هل حقا أن أفيغدور ليبرمان رئيس حزب "يسرائيل بيتينو" هو خارج الإجماع الصهيوني المهيمن؟ وهل هو خارج فلك حزب كديما الحاكم والذي هو مزج بين نهج حزب العمل ونهج الليكود؟ وهل ليبرمان ونهجه أكثر عنصرية من نهج حزب كديما أو حزب العمل، وهذا الأخير صاحب "مدرسة" الديمغرافيا الإسرائيلية بينما حزب كديما هو تعبير عن المزج بين رؤية الأمن القومي الإسرائيلي القائمة على المركبين الأكثر عدوانية وعنصرية: ديمغرافية حزب العمل من ناحية ورفضية الليكود التقليدية لأية تسوية من الناحية الأخرى، وكلا المركبين هما من مركبات اللاءات الإسرائيلية المعهودة والمجمع عليها صهيونيا؟.
إذا كان فرق جوهري فليأت به أحد، وإن لم يكن فلماذا يحصر بعض النواب والساسة العرب وحتى بعض المؤسسات الأهلية وعدد من وسائل الإعلام حملتهم في ليبرمان، ويذهب أحد النواب العرب لحد مطالبة "أخلاقية" فعالة من حزب العمل وكديما للالتزام بالامتناع عن المشاركة في ائتلاف يشارك به ليبرمان. فهل يوهم النائب العربي نفسه أو جماهير شعبنا أنه أقرب في قيمه إلى حزب العمل من حزب العمل الى ليبرمان.
برنامج ليبرمان الانتخابي ونهجه لا يخرجان البتة عن جوهر برنامج حزب العمل، وبرنامجه حتى النهاية يندرج في سياسة حزب كديما وإستراتيجية "التجميع" العنصرية الاستعمارية.
ان من يركز حملته على ليبرمان من باب نزع شرعيته إنما يمنح الشرعية لنهج كديما وحزب العمل سواء شاء ذلك أم لا. أي يقول نعم لأحزاب صهيونية معينة ولا لأحزاب أخرى. وعمليا يتناقض ذلك مع الموقف خلال الحملة الانتخابية: "ولا صوت للأحزاب الصهيونية".
وفي هذا السياق أثار سلوك أحد النواب العرب التساؤلات (أو لم يثرها، يتعلق بوجهة النظر) عندما أطلق غداة الانتخابات مبادرة تهدف كما عنوانها إلى منع ليبرمان وحزب "يسرائيل بيتينو" من دخول الائتلاف الحاكم. والشركاء الذين أرادهم النائب المذكور لهذا الموقف هم حزب العمل وكديما.
وسؤال آخر يطرح هنا هو لماذا نطالب باستبعاد ليبرمان من الائتلاف القائم على الحل الإسرائيلي الصهيوني الأحادي الجانب إذا كان يمثل هذا الإجماع. فهل ليبرمان أكثر عنصرية من جوهر النظام الحاكم والدولة؟ أم انه وليدهما وتعبير عن إعادة إنتاج عنصريتهما؟
أليس من الأفضل لنا ان يكون ليبرمان هو وجه إسرائيل وهو كذلك بدل أن يكون شمعون بيريس، أحد أخطر أقطاب التنظيرات العرقية والديمغرافية الصهاينة، وهو المشرف على تطبيق خطة التطهير العرقي في النقب والتي تحمل اسم "خطة تطوير النقب والجليل"؟ ورغم ذلك يحاول بيريس أن يظهر بمظهر بطل السلام وأن تظهر إسرائيل من خلاله كدولة مسالمة وضحية ضحاياها، نحن الفلسطينيين، في الوطن والشتات.
وبكلمات أخرى، في ظل المعادلة العالمية حيث يتم التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي كما لو كان الاحتلال هو ضحية ضحاياه الفلسطينيين، وحيث يجري التعامل مع الرأي العام الإسرائيلي كما لو جنح نحو السلام، فليس بالضرورة ألا يكون من مصلحتنا ان يكون ليبرمان وزيرا في حكومة إسرائيل، ليشكل التعبير الحقيقي عن إسرائيل الحقيقية والتي لا تستطيع إلا أن تكون ليبرمانية. ومن الأفضل لنا ان يطبق خطة التجميع الاستعمارية والعنصرية ليبرمان إلى جانب بيريس وأولمرت، من الأخيرين وحدهما. فالإدانة للإجماع الحاكم والمهيمن هي بسبب جوهره وليس بسبب نتيجته- ليبرمان.
____________________________
(*) الكاتب مدير "اتجاه"- إتحاد الجمعيات العربية الأهلية في الداخل.