المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

اتخذت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي مؤخراً قراراً جاء فيه: في أي نقاش أو بحث في مسألة اللاجئين الفلسطينيين يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار أيضاً يهود الدول العربية الذين اقتلعوا من بلدانهم.

لا شك في أن هذا القرار مؤيد لإسرائيل، ويهدف إلى مساعدتها في التصدي لمطلب عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى (مدنهم وقراهم) داخل إسرائيل. فمطلب العودة يهدف إلى تدمير دولة إسرائيل عن طريق إغراقها بالفلسطينيين، وهو ما يؤمل به العرب، طوال ستين عاماً خلت، الفلسطينيين الذين غادروا البلاد خلال حرب "الاستقلال" (1948)، مكرسين مكوثهم في المخيمات بدلاً من توطينهم. لذا ينبغي الإشادة برغبة أعضاء مجلس النواب الأميركي بالمساعدة في صد هذا الإدعاء والمطلب الفلسطيني. لكن على الرغم من ذلك فإنني أعتقد أن هذا القرار إشكالي للغاية، وذلك لأنه يقوض الحقيقة الصهيونية ويعمل في غير صالحها. إن التعاطي مع المهاجرين إلى "أرض إسرائيل" من دول الشرق (الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) كلاجئين اقتلعوا من بلدانهم، يتنافى مع الحقيقة الصهيونية، التي لا تنظر إلى تلك البلدان التي عاش فيها يهود الشرق على أنها "أوطانهم"، وإنما وطنهم هو "أرض إسرائيل"، وبالتالي فإنهم ليسوا "لاجئين اقتلعوا من وطنهم" بل مهاجرون قدموا إلى وطنهم.. إضافة إلى ذلك فإن دولة إسرائيل أقيمت، وهي قائمة، حتى يهاجر إليها يهود العالم ويجسدوا فيها حق تقرير المصير للشعب اليهودي، حقه الطبيعي والتاريخي في دولة قومية في وطنه. فنحن لا نستطيع الادعاء أن دولة إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، أو أن نعمل من أجل الهجرة، وأن نقول في الوقت ذاته إن اليهود الذين هاجروا إلى البلاد هم "لاجئون اقتلعوا من أوطانهم"؟!

وكان تيار ما بعد الهستوريوغرافيا المناهض للصهيونية قد شطب مصطلح "علياه" (الذي يعني في أصوله العبرية "الهجرة إلى أرض إسرائيل") واستبدله بمصطلح "هغيراه" أي هجرة، واستناداً إلى ذلك اتهم هذا التيار الزعامة الصهيونية باستغلال مشكلة اللاجئين بشكل ماكر وخبيث تحقيقاً لأغراضها السياسية، وهذا ما فعلته مثلا عيديت زرطال في كتابها "الأمة والموت".

في قصيدته "عن الولد أبراهام" يرفض الشاعر نتان ألترمان التعاطي مع الناجين من المحرقة النازية كلاجئين، فإذا كان هؤلاء "الناجون" الذين "هاجروا إلى أرض إسرائيل" غير لاجئين، فما بالكم عندما يدور الحديث عن المهاجرين من الدول العربية؟. عندئذٍ سيقول العرب: إذا كان هؤلاء لاجئين فليعودوا إلى بلدانهم، وليعد الفلسطينيون إلى وطنهم.

وكان (ياسر) عرفات نفسه قد دعا إلى إقامة "دولة علمانية ديمقراطية" يبقى فيها اليهود (وذريتهم) الذين عاشوا في البلاد (فلسطين) قبل صدور وعد بلفور (1917). يتعين علينا أن نتصدى لمطلب الفلسطينيين بـ "العودة"، ولكن ليس بمبررات وحجج يمكن أن تتحول إلى سيف ذو حدين.

إن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين هي نتاج مباشر لحرب وعدوان العرب في سنة 1948، والمعتدي هو الذي يتحمل كامل المسؤولية عن نتائج عدوانه.

إسرائيل لا تتحمل أي مسؤولية عن هذه المشكلة وعليه فهي (أي قضية اللاجئين) ليست جزءا من الحل. علينا أن نقول هذه الحقيقة البسيطة دون أن نقحم أنفسنا في إدعاءات وحجج، مثل إدعاء "اللاجئين اليهود من الدول العربية" الذي يعتبر اللجوء إليه بمثابة تسجيل "هدف ذاتي".

____________________________________

* الكاتب من أسرة موقع "أوميديا" الإلكتروني ذي الميول اليمينية المحافظة. المقال ترجمة خاصة بـ "المشهد الإسرائيلي".

المصطلحات المستخدمة:

الصهيونية

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات