواة الكونيّ، بدأت بالتواطؤ مع وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية في اتباع سياسة تفرقة بحق هؤلاء الأولاد في مدارس المدينة، بالإضافة- وهذا هو الأهم- إلى اعتماد منهاج تعليمي خاص.
شهد الأسبوع الفائت تصعيداً في تصريحات صادرة عن مسؤولين إسرائيليين تتوعّد إيران بضربة وشيكة لكبح برنامجها النووي وصدّ سياستها الإقليمية، بدءاً برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وليس انتهاء برئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ("أمان"). وقد أعلن غالانت، في نهاية الأسبوع الفائت، مثلاً، أنّ "الأخطار التي تواجه دولة إسرائيل تزداد، وقد يتعيّن عليها قريباً القيام بواجبها في كل ما يتعلق بحماية نفسها، وحماية مستقبل الشعب اليهودي".
أثارت التحذيرات الإسرائيلية الموجّهة إلى حزب الله وأمينه العام حسن نصر الله في الأيام الأخيرة، من مغبة ارتكاب خطأ الدخول في حرب أو مواجهة عسكرية مع إسرائيل، بدافع الاعتقاد أنها ضعيفة حالياً بسبب الأزمة الداخلية غير المسبوقة التي تعيش في خضمها، وهي تحذيرات أطلقتها المؤسسة الأمنية وبالأساس على لسان كل من رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، الجنرال هرتسي هليفي، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ("أمان")، اللواء أهارون حليفا، جدلاً حول عدة قضايا ساخنة، برزت من بينها القضيتان التاليتان:
سلّطت آخر المستجدات في إسرائيل الأضواء مرة أخرى على مجموعة اليهود الحريديم المتشددين دينياً، ما يحتّم علينا المرة تلو الأخرى العودة إلى بعض الأدبيات البحثية حولهم والتي من شأنها في الوقت ذاته أن توضّح الكثير من النقاط الدالة على المشهد السياسي الإسرائيلي الراهن، ولا بُدّ من القول بداية إن قسماً كبيراً من هذه الأدبيات سبق أن تعامل معها "مركز مدار"، سواء من حيث ترجمتها إلى العربية، أو من خلال استخدامها في كتابة مواده العديدة بما في ذلك مواد "المشهد الإسرائيلي".
يمكن القول إن الجوّ العام السائد في إسرائيل في إثر الانتهاء من عملية "درع وسهم" العسكرية (9- 13 أيار 2023)، التي شنها الجيش الإسرائيلي ضد قطاع غزة واستهدفت بحسب السردية الإسرائيلية حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني، هو التباهي بتنفيذ عملية عسكرية ناجحة، تمكنت بواسطتها أيضاً من إشهار قدرات استخباراتية وعملانية باهرة، وهو ما تثبته حقيقة إلحاق ضرر كبير بالقيادة الميدانية للحركة المذكورة.
عاد مصطلح "الشرق الأوسط الجديد" ليتصدّر التحليلات السياسية الإسرائيلية في ضوء آخر المستجدات الإقليمية التي تنبئ بحدوث ما تصفه إسرائيل بأنه انفراج، ولا سيما المصالحة السعودية الإيرانية، ومساعي عدد من الدول العربية لتطبيع علاقاتها مع سورية وإعادة هذه الأخيرة إلى الجامعة العربية.
الصفحة 12 من 48