يسود قلق بالغ في إسرائيل جراء توتر علاقاتها مع تركيا الأمر الذي انعكس بإلغاء الأخيرة مشاركة سلاح الجو الإسرائيلي في المناورات الجوية، وإلغاء المناورات كلها على أثر ذلك. وشدد نائب وزير خارجية إسرائيل، داني أيالون، على أن مصلحة إسرائيل تقضي بمنع حدوث أزمة في العلاقات مع تركيا. ونقل موقع يديعوت أحرونوت الالكتروني عن أيالون قوله، اليوم الاثنين – 12.10.2009، إن "مصلحتنا هي عدم الوصول إلى احتكاك أو أزمة مع تركيا، ونحن نرى بتركيا شريكة إستراتيجية هامة لإسرائيل ومصدرا للاستقرار".
لكن أيالون ألمح بنعومة بالغة إلى أن تركيا أيضا ستخسر في حال حدوث أزمة بقوله إن "الالتزام بهذه الشراكة الإستراتيجية متبادل وثمة أهمية لكلا الجانبين بالحفاظ على العلاقة الإستراتيجية الفائقة الأهمية بين إسرائيل والحكومة في تركيا التي أثبتت اعتدالا كبيرا في الماضي".
وذكرت صحيفة هآرتس أن مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية، يوسي غال، عقد اجتماعا طارئا أمس لبحث ما وصفته ب"الأزمة الخطيرة" في العلاقات بين إسرائيل وتركيا. ونقلت الصحيفة عن مصدر رفيع المستوى في الخارجية الإسرائيلية قوله إن في إسرائيل تخوف من أن العلاقات الإستراتيجية بين الدولتين تواجه "خطرا حقيقيا" بسبب التدني الخطير الذي وصلت إليه هذه العلاقات في أعقاب الحرب على غزة.
وكانت غاية الاجتماع الطارئ في وزارة الخارجية الإسرائيلية أمس البحث في مستقبل العلاقات مع تركيا وما إذا كان بالإمكان إنقاذ العلاقات الإستراتيجية معها وطلب غال الاستماع من المشاركين في الاجتماع تقييمات حول مدى عمق الأزمة مع تركيا وإلى اقتراحات لتنفيذ خطوات دبلوماسية مع تركيا وجهات أخرى في المجتمع الدولي.
وقالت هآرتس إن المصادر في وزارة الخارجية أكدت انعقاد الاجتماع الطارئ لكنها رفضت التطرق إلى ما دار فيه واكتفت المصادر بالقول إن "مداولات بخصوص تركيا تجري بصورة دائمة".
ووفقا لهآرتس فإن التقديرات في وزارة الخارجية الإسرائيلية هي أن وصف العلاقات الإسرائيلية – التركية ب"العلاقات الإستراتيجية" أصبحت "أحادية الجانب" وأن القيادة التركية وخصوصا رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، ليست معنية بعلاقات إستراتيجية مع إسرائيل.
وقال المصدر في الخارجية الإسرائيلية "ربما تغير الواقع والعلاقات الإستراتيجية التي اعتقدنا أنها قائمة قد انتهت ببساطة" وانه "ربما علينا نحن أن نبادر إلى تفكير جديد في العلاقات والقيام بخطوات رد فعل".
من جهة أخرى نقلت هآرتس عن مسؤولين في وزارة الدفاع الإسرائيلية تعبيرهم عن ثقتهم من أن التعاون العسكري مع تركيا سيستمر لكنه طبيعته يكون أقل بروزا عما هي اليوم وأن المناورات الجوية المشتركة في الأجواء التركية ستجري بدون النشر عنها.
ووفقا لهآرتس فإن جهاز الأمن الإسرائيلي لم يفاجأ من قرار تركيا بإلغاء مشاركة سلاح الجو الإسرائيلي في مناورات "نسر الأناضول" التي كان مقررا أن تبدأ اليوم وأن التقديرات الإسرائيلية توقعت ذلك منذ شهور وذلك على خلفية أن الجانب التركي لم يعقد لقاءات تمهيدية للتخطيط للمناورات.
وقالت المصادر في جهاز الأمن الإسرائيلي إن الجانب التركي فضّل عدم تنفيذ المناورات مع طائرات مقاتلة إسرائيلية شاركت في الغارات خلال الحرب على غزة.
وأشارت المصادر إلى أنه على الرغم من التوتر بين إسرائيل وتركيا منذ الحرب على غزة إلا أن الدولتين أجريتا مناورات بحرية مشتركة هذا العام.
رغم ذلك فإن إسرائيل تتعامل بنعومة مع التوتر بينها وبين تركيا ونقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة اليوم عن مسؤولين سياسيين إسرائيليين قولهم إنه "يجب الامتناع عن تصعيد التوتر لأنه لا بديل للعلاقات مع تركيا من النواحي الإستراتيجية والأمنية والاقتصادية".
وأضاف المسؤولون أنه "ينبغي النظر إلى منع مشاركة إسرائيل في المناورة الجوية تأجيلا وليس إلغاء، لأن هناك علاقات متشعبة جدا بين إسرائيل وتركيا وغالبيتها سرية وسيتم استيضاح التطورات من خلال هذه القنوات".
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى للإذاعة الإسرائيلية إن "تركيا لا يمكنها إمساك العصا من طرفيها، أي أن تحافظ على مكانتها في الغرب من جهة وأن تتعاطف مع الجهات المتطرفة من الجهة الأخرى".