المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • مقالات مترجمة
  • 1263

التناظر السياسي غير عادي. عام الانتخابات 1992 يشبه في جوهره العام الانتخابي الحالي الذي يجري بعده بعشر سنوات ويوشك علي الولوج في بداية عام 2003 . المضامين تبدو كنسخة مكررة بين الماضي والحاضر، الأجواء والشعارات وحرب الخليج كلها متشابهة. والامر الذي يصعب افتراضه وفقا للاستطلاعات اليوم هو ان تكون النتيجة النهائية مشابهة اذ تمخضت انتخابات عام 1992 عن فوز ساحق لحزب العمل برئاسة اسحق رابين الذي حصل علي 44 مقعدا مقابل 32 مقعدا لحزب الليكود.في كانون الثاني (يناير) 1992 كان رئيس الحكومة اسحق شمير، والليكود كان هو الجواد الذي يمتطيه. حرب الخليج وضعت أوزارها بصورة جيدة بالنسبة لاسرائيل وعزز ضبط شمير لنفسه من العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 1991 عقد مؤتمر مدريد الذي أجبرت فيه امريكا رئيس الوزراء الاسرائيلي علي المشاركة وجرت معه كل الشرق الاوسط. بعد سنوات طويلة اجتمع قادة الدول العربية بما فيهم سورية والفلسطينيون في مواجهة ممثلي اسرائيل. هذا الحدث السياسي بني أمالا جديدة في نفوسنا وأوشكنا علي الاصابة بالنشوة. الاستطلاعات منحت الليكود 48 مقعدا والعمل 22 مقعدا.

 

الا ان تدهور الليكود مع اقتراب موعد الانتخابات في حزيران (يونيو) 1992 كان دراماتيكيا ولا يقل عن ذلك سرعة. في شباط (فبراير) اختار الليكود اعضاءه المرشحين للكنيست في مركزه الذي دمر الحزب كله. الحرب الداخلية في الليكود والصفقات والفساد سرعان ما تحولت الي صراع طائفي داخلي. دافيد ليفي سقط للمرتبة التاسعة عشرة في القائمة فاستقال لاحقا من منصب وزير الخارجية بعد ان صرح علي رؤوس الأشهاد ان الليكود يتعامل معه وكأنه قرد نزل عن الشجرة. الا انه عاد وتراجع عن قراره بعد ان ابتز من الليكود اتفاق مصالحة وتفاهم مع شمير.

في الثالث عشر من نيسان (ابريل) 1992 وقبل الانتخابات بشهرين تلقي الليكود الضربة الأكبر. مراقبة الدولة مريام بن فورات نشرت تقريرا خطيرا حول المملكة المثيرة للاشكال التي أدارها شارون في وزارة البناء والاسكان. وتقريرها سرعان ما تحول الي تحقيق في الشرطة وقدم الشخص المقرب من شارون، مدير عام الوزارة اوري شني، للمحاكمة. الانتخابات جرت تحت الشعار الجديد أيها الفاسدون مللناكم . الجمع بين الفساد السلطوي والحزبي والحرب الطائفية الداخلية حطم عدد المقاعد التي حصل عليها الليكود.

في مواجهة الفشل الدوري في الليكود قام حزب العمل بعدة خطوات كانت ذات قيمة حاسمة من الناحية الانتخابية. في التاسع عشر من شباط (فبراير) استبدل الحزب زعيمه في الانتخابات الداخلية وكان ذلك مثابة خطوة مناقضة للوضع السائد داخل الليكود. اسحق رابين أمسك بالخيوط واستطاع خلافا لعمرام متسناع ان يجتذب اليه اليائسين من الليكود من دون أي جهد كان. رابين كان معروفا جيدا بعد مسيرته الطويلة في رئاسة هيئة الاركان ورئاسة الحكومة وكونه وزير دفاع متشدد بصورة خاصة. أما متسناع اليوم فلا يعتبر مرشحا شرعيا لرئاسة الحكومة علي الأقل حتي الآن ذلك لانه جاء من بلدية حيفا. سكرتير الحزب أوفير بينس قال بالامس ان الحزب سيحاول في دعايته الانتخابية ان يبرز متسناع وماضيه العسكري. وهذه مسألة يشك انها ستنجح خلال الفترة الزمنية المحدودة المتبقية.

في عام 1992 واصل رابين خطه اليميني وأضفي الابهام التام علي الفوارق السياسية بينه وبين الليكود. رابين تبني خطة الحكم الذاتي، وقال لا للدولة الفلسطينية ولخطوط 1967 ولتقسيم القدس. حملة الحزب أزالت الأعلام الحمراء وركزت علي اللون الازرق. الحمائم في الحزب وبيريس منهم اختفوا عن الشاشة الدعائية، فراق الامر للخائبين من الليكود، الا ان الرسائل التي أطلقها حزب العمل انقلبت بعد الانتخابات كليا كما يذكر. حزب العمل قال مفاخرا نحن رابين .

اليوم يشعر ناخبو الليكود بالخيبة من كل ما يحدث، الا انهم عالقون في حزبهم أو يبقون في محيطه اليميني علي الأقل منتقلين لشينوي أو للاتحاد الوطني. لم أواجه حتي الآن ليكوديا يقول أنا متسناع ، هذا هو ثمن الرسائل اليسارية جدا والمجهولة التي تدفع بالناخبين الي أحضان المرشح الذي يعتقدون انهم يستطيعون الوثوق به.

شالوم يروشالمي (معاريف)

المصطلحات المستخدمة:

مؤتمر مدريد, الليكود, رئيس الحكومة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات