وجد محللون إسرائيليون كثيرون، ولا سيما المتخصصين منهم في تشريح العلاقات الإسرائيلية الأميركية، في بعض الوقائع الأخيرة مؤشرات إلى تباين في موقفي البلدين حيال حرب الإبادة الجماعية والتدمير الشاملة على قطاع غزة التي دخلت شهرها الخامس قبل أقل من أسبوع. ويتعلق هذا التباين، أساساً، بسير الحرب واتجاهاتها المتوقعّة من جهة، وبالمسار المتعلق في ما يوصف بـ "اليوم التالي" للحرب من جهة أخرى.
قالت تقارير إسرائيلية إنه لن يكون مفر أمام البنوك الإسرائيلية إلا إغلاق حسابات المستوطنين، الذين فرضت عليهم الإدارة الأميركية عقوبات، بسبب جرائم ارتكبوها ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، فيما قالت التقارير ذاتها، استنادا لتصريحات أميركية، إن القرار الذي شمل 4 مستوطنين قبل أقل من أسبوعين، قد يكون بداية قائمة سوداء بيد الإدارة الأميركية، فبنوك إسرائيلية كبيرة كانت قد تورطت قبل 10 سنوات بخروقات اقتصادية كلفتها غرامات ضخمة بلغ مقدارها 1.34 مليار دولار، دفعتها للسلطات الأميركية، وهي لن تغامر مجدداً.
بتاريخ 4 شباط 2024، صادقت الحكومة الإسرائيلية على استمرار التمويل غير المباشر للبؤر الاستيطانية الزراعية في أراضي الضفة الغربية. ومنذ عدة سنوات، تشكل البؤر الاستيطانية الزراعية أداة استراتيجية جديدة للسيطرة على مساحات كبيرة من أراضي الضفة الغربية. وتأخذ هذه البؤر شكلان: بؤر استيطانية لزراعة النباتات (agricultural outposts) بالإضافة إلى بؤر استيطانية رعوية (Shepherds outposts). هذا التقرير يرصد آخر التطورات في قضية البؤر الاستيطانية الزراعية.
حظيت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بإجماع واسع النطاق داخل المجتمع الإسرائيلي بمختلف تياراته وتوجهاته وفئاته، وذلك منذ يومها الأول، وكان من أبرز تمثّلاته التشجيع واسع النطاق، والدعم المطلق للمستويين السياسي والعسكري في الأهداف التي تم تبنّيها في الأيام الأولى، والتشجيع على الانتقام وارتكاب المجازر وعمليات الإبادة في قطاع غزة، ناهيك عن تصريحات بعض السياسيين، وما شهدته أستوديوهات التحليل في الفضائيات والمقابلات في وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها من عمليات تحريض على القتل والإبادة الجماعية واستخدام السلاح النووي وغير ذلك.
الصفحة 47 من 859