مع بدء الأسبوع السابع عشر لحرب التدمير والإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، ازداد الاهتمام أكثر فأكثر في إسرائيل بما يلي: 1- النتائج التي تم تحقيقها على طريق إنجاز الغايات الموضوعة لها؛ 2- تشريح سلوك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وما الذي يسعى إليه ويتطلع نحوه والدوافع الواقفة وراء ذلك وعدم توافقها مع ما يتم تداوله بشأن "جدول الأعمال الأميركي" للحرب؛ 3- درس إلى أي مدى يشكّل التغاضي أو التنائي عن اعتماد خطة لما يوصف بأنه "اليوم التالي" للحرب بمثابة عامل عرقلة أمام إمكان تحقيق إنجاز استراتيجي لللمعارك.
يتصاعد الجدل، في الشارع الإسرائيلي، حول مجريات الحرب من عدة جوانب، وفي اتجاهين مركزيين: أصوات التطرف الداعية لاستمرار الحرب، وتعزيز الضربات، وتشديدها أكثر على قطاع غزة، وهي الأقوى، وثانيا حملة عائلات الرهائن في قطاع غزة، المتصاعدة هي أيضا، وممكن الافتراض أن جمهور مؤيدي هذه الحملة في الأساس، هم من معارضي حكومة بنيامين نتنياهو، بمعنى الجمهور الذي يرتكز عليه أيضا التحالف الانتخابي الذي يقوده بيني غانتس، "المعسكر الرسمي"، واختار الانضمام إلى حكومة الحرب، التي طال عمرها، مع إطالة الحرب، التي لا يلوح في الأفق أي سيناريو لوقفها، ما يعني استمرار "حالة الحرب"؛ وبموجب الاتفاقية مع كتلة غانتس فإن حكومة الحرب تستمر طالما استمرت حالة الحرب.
في مساء يوم الأحد 28 كانون الثاني الحالي، انعقد مؤتمر استيطاني حضره وزراء إسرائيليون، وآلاف الناشطين اليمينيين، وعشرات المنظمات المدنية، ومجالس المستوطنات. وبينما أن التيار الاستيطاني في إسرائيل بدا في العقود الأخيرة تياراً توراتياً (أي: توراة إسرائيل تدعو إلى الاستيطان)، فإن هذا المؤتمر يشير إلى تحول نحو الخطاب القديم- الجديد الذي يعرفه الشارع الإسرائيلي منذ العام 1967 (أي: أمن دولة إسرائيل داخل 1948 يتحقق من خلال الاستيطان المدني).
مع استمرار امتناع بنيامين نتنياهو عن مناقشة ما بات يُعرف إسرائيلياً بـ "اليوم التالي للحرب"، يزداد الاهتمام الإسرائيلي الداخلي بمناقشة السيناريوهات والتصورات الإسرائيلية لمستقبل قطاع غزة وفق التصورات الإسرائيلية. من ناحية، هناك توجه يدفع باتجاه السعي لإخراج إسرائيل من "الورطة" أو "المصيدة" باللجوء إلى إنهاء القتال والتوصل إلى صفقة تبادل أسرى بما يضمن المصالح الإسرائيلية على كافة المستويات. من ناحية ثانية، يُصرّ التوجه السائد على ضرورة استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة حتى تحقيق أهداف إسرائيل العسكرية والسياسية مع تبنّي نهج تفضيلي بين جنوب وشمال القطاع.
الصفحة 50 من 859