العملية التقليدية التي يتوجه بموجبها ممثلو القوائم البرلمانية المنتخبة تباعا إلى مقر الرئيس الاسرائيلي لإبلاغه باسم المرشح الذي يوصون بتكليفه بمهمة تركيب الحكومة، هذا التقليد اختفى من المشهد السياسي في إسرائيل بعد حملة انتخابات الكنيست الـ 14 في العام 1996. في ذلك الوقت، وكذلك عقب انتخابات الكنيست الـ 15 عام 1999، لم تكن ثمة حاجة لأن يجري الرئيس الاسرائيلي مشاورات مع الكتل البرلمانية، نظراً لأن رئيس الوزراء انتخب في المرتين المذكورتين بصورة مباشرة، في نطاق طريقة التصويت ببطاقتين، واحدة لرئاسة الحكومة واخرى للحزب أو القائمة.
الآن، وبعد إلغاء قانون الإنتخاب المباشر لرئاسة الوزراء، سيعود رئيس الدولة مجددا إلى صورة تركيب الحكومة. ففي الخامس من شباط المقبل، وبعد نشر النتائج الرسمية لإنتخابات، سيبدأ موشيه قصاب سلسلة مشاورات مع ممثلي الكتل، تستمر أسبوعاً، لكي يستطلع ويتبين هوية المرشح المفضل لدى الكتلة البرلمانية لتولي مهمة تشكيل الحكومة الجديدة.
دور رئيس الدولة في هذه العملية ليس شكلياً فقط، فالقانون لا يفرض عليه بأن ينيط مهمة تركيب الحكومة بعضو الكنيست الذي يترأس القائمة الحاصلة على أعلى عدد من المقاعد في الكنيست المنتخبة، بمعنى أن للرئيس صلاحيات اتخاذ القرار بشأن المرشح الذي سيكلفه بمهمة تشكيل الحكومة.
وبمرور سنوات تكرس تقليد يكلف بموجبه رئيس الدولة بهذه المهمة عضو الكنيست الذي يملك من وجهة نظر الرئيس الحظ الأوفر لتأليف حكومة. وعلى سبيل المثال فقد تردد الرئيس في انتخابات الكنيست العاشرة عام 1984 (حاييم هرتسوغ في حينه) إذا ما كان عليه إناطة المهمة بمرشح "المعراخ" شمعون بيرس، وذلك لأن حزب "الليكود" حصل في نلك الإنتخابات على 41 مقعدا في حين حصل التجمع - المعراخ على 37 مقعدا. ولكن، في المشاورات التي أجراها هرتسوغ مع ممثلي الكتل ظهرت حالة تعادل في عدد النواب الذين أوصوا بتكليف شامير (60 نائبا) وعدد النواب الذين أوصوا بتكليف بيرس (60 نائبا) بمهمة تشكيل الحكومة. وفي ضوء حالة التعادل هذه قرر هرتسوغ تكليف بيرس بالمهمة نظراً لأن عدد المقترعين الإجمالي لكتلة الستين مقعداً التي أيدت بيرس كان أكبر من العدد الإجمالي للأصوات التي حصلت عليها الأحزاب والقوائم التي أوصت بتكليف شامير. وقد أثار قرار هرتسوغ في حينه غضب حزب "الليكود"، حيث اتهم رئيس كتلة الحزب في الكنيست، روني ميلو (في ذلك الوقت) رئيس اسرائيل بالتصرف وفقا لاعتبارات سياسية (اي من منطلق انتمائه لحزب العمل). وفي نهاية المطاف مارس هرتسوغ تأثيره ونفوذه باتجاه إقامة حكومة وحدة وطنية (حكومة الرأسين التي تناوب بيرس وشامير على رئاستها).
إذا جاءت نتائج انتخابات (الثلاثاء) مطابقة لتوقعات استطلاعات الرأي، فمن الواضح أن موشيه قصاب سيكلف بعد أسبوعين (في موعد لا يتعدى 11 شباط) رئيس الوزراء الحالي، زعيم الليكود، أرئيل شارون، مهمة تشكيل الحكومة، ويتوقع ألا يكون فقط رئيس أكبر كتلة في البرلمان فحسب، وإنما أيضا المرشح الأوفر حظاً لرئاسة وتشكيل الحكومة الاسرائيلية المقبلة.
وستكون أمام شارون مهلة 28 يوما لإنجاز مهمة تركيب حكومته، وخلال هذه الفترة ستواصل الحكومة الحالية الإضطلاع بمهامها. وإذا لم ينجح شارون في ختام هذه المدة في تشكيل ائتلاف برئاسته، فإن بإمكان الرئيس الاسرائيلي منحه مهلة أو تمديدات إضافية، حسبما ينص القانون، على أن لا تزيد مدتها الكاملة عن 14 يوما. بمعنى أن أمام شارون مهلة إجمالية أمدها 42 يوما لتأليف حكومته الجديدة. وإذا أخفق شارون، بعد انتهاء هذه الفترة، في إقامة ائتلاف يتكون على الأقل من 61 عضوا في الكنيست، أو إذا شكل حكومة ولم تنل ثقة الكنيست، فإنه سيكون على رئيس اسرائيل حينئذ القاء مهمة تشكيل الحكومة على عضو كنيست آخر، يعلن استعداده القيام بهذه المهمة. وسيمنح هذا المرشح - المكلف (الثاني) - مهلة مدتها 28 يوما لإنجاز مهمته، وفي حال أخفق في تأليف حكومة برئاسته، فإنه سيكون باستطاعة الكتل التي تمثل 61 نائبا في الكنيست أن تطلب من رئيس الدولة بكتاب خطي إناطة مهمة تشكيل الحكومة بعضو الكنيست الذي يوافق على ذلك، وسيمنح مهلة 14 يوما. وإذا فشل الأخير في مهمته فإن رئيس الدولة سيقوم بإبلاغ الكنيست بوصول مساعي تشكيل الحكومة الجديدة إلى طريق مسدود، ليجري بعد ذلك تنظيم انتخابات برلمانية جديدة في غضون تسعين يوما.
* الجدول الزمني لتشكيل حكومة
- 5 شباط: نشر النتائج الرسمية للإنتخابات، ليبدأ الرئيس الاسرائيلي بعد ذلك بمشاوراته مع الكتل والقوائم البرلمانية المنتخبة.
- 11 شباط: يقوم رئيس اسرائيل بإلقاء مهمة تشكيل الحكومة على عضو الكنيست الذي يبدو له الأوفر حظا.
- 17 شباط: جلسة افتتاح احتفالية للكنيست الـ 16 وأداء يمين الولاء من جانب أعضاء الكنيست البالغ مجموعهم 120 نائبا.
- 10 آذار: الموعد الأخير الذي يتعين فيه على عضو الكنيست المكلف بتشكيل الحكومة عرض حكومته على الكنيست لنيل الثقة بها.