استبعدت مصادر في ديوان رئاسة الوزراء الاسرائيلية أن يتم ترتيب لقاء قريب بين ارئيل شارون والرئيس الأمريكي جورج بوش، قبل أن يستكمل الأول مشاوراته وينجح في تشكيل حكومة جديدة في اسرائيل.
وقال مستشار شارون الصحفي ان ما نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية (هآرتس، الجمعة 31 كانون الثاني) حول طلب مكتب ارئيل شارون طلب عقد اجتماع قريب مع الرئيس الامريكي ليس صحيحاً. لكن الاتصالات الاسرائيلية - الامريكية مستمرة حول خطة جورج بوش بشأن الشرق الاوسط، التي عرضها في خطابه من الرابع والعشرين في حزيران 2002، وتستعد لها اسرائيل في ضوء تواصل التصعيد الامريكي لشن حرب على العراق.
وذكرت مصادر صحفية اسرائيلية ان ادارة الرئيس بوش ترغب بتأجيل الاعلان الرسمي عن "خريطة الطرق " حتى ينتهي شارون من تشكيل حكومته الثانية.
ويرغب ارئيل شارون بالتباحث مع بوش في "صيغة اسرائيلية" للرد على "خريطة الطرق" التي طورتها "الرباعية"، وهو يحرص في مشاوراته الائتلافية على الظهور كصاحب برنامج سياسي وكراغب بالتقدم في العملية السياسية حيال الفلسطينيين، ويحرص باستمرار على الظهور بمظهر "المتفاهم" مع الادارة الامريكية في الموضوع السياسي. لذلك يستبعد المحللون ان يلجأ شارون الى حكومة يمين متطرفة مع افيغدور ليبرمن، حتى يتسنى له ضم حزب "العمل" الى حكومة وحدة وطنية مستعدة للذهاب الى الحل السياسي وفق الخطوط العريضة للبرنامج الامريكي.
لكن "هارتس" نقلت عن مصدر سياسي في الوزارة الاسرائيلية قوله انه "لا مانع في ان يزور شارون الولايات المتحدة قبل استكمال مهمته الوزارية".
وتنتظر الادارة الامريكية الاعلان عن تركيبة الحكومة الاسرائيلية الجديدة التي ستكون بمثابة الرد الاسرائيلي المحتمل على الخطة الامريكية.
وتحاول الدبلوماسية الاسرائيلية الايحاء بأن شارون مقبل في الشهور القريبة على اتخاذ قرارات حاسمة في المجال السياسي. واهتمت هذه المصادر، كما شارون نفسه، بنشر تلميحات بأنه راغب في استغلال دورة حكمه الثانية لتهدئة الصراع مع الفلسطينيين. وهذا ما يفسر اعلانه قبل الانتخابات الاسرائيلية انه موافق على "خريطة الطرق" ولكن بتعديلات اسرائيلية اخرى عليها. وقد شكل لهذه الغاية طاقما خاصا لبلورة برنامج سياسي، وهو يحرص على الظهر علانية كمن ينفر من تحالف محتمل مع اليمين المتطرف في حكومته القادمة، وبالتحديد مع "الاتحاد القومي" بقيادة افيغدور ليبرمن.
لكن احد كبار المعلقين السياسيين الاسرائيليين يرى ان شارون "يقاس بموجب افعاله لا تصريحاته". وكتب عوزي بنزيمن في "هارتس" (31 كانون الثاني) ان الانطباع الذي يحاول شارون خلقه بوجود وجهة سياسية له مع الفلسطينيين قد يكون تظاهريا فقط. ومن الواضح ان الاقوال التي يدلي بها خلال فترة المفاوضات الائتلافية تكتيكية فقط، وترمي الى تحسين قدرته على المناورة. "مع ذلك يجب ان نتذكر – يكتب بنزيمن – ان هناك واقعا يحيط بمعرض الترهات الذي يطلقون فيه الصرعات الاعلامية، وهو يتطلب الاعتناء. هناك ازمة اقتصادية تقلق رئيس الحكومة كثيرا، وهناك <ارهاب> فلسطيني لا ينتهي، وهناك جدول زمني امريكي وهناك التزام من شارون بالتجاوب مبدئيا على الاقل مع تطلعات الرئيس بوش. هذه المعطيات لم تحرك رئيس الحكومة حتى الان لاتخاذ قرارات قاطعة، لكن وزنها يتزايد، وقد يصل الى كتلة كبيرة تضطره الى الحسم. ولعل الجهود التي يبذلها لتشكيل حكومة عريضة تشير الى انه مدرك لما هو قادم ويسعى لخلق مناخ جماهيري وتوفير غطاء سياسي تعطيه الدعم في ساعة القرار. في الوقت ذاته، قد تكون خطواته ترمي الى ارساء حكومة فيها تناقضات ايديولوجية تعطل بعضها البعض وبذلك يخلق لنفسه مبررا للمحافظة على الوضع القائم".