العملية التقليدية التي يتوجه بموجبها ممثلو القوائم البرلمانية المنتخبة تباعا إلى مقر الرئيس الاسرائيلي لإبلاغه باسم المرشح الذي يوصون بتكليفه بمهمة تركيب الحكومة، هذا التقليد اختفى من المشهد السياسي في إسرائيل بعد حملة انتخابات الكنيست الـ 14 في العام 1996. في ذلك الوقت، وكذلك عقب انتخابات الكنيست الـ 15 عام 1999، لم تكن ثمة حاجة لأن يجري الرئيس الاسرائيلي مشاورات مع الكتل البرلمانية، نظراً لأن رئيس الوزراء انتخب في المرتين المذكورتين بصورة مباشرة، في نطاق طريقة التصويت ببطاقتين، واحدة لرئاسة الحكومة واخرى للحزب أو القائمة.
يتوجه (4.7) ملايين ناخب إسرائيلي، إلى (7967) صندوق إقتراع، موزعة في أنحاء إسرائيل، لانتخابات الكنيست السادسة عشرة، بعد مضي أقل من ثلاث سنوات على الانتخابات الماضية. وهذه هي الانتخابات الأولى منذ الانتخابات في العام 1992، التي تجري ببطاقة واحدة بدلا من اثنتين. وقد أعادت هذه العودة إلى بطاقة واحدة التنافس ليكون تنافسًا بين قوائم مرشحين، وليس بين شخصين رئيسيين. وعلى الرغم من ذلك نرى "الليكود" و"العمل" يشددان على المرشحيْن الأولين، كما في الترشيح المباشر لرئاسة الحكومة.ومنذ الاعلان عن تبكير الانتخابات، بدأت الأحزاب وجهات أخرى عديدة، أهمها وسائل الاعلام، بإجراء إستطلاعات بوتيرة عالية، لجس نبض الشارع ومحاولة تخمين عدد المقاعد لكل حزب. ومع الوقت، تحولت هذه الاستطلاعات من وسيلة إلى غاية، وصارت هي المفصل الأساسي في التطورات الحزبية والسياسية. ويعزو الكثيرون هدوء الشوارع والمفارق إلى أن الأحزاب سلّمت نهائيًا بسيطرة الاستطلاعات على العمل الانتخابي الشعبي الكلاسيكي.
وفي اليوم السابق على انتخابات الكنيست السادسة عشرة بدت نتائجها محسومة. وبموجب استطلاع "هآرتس" الذي اجرته شركة "ديالوغ" باشراف البروفسور كميل فوكس، تستقر كتلة اليمين عند اغلبية ثابتة من 67 نائبا، مقابل 37 نائبا لكتلة اليسار و 16 للوسط ("شينوي" و "عام إحاد"). على رغم هذه النتائج الواقعية جدا، لا يزال 14% من الناخبين مترددين لمن سيصوتون في يوم الانتخابات. ولدى سؤالهم عن ميولهم الانتخابية، يحدد 7% منهم الاجابة، و 7% ليسوا مستعدين للاجابة، ما يعني ان هناك ما يعادل تسعة مقاعد "عائمة"، ينتظر ناخبوها المحتملون رؤية التطورات، وسيقررون فقط في اللحظة الاخيرة، على فنجان قهوة في الصباح او خلف الستار. واذا تصرف الناخبون حيال هذه المقاعد التسعة خلافا للقسمة المتعارف عليها، فقد تحدث مفاجأة، لكن احتمالات ذلك ضعيفة.
كذلك فإن نسبة تصويت عالية في الوسط العربي قادرة على تقليص الاغلبية التي تملكها كتلة اليمين. واذا لم تحدث مفاجآت استثنائية، فان الاتجاه العام واضح للغاية: "الليكود" مستقر، مع ارتفاع طفيف، و "العمل" يواصل التراجع، ولكن بنصف مقعد فقط بالقياس مع الاسبوع الماضي، في حين يسجل "شينوي" التراجع الكبير، إذ فقدت حركة يوسف لبيد مقعدين خلال اسبوع، وهي تكاد تتعادل، ليس مع حزب "العمل" - كما حاول "الليكود" القول بالامس لاسباب خاصة به – بل مع "شاس" بالذات، الذي يحافظ على ثباته.
وهناك اهمية حاسمة لحجم هذين الحزبين عند بدء المشاورات لتشكيل الحكومة، وسيكون من الصعب على شارون خرق التحالف التقليدي بين "الليكود" واحزاب "الحرديم" وتشكيل حكومة وحدة علمانية في وقت يجد فيه "شينوي" و "شاس" متماثلان او متشابهان في حجمهما. وحتى لو اراد، سيجد معارضة من كتلته.
ولم ينجح "الليكود" في اجتذاب ناخبين من الاحزاب الصغيرة في كتلته: الاتحاد القومي، المفدال، يسرئيل بعلياه تقوّت جميعها بحوالي مقعد واحد، بالقياس مع الاستطلاع السابق. كذلك فشلت محاولة "العمل" العزف على مشاعر الشفقة وطيبة قلب ناخبيه من العام 1999، الذين ما زالوا مترددين بينه وبين احزاب اخرى. "ميرتس" يستقر عند مقاعده التسعة، كذلك هو الحال مع الاحزاب العربية – اربعة مقاعد للجبهة – التغيير، وثلاثة للتجمع الوطني الديموقراطي، ومقعدان للعربية الموحدة.
أحكمت الحكومة الاسرائيلية الطوق التام على الأراضي الفلسطينية ابتداءً من الأحد وإلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية يوم الثلاثاء 28 كانون الثاني. ويأتي هذا القرار ضمن الاستعدادات الأمنية لحماية عملية الانتخابات في اسرائيل. واتخذت الشرطة اجراءات خاصة بيوم الانتخابات، وجندت لهذه الغاية قوات أمنية معززة يبلغ تعدادها 25 ألف شرطى، يتولون الحراسة الأمنية في صناديق الاقتراع المنتشرة في مختلف أنحاء اسرائيل، والحفاظ على سير الانتخابات دون غش أو تزييف.
لا يستبعد وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز لجوء إسرائيل إلى إعادة احتلال قطاع غزة، في نطاق الحملة العسكرية الشاملة التي تشنها حكومة ارئيل شارون على الشعب الفلسطيني.وصرح موفاز في حديث للإذاعة الإسرائيلية الثانية (26 كانون الثاني) ان هناك مشاورات حول خطة عسكرية بهذا الشأن، "ستقرر الحكومة متى ستخرجها الى حيز التنفيذ".
الصفحة 478 من 489