منذ مؤتمر جنيف في كانون الأول 1973 والشرق الأوسط يعيش حالة من التوتر حيال مسألة: هل سيشارك "الولد المشاكس" في السياسة العربية (أي سورية) في اللقاء المرتبط بعملية السلام، أم لا؟ في السنوات الأخيرة، وبمقدار ما راحت سورية تنخرط أكثر في المحور الذي تتزعمه إيران، أضحى هذا السؤال اقل إثارة، ومع ذلك فقد عاد السؤال، تمهيداً للقاء أنابوليس، ليطرح مجدداً على بساط البحث: هل ستشارك سورية في اللقاء، وإذا كان الرد بالإيجاب، كيف سيكون مستوى تمثيلها؟
تعريف:
هنا رأيان متناقضان بشأن موضوع اعتماد دستور لإسرائيل. وقد عاد هذا الموضوع إلى الصدارة مؤخرًا على أثر إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية، لدى افتتاح الدورة الشتوية للكنيست، أنه سيدفع قدمًا مساعي وضع دستور ليكون بمثابة هدية بمناسبة "الاحتفال بمرور 60 عامًا على إقامة إسرائيل".
يخيل لي أنه لا يوجد اليوم في إسرائيل شخص واحد لا يدرك شمولية وتعدّد مجالات "الشرخ الإسرائيلي"، حيث مظاهر الفساد السياسي، إخفاقات جهاز التعليم، أزمة الجامعات، فقدان الثقة بالجيش، اهتزاز الأوضاع في الشرطة، المساومات في جهاز القضاء، الاكتظاظ المريع في المستشفيات، الفقر المدقع الذي يعانيه ثلث الأطفال في إسرائيل، القتل على طرق البلاد، ضرب السكاكين في الشوارع والنوادي الليلية وتدمير جودة البيئة.
فترة عاصفة جدًا في انتظار الولاية الثانية لحكم "حزب العدالة والتنمية"!
في الانتخابات الأخيرة التي جرت في تركيا صوت نصف الناخبين تقريبا لصالح استمرارية الحكم، فقد فاز الحزب الحاكم، "حزب العدالة والتنمية" (AKP) مجددًا بأغلبية كبيرة في البرلمان تتيح للحزب الإنفراد في الحكم دون شركاء ائتلافيين. ويتمتع الحزب بأغلبية مطلقة من مقاعد البرلمان (340 مقعدا من أصل 550 مقعدا) على الرغم من أنه حدث تراجع معين في عدد المقاعد التي فاز بها الحزب. وقد نتج هذا التراجع عن طريقة الانتخابات التركية ودخول حزب آخر إلى البرلمان مقارنة مع حزبين فقط في الدورة السابقة. الحزب الثاني الممثل في البرلمان المنتهية ولايته، وهو "حزب الشعب الجمهوري" (CHP) القديم الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك، بقي أيضا بعد الانتخابات الأخيرة الحزب الأكبر الثاني في البرلمان ولم يطرأ تقريبا أي تغيير على نسب التأييد التي حصل عليها (21% من الأصوات). جنبا إلى جنب، هناك أيضا عناصر تغيير عبرت عن نفسها في نتائج الانتخابات.
ما زالت أوساط المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في حيرة إزاء مسألة كيفية التعاطي مع الوضع غير الواضح الناشئ في مناطق الضفة الغربية. وخلافاً للوضع المتبلور في قطاع غزة في أعقاب سيطرة حركة "حماس" بقوة السلاح على السلطة هناك، والذي لا يواجه الجيش الإسرائيلي مشكلة في فهمه وطريقة التعاطي معه، فإن الوضع في الضفة الغربية مختلف، ويمكن وصفه بالضبابي، حيث تسود حالة من الغموض السياسي والغموض الوطني الفلسطيني، وبالتالي غموض تنفيذي من ناحية الجيش الإسرائيلي.
شيئاً فشيئاً، وعلى حين غرة، انقلبت الدوائر وعاد ليحلق مجدداً في سماء الشرق الأوسط عامل الردع العسكري الإسرائيلي بعدما كان قد انحدر إلى دركٍ غير مسبوق نتيجة للثمار البائسة لحرب لبنان الثانية. في البعد المتعلق بالمعطيات الواقعية، لم تتغير المعطيات الأساس في موازين القوى في المنطقة، وباستطاعة الملم بالتفاصيل أن ينعش الفرضية القائلة بأن التفوق النوعي لإسرائيل ما زال قائماً على حاله، إن لم نقل إنه ازداد.
الصفحة 10 من 119