كتب اسعد تلحمي:
بعد اسبوعين من الاستقرار في وضع "الليكود" في استطلاعات الرأي العام، التي ابقته على خسارته (6 مقاعد) رغم "فضيحة الكراسي"، جاءت استطلاعات الرأي الجديدة التي نشرتها صحيفتا "هارتس" و "معريف" واذاعة الجيش الاسرائيلي (2 كانون الثاني)، لتقول ان وقف التدهور في شعبية حزب السلطة لم يكن حقيقيا، حتى لو توقف النشر في وسائل الاعلام بشكل مؤقت، في صالح "الملف العراقي".
فقد اظهرت الاستطلاعات الثلاثة الجديدة خسارة اضافية لـ "الليكود" بما يعادل 2 – 4 مقاعد، لكن المثير حقا ان حزب "العمل" لم يستفد بالمرة من هذه الخسارة، وما زال يراوح في مكانه مع 21-22 مقعدا فقط. وهي معطيات كافية لأن تلف طواقم "العمل" الانتخابية بالاحباط المقرون بالتسريبات الصحفية عن صراعات داخل قيادة الحزب، وعدم تسليم البعض، وبخاصة زعيمه السابق بنيامين بن اليعيزر، بقيادة عمرام متسناع.
بالمقابل، استعادت حركة "شاس" جزءا من قوّتها بفضل تجند زعيمها السابق ارييه درعي في صالح جهوده الانتخابية، امتثالا لطلب الزعيم الروحي للحركة الراب عوباديا يوسيف.
* استطلاع "هارتس"
شمل الاستطلاع الاسبوع الذي تقوم به شركة "ديالوغ" باشراف البروفيسور كميل فوكس عينة تمثيلية لاصحاب حق الاقتراع، اليهود والعرب، مكونة من 527 شخصا، وقد جرى يوم الثلاثاء الماضي. ثم اجرت الشركة استطلاعا اخر مساء الاربعاء بهدف فحص النتائج الواردة في الاستطلاع الاول والتأكد مما وصفته بـ "الدلالات الدراماتيكية" التي جاء بها.
اهم هذه الدلالات ان "الليكود" يتراجع من 35 مقعدا جاء بها استطلاع الاسبوع الماضي الى 31 مقعدا، فيما يحافظ "العمل" على المقاعد الـ 22 التي كانت بحوزته قبل اسبوع. وقسمت باقي المقاعد على القوائم التالية (مع الاشارة بين اقواس الى المقاعد التي حصلت عليها كل قائمة في الاستطلاع الماضي):
شاس – 11 (8)، ميرتس – 9 (7)، يسرئيل بعلياه – 4 (4)، شينوي – 14 (15)، المفدال – 6 (5)، الاتحاد القومي – 7 (7)، عام احاد – 3 (2)، يهدوت هتوراه – 5 (5)، القائمة العربية الموحدة – 4 (4)، الجبهة والعربية للتغيير – 4 (4). وافترض الاستطلاع الاخير الا يخوض "التجمع الوطني الديموقراطي" برئاسة النائب عزمي بشارة الانتخابات نتيجة قرار لجنة الانتخابات المركزية شطبه (ينظر الثلاثاء القادم في المحكمة العليا).
وعلى رغم خسارة"الليكود" اربعة مقاعد خلال اسبوع وعشرة مقاعد خلال شهر، أي منذ انتشار رائحة "فضيحة الكراسي"، لم يأت الاستطلاع الجديد بنتيجة جديدة من حيث ميزان القوى بين معسكري اليمين واليسار والعرب. فأحزاب اليمين والمتدينون المتطرفون ما زالت تحوز على غالبية من 64 مقعدا مقابل 39 لمعسكر اليسار و 17 لمعسكر الوسط المتمثل بحزبي "شينوي" و "عام احاد".
ويمكن القول ان النتائج الجديدة لن تفاجىء اقطاب "الليكود" وإن كانت تقلقهم حتما. فقد توقعوا هذا الانهيار بل هم يخشون انهيارا اكبر لقناعتهم ان الاعلام الاسرائيلي لا بد ان يعاود الانشغال بالمعركة الانتخابية بعد ان استنفذ ما عنده من تقارير وتصريحات وتوقعات حول اسقاطات الحرب الامريكية المحتملة ضد العراق على الدولة العبرية. ويبدو هؤلاء قانعين بأن الاسابيع الاربعة المتبقية على موعد الانتخابات (28 يناير) ستحفل بالمزيد من العناوين المتعلقة بملف الفساد والكشف عن فضائح اخرى، كما حصل فعلا عند الكشف عن ضلوع عومري شارون بعملية انتساب 800 عنصر لحدي الى "الليكود" لدعم والده في منافسته امام بنيامين نتنياهو على زعامة الحزب، ثم سلوك نائبه وزير البنى التحتية نعومي بلومنتال المستهجن وصمتها اثناء استدعائها لمكاتب وحدة الغش والخداع في الشرطة الاسرائيلية للتحقيق معها في تورطها بشراء الاصوات. يضاف الى ذلك العنوان الصارخ في "يديعوت احرونوت" (2 يناير) عن الاشتباه بضلوع النجل الثاني لشارون – غلعاد – في صفقات مشبوهة بمبلغ ثلاثة ملايين دولار.
وحسب الاستطلاع فان ثلاثة من المقاعد الاربعين التي يخسرها "الليكود" صبت في مصلحة "شاس" ليس بفضل "نقاء يديها"، فقد اعتبرها الاسرائيليون اكثر الاحزاب فسادا، بل لتجند درعي الذي ما زال يحظى بشعبية واسعة في اوساط "الحرديم" وفي الوقت ذاته عودة انصار الحركة "الزعلانين" الى قواعدهم لوقف تضخم عدوهم اللدود حزب "شينوي"، الذي يرفع لواء كراهية "شاس".
اما المقعد الرابع فاستفاد منه حزب "المفدال" غير الموصوم بالرشوة والفساد وهو حظب متطرف سياسيا على نحو يعتبره ناخبو "الليكود" المستاؤون من فضيحة الرشوة ملاذا لهم.
واذ يتبين ان قيام شارون بتنحية نائبة الوزير نعومي بلومنتال من منصبها ليظهر نظيفا واخلاقيا وحريصا على القانون لم يفده في وقف تدهور حزب بعد ان رأى الاسرائيليون في خطوته هذه عرض عضلات على نائبة ضعيفة ليس لديها معسكر يحميها، يتوقع ان تتجه جهوده من الان لمحاربة "شاس" و "المفدال" و "الاتحاد القومي" التي يمكن ان تشكل بديلا لخائبي الامل من "الليكود".
وتعني التنقلات داخل احزاب اليمين ان "الليكود" سيواجه مشكلة جدية في حال كلف زعيمه تشكيل الحكومة القادمة. وعلى رغم توفر غالبية من 64 نائبا يمينيا فان شارون سيكون تحت رحمة "الاتحاد القومي" وقطبيه المتطرفين افيغدور ليبرمان (الذي يدعو الى قصف مقر الرئاسة السوري وسد اسوان واعادة احتلال جنوب لبنان) وبيني الون صاحب الطرح العنصري بتنفيذ سياسة ترحيل الفلسطينيين من وطنهم. ومثل هذا الاحتجاج يجعل شارون "يتمنى" على قيادة "العمل" العودة الى حظيرة (حكومة) وحدة وطنية تكون قادرة على العيش حتى انتهاء ولايتها القانونية العام 2007.
ويبني شارون حساباته ايضا على حقيقة ان "العمل" لن يكون قادرا على تهديده بتشكيل حكومة برئاسته. فرغم انحسار شعبية "الليكود" فان "العنل" يبدو عاجزا مرة اخرى عن اختراق سقف الـ 21-22 نائبا، فيما حليفه "ميرتس" يحافظ في احسن الاحوال على تمثيله البرلماني الحالي.
* استطلاع "معريف"
اما استطلاع "معريف" الاسبوعي الذي يجريه معهد "هغال هحداش" لحسابها فقد افاد بتراجع "الليكود" و "العمل" و "شينوي" لكنه يأتي بنتيجة مماثلة لاستطلاع "هارتس" حول فوز احزاب اليمين بغالبية 64 مقعدا.
وحسب الاستطلاع الذي شمل عينة من 1367 شخصا من اصحاب حق الاقتراع يحصل "الليكود" على 34 مقعدا و "العمل" – 21، "شينوي" – 12، "شاس" – 9، "الاتحاد القومي" – 9، "القائمة العربية الموحدة" – 5، "الجبهة – التغيير" – 3، "التجمع الوطني الديموقراطي" – 3.
* استطلاع اذاعة الجيش
ويهبط "الليكود" بموجب استطلاع اذاعة الجيش بمقعدين عما حصل عليه في الاستطلاع الماضي ويحصل على 34 مقعدا كما يهبط "العمل" من 24 الى 22 مقعدا و "شينوي" من 13 الى 12 ويترفع عدد مقاعد "شاس" الى 10 مقاعد.
وتناول الاستطلاع احتمال ان تقر المحكمة العليا قرار لجنة الانتخابات المركزية شطب "التجمع" ومنع ترشيح عزمي بشارة واحمد الطيبي وافاد ان 39% فقط من المواطنين العرب سيشاركون في عملية التصويت "في كل الحالات" ، فيما اعلن 37% انهم سيقاطعونها في حال اقرت المحكمة الشطب ولم يحسم 24% موقفهم بعد.