اعتاد الزعماء الإسرائيليون والأميركيون على امتداح الصداقة الرائعة في العلاقات الخاصة التي تربط بين البلدين. وما يؤكد ذلك كثرة اللقاءات على مستويات عالية والمساعدات العسكرية الأميركية السخية لإسرائيل والتعاون السياسي والإستراتيجي. ولكن في نظر معظم الإسرائيليين يبدو اللقاء الأول مع الإدارة (السلطات) الأميركية وممثليها أقل ودية وحرارة. فهو يتم في الطابور لاستصدار تأشيرة الدخول ("الفيزا") التي يتعين على كل مواطن إسرائيلي يرغب في زيارة الولايات المتحدة التزود بها. فإسرائيل ليست مدرجة في قائمة الـ 27 دولة المفضلة وغالبيتها دول أوروبية، التي أعفي مواطنوها من الحصول على هذه التأشيرة لزيارة الولايات المتحدة.
في الثلاثين من آذار الماضي، وبعد يومين من المداولات والمشاورات، اختتم مؤتمر القمة العربية الذي عقد في العاصمة السورية، دمشق. وكما هو معروف فإن مؤتمرات قمة رؤساء وملوك الدول العربية تعقد بشكل منتظم منذ العام 1964 بمعدل مرة كل سنة أو سنة ونصف السنة. مع أن هذه "القمم" غير منصوص عليها في ميثاق جامعة الدول العربية كمؤسسة رسمية ودائمة، إلا أنها تحولت بمرور السنوات لتصبح أهم مؤسسة عربية وذروة عمل ونشاط الجامعة العربية. وفي هذا السياق فإن مؤتمرات القمة تشكل نوعاً من التأكيد الرمزي لمبدأ "الوحدة العربية".
اتخذت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي مؤخراً قراراً جاء فيه: في أي نقاش أو بحث في مسألة اللاجئين الفلسطينيين يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار أيضاً يهود الدول العربية الذين اقتلعوا من بلدانهم.
يدفع التصعيد الأخير في المواجهة العسكرية في قطاع غزة، في اتجاه البحث عن إستراتيجيات بديلة تجاه التحدي الغزي، واختيار إستراتيجية تتيح إيجاد فرصة أفضل لإنجاز الأهداف المنشودة.
في ما يتعلق بقطاع غزة، فإن هدف إسرائيل المحدد، هو إيقاف إطلاق الصواريخ على المناطق المأهولة داخل الأراضي الإسرائيلية، علماً بأن إنجاز هذا الهدف في المدى القريب، لا يعني إمكان الإبقاء عليه بالضرورة، على المدى البعيد. لذا، يتمثل تعريف الهدف الإسرائيلي على نحو أفضل، في الوصول إلى حالة من الاستقرار بعيدة المدى، لا تشهد إطلاقاً للصواريخ، ومن دون تهديدات من نوع آخر، انطلاقاً من قطاع غزة.
في الوقت الذي تحث فيه الإدارة الأميركية إسرائيل والفلسطينيين على التوصل، حتى نهاية هذا العام- 2008، إلى اتفاقية إطار تحدد ملامح الدولة الفلسطينية وتعالج جميع القضايا الجوهرية، ومن ضمن ذلك ما يصفه الفلسطينيون بـ "حق العودة"، فإن هناك بلا شك أهمية- ولو رمزية-للعمل السياسي في واشنطن بشأن واحدة من المسائل التي نادرا ما بحثت حتى الآن، ألا وهي مصير اليهود المهاجرين من الدول العربية، والذين عانوا خلال الأجيال والعقود الأخيرة من ملاحقات واضطهاد واقتلاع من بيوتهم وفقدان لممتلكاتهم.
خلقت الصحف الإسرائيلية، خلال الفترة القليلة الفائتة، موجة من الحنين المفتعل لرئيس الحكومة السابق أريئيل شارون [بمناسبة عيد ميلاده الثمانين- المحرر]. وقد حفلت هذه الصحف، خاصة "معاريف" و"يديعوت أحرونوت"، بأعمدة طويلة مليئة بالتباكي والكلام العاطفي المفعم الذي أنشأه كل من رئيس الحكومة الحالية (أيهود أولمرت) ووزيرة خارجيته (تسفي ليفني)، كما لو أنهما أرادا بذلك تسديد دين للزعيم الذي وصلا برعايته إلى حيث وصلا، إلى قمة الحكم.
الصفحة 6 من 119