المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

قبل أسبوع رفع عمرام متسناع الراية البيضاء مستسلماً. حدث ذلك عندما تمخضت محاولته إرغام قادة حزبه على تبني موقف رافض للمشاركة في حكومة وحدة (مع الليكود) عن محاولات من جانب هؤلاء للتمرد بصورة علنية. وكما حصل في الإنتخابات السابقة، تحمل زعيم حزب "العمل" لوحده عبء معركة الإنتخابات في هذه المرة أيضا، حيث تنحى رفاقه جانباً منتظرين فشله. المعجزة الوحيدة التي انتظر الحزب حصولها هذا الأسبوع هي معجزة "الشفقة" من جانب الذين خاب أملهم بحزب "العمل"، فلعل هؤلاء يقررون أخيرا العودة إلى الحزب من منطلق الشفقة والرأفة حتى لا تكون الهزيمة المتوقعة قاسية ومدوية إلى حد كبير.محافل الليكود توقعت من جهتها نسبة تصويت منخفضة في انتخابات الثلاثاء، والتي من شأنها أن تخدم حزب "شينوي" والأحزاب الصغيرة عموماً أكثر من غيرها. وأعربت نفس المحافل عن تقديرها أنه إذا حصل حزب العمل على حوالي 17 مقعدا، فإن متسناع سيستقيل من زعامة الحزب، أما إذا حصل على أكثر من عشرين مقعدا، فإنه (متسناع) سيعلن عندئذ بأنه وحزبه لن ينضما إلى حكومة وحدة برئاسة شارون. في المقابل سيواصل شمعون بيرس، الذي سيحتفل في الـ 16 من آب المقبل بعيد ميلاده الثمانين، دفع حزبه نحو الإنخراط في حكومة الوحدة المقبلة.

من هنا فإن الحكاية تبدأ في الواقع بعد 28 كانون الثاني، إذا تم الإنطلاق من فرضية أن شارون سيعمد إلى تشكيل حكومة ضيقة. عندئذ سيحين وقت البند 135 (أ) من دستور حزب العمل، والقائل: "في حال إخفاق المرشح المنتخب في تشكيل حكومة برئاسته، بما في ذلك في إطار اتفاق ائتلافي يقضي بالتناوب، فإن على الحزب إجراء انتخابات لاختيار مرشحه لرئاسة الحكومة في فترة لا تتجاوز 14 شهرا من تاريخ الإنتخابات العامة للكنيست". هذا يعني أنه سيبدأ فور إعلان نتائج العيّنة التليفزيونية، في العاشرة من ليل 28 الجاري، عد أيام متسناع في منصب رئاسة الحزب، وقد تبدأ في الليلة التالية للإنتخابات العامة انتخابات "البرايمرز" في حزب العمل.

بنيامين بن إليعزر، المعني باسترداد ما أخذ منه زوراً وبهتاناً كما يعتقد، وضع أمام شارون عدة شروط ممكنة لإنضمام حزب العمل إلى حكومته. ومع ذلك فإن بن إليعزر يدرك أيضا أنه لا يمكنه الإنضمام لحكومة شارون إذا كان يريد التربع مجددا في مقعد زعيم الحزب.

نجل بن إليعزر، أوفير، أخبر مؤخرا عددا من شخصيات الحزب أن أمه (دولي) كانت محقة عندما قالت لأبيه (زوجها) بأنه أخطأ بقبوله تولي منصب وزير الدفاع في حكومة شارون. آرييه روتنبرغ، الخبير الإستراتيجي في حملة متسناع الإنتخابية، يقول بأن أي حكومة يمينية ضيقة لن تصمد لأكثر من ستة أشهر حتى لو استندت لدعم كتلة يمينية مكونة من 65 مقعدا في الكنيست، ويضيف أن شارون بلغ نهاية حياته السياسية.

روتنبرغ سيبقي قصص المؤامرات الداخلية لتخريب حملة متسناع الإنتخابية إلى ما بعد 28 يناير، ويقول إن ما يجب على متسناع القيام به الآن هو عدم التنازل أو التراجع، والإنتظار إلى حين سقوط حكومة شارون.

في حزب متسناع، يتحدثون في المقابل عن اقتراب نهاية الحياة السياسية لزعيم الحزب الجديد. قبل أسبوع تحدث فايتسمان شيري مع شمعون بيرس معرباً عن استيائه من دحره إلى المكان الـ 24 في القائمة، وطالب فايتسمان علناً باستبدال متسناع بشمعون بيرس، الذي ترك الأمور، كعادته، عائمة.

على الجانب الآخر، بدأت في الليكود الصراعات منذ الآن على الحقائب الوزارية في الحكومة المقبلة، وقد ألمح البعض إلى توقعات مفادها أن مئير شطريت لن يُعيَّن وزيراً في الحكومة المقبلة، في حين تلقى روبين ريفلين ودان مريدور وعوداً من شارون بإشغال مناصب وزارية في حكومته المنتظرة.

اللغز الأكبر (بعد 28 يناير) سيكون موقف حزب "شينوي"، فهل سينضم الحزب إلى حكومة شارون الضيقة بدون حزب العمل؟!

لكن الشغل الشاغل لحزب متسناع الذي سيستحوذ عليه بعد 28 يناير هو الإستعداد لخوض سباق انتخابات داخلية جديدة في الحزب.

وتتفق أوساط في الليكود والعمل في تقديرها بأنه لن تقوم حكومة وحدة خلال المرحلة الأولى من عملية تركيب الإئتلاف المقبل.

إن حزب "العمل" الذي تزيد ديونه عن 140 مليون شيكل قد يصل إلى حالة من الإفلاس والعجز التي من شأنها أن تفضي إما إلى انقسام في صفوفه، أو انضمامه إلى الحكومة المقبلة بأي ثمن..

("هآرتس"، 24 كانون الثاني)

ترجمة: "مدار"

المصطلحات المستخدمة:

الليكود, شينوي, الكنيست, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات