المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ارشيف الاخبار
  • 765

 

ركز قادة إسرائيل خلال خطاباتهم التي القوها في اليوم الأول لمؤتمر هرتسيليا السنوي التاسع حول "توازن المناعة والأمن القومي"، الذي افتتح أمس الاثنين – 2.2.2009، على الحرب على غزة ونتائجها. إضافة إلى ذلك، تطرقت رئيسة حزب كديما ووزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، والرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس، إلى احتمال استئناف العملية السياسية مع الفلسطينيين. واعتبرت ليفني أن الانتخابات الإسرائيلية العامة، التي ستجري يوم الثلاثاء المقبل (10.2.2009) تتمحور حول السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، من أجل بقاء وجود إسرائيل كدولة يهودية وعدم تحولها إلى دولة ثنائية القومية.

 

وقالت ليفني إن "هذه الانتخابات هي على السلام وسيحسم خلالها ما إذا كنا مستعدين للقيام بالخطوة الأخرى نحو السلام. والخيار هو هل ستكون (إسرائيل) دولة يهودية أم دولة ثنائية القومية، وهل سنكون دولة الخوف أم دولة الأمل، وهل سنكون دولة مبادرة أم دولة مجرورة؟". وأضافت أن "هناك حمامة على حافة النافذة. بالإمكان إغلاق النافذة ولن تبقى الحمامة هناك، وبالإمكان فتحها وإدخال الحمامة بحذر وأن يتم بذلك دفع العملية السياسية. كمن تجلس في المفاوضات أمام الفلسطينيين فإني أعرف أن العملية السياسية معقدة وستكون هناك نقاشات. وأنا أعرف أيضا أنه يحظر إهدار هذه الفرصة وعدم المحاولة وأنا لست مستعدة لأن يقولوا عنا أننا أهدرنا الفرصة".

وقالت ليفني إنه "إذا كنا مستعدين للحفاظ على مصالحنا من جهة، لكننا على استعداد أيضا لتقديم تنازلات من الجهة الأخرى، فإنه سيكون بإمكان إسرائيل العمل سوية مع الإدارة (ألأميركية) الجديدة ضد إيران والإرهاب أيضا". ورأت أنه أصبح بالإمكان إضعاف "الجهات المتطرفة مثل حماس وحزب الله، بعد الحرب على غزة، وليس مقبولا عليّ الاختيار المفروض بين السلام والأمن. ومن يفرض ذلك (في إشارة إلى رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو) يضلل نفسه ويضلل والجمهور ولا يدرك أين نعيش وأنا لا أريد نسيان السلام".

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن عضو الكنيست يوفال شطاينيتس، من حزب الليكود، قوله معقبا على خطاب ليفني إن "تسيبي ليفني ليست مستعدة لنسيان السلام ونحن لسنا مستعدين لنسيان أخطائها في (حربي) لبنان وغزة والسلام. والذي تريده ليفني هو فعلا سلام لا ينسى لأن التنازلات التي تقترحها ستجلب الإرهاب والصواريخ إلى القدس ووسط الدولة".

بيرس يحذر من نتائج القضاء على حكم حماس

من جانبه اعتبر بيرس أن الانتقادات التي وجهها المجتمع الدولي لإسرائيل بسبب الحرب على غزة نجمت عما وصفه "انطباع تلفزيوني مغلوط". وقال بيرس في خطابه إن "التعامل مع العملية العسكرية في غزة كانت مزيجا من انطباع تلفزيوني مغلوط وميلا متكدرا" تجاه مشاهد الدمار في قطاع غزة. ورأى أنه "من الجائز أن تواصل حماس تجربة حظها فيما لا تتنازل فتح عن طريقها. وسنضطر إلى الاختيار بين محاربة حماس كإمكانية أولى وتحمل تبعات ذلك، أو التركيز على المفاوضات مع الفلسطينيين وتسريعها وإنهائها في بداية ولاية الحكومة (الإسرائيلية) المقبلة. وجائز أن نضطر إلى الدمج بين كليهما على الرغم من التناقض". وأضاف أن "الإرهاب موجه للمس بوسائل السلام وإفشال خطواته فيما تسعى إسرائيل إلى السلام، رغم ثمنه". وحذر بيرس من أنه "إذا تسببنا بانهيار حماس فإننا سنجد أنفسنا مسؤولين عن غزة وإعمارها وإدارة شؤونها وتطويرها والاهتمام برفاهيتها".

وتطرق بيرس إلى العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين وقال إنه "للسلام مع الفلسطينيين ثمن آني كبير، لكن في المستقبل قد يكون الثمن أكبر. والسلام الآني سيمكننا من الخروج من الأزمة ويؤدي إلى نمو الاقتصاد ورفع مستوى التعليم وتوسيع دائرة مؤيدي السلام في العالم العربي وتمكينهم (أي العرب) من شراء تذكرة دخول إلى العصر الحديث". وأضاف أن "المحادثات التي جرت مؤخرا مع الفلسطينيين تطرقت إلى قضايا الأمن والحدود وقد طرح الفلسطينيون قضية القدس. وكل واحدة من هذه القضايا مشحونة بأهمية تاريخية وثقلا إستراتيجيا، وقد أدى مرور الوقت إلى زيادة أهمية هذه القضايا وسيزيد أهميتها أكثر في المستقبل وأنا أعرف المبررات المؤيدة والمعارضة لكل قضية. لكني تعلمت أنه في ظل المشاكل الكبيرة تختبئ حلول غير متوقعة. وما كان بالإمكان حل قضايا مركزية كثيرة من دون حلول خلاقة، والعالم العربي يُبدي اهتماما بالسلام الإقليمي، بما في ذلك بسبب الخطر الإيراني أيضا، لكنه قد يتراجع إلى نفي إسرائيل ووصفها بأنها محتلة ورافضة (سلام) وتلحق الأذى بالفلسطينيين وتسيطر على قطاع غزة".

وحول الانتخابات العامة الإسرائيلية التي ستجري الأسبوع المقبل، قال بيرس إنه "من دون علاقة بنتائج الانتخابات، ومهما تكن نتائجها، فإنه لا ينبغي تأجيل التوصل إلى سلام إلى أربع سنوات أخرى. فهذه ستكون أربع سنوات ترميم عالمي وستؤثر على المنطقة وعلينا، وسيكون بإمكاننا التأثير على الجزء المتعلق بنا فيما سنضطر إلى التعايش مع بقية القضايا".

وتطرق بيرس إلى الأقلية العربية في إسرائيل معتبرا "أنني فخور بالكنيست الإسرائيلي الذي يجلس فيه ممثلو الأقلية العربية الأحرار في التعبير عن رأيهم، طبعا في إطار الديمقراطية التي تلزم جميع أعضاء الكنيست بالامتناع عن التحريض على العنف". وقال إنه "يصعب علي الموافقة على أقوال أعضاء الكنيست العرب والتصريحات المضادة لها" في إشارة إلى تصريحات اليمين المتطرف.

يشاي يطالب باستئناف الحرب على غزة

من جهته طالب رئيس حزب شاس والوزير الإسرائيلي، ايلي يشاي، بهدم مائة بيت فلسطيني في قطاع غزة مقابل كل صاروخ يتم إطلاقه من القطاع باتجاه إسرائيل. وقال يشاي في خطاب ألقاه أمام مؤتمر هرتسيليا إنه "حتى لو أطلقوا صاروخا وسقط في منطقة مفتوحة أو في البحر ينبغي ضرب بنيتهم التحتية وهدم مائة بيت، وعندها سينتهي إطلاق الصواريخ". وأضاف "أننا نشهد ونعي وجود الواقع الأمني الصعب والمعقد. ومما لا شك فيه أن سنوات من ضبط النفس ألحقت ضررا كبيرا في قدرة الردع، وعملية الرصاص المصبوب أعادت قدرة الردع لإسرائيل وهذا أمر هام، لكننا نواجه امتحانا الآن" في إشارة إلى التصعيد الأمني في قطاع غزة الحاصل في الأيام الأخيرة.

واعتبر يشاي "نحن لا نسعى لشن عملية عسكرية، فشعب إسرائيل ينشد السلام ويواجه مخاطر. لكن علينا تحديد عقوبة لقاء كل صاروخ يتم إطلاقه باتجاه إسرائيل وكل نفق يتم حفره وكل عملية تهريب. ولقاء كل عملية إرهابية كهذه أو تلك سنعمل بصورة فورية وفقا للعقوبة. وصدقوني أنه لن يمضي وقت طويل وسيتوقف إطلاق الصواريخ لأنهم هم أيضا يريدون الحياة في نهاية المطاف".

ومضى يشاي أنه "إذا تم ضرب البنية التحتية التي لم نضربها حتى الآن، حتى مقابل إطلاق قذيفة هاون باتجاه منطقة مفتوحة أو البحر، وقصف عشرات أو مئات من بيوت المخربين، مع التبليغ مسبقا لكي لا يُقتل أفراد عائلاتهم، فإن هذه البيوت ستهدم المرة تلو الأخرى وسيتوقف إطلاق الصواريخ". وتابع "أننا لا نفعل ذلك بمتعة وإنما من أجل الدفاع عن مواطني إسرائيل، وإذا لم نعمل مثلما نطالِب فإن الوضع في جنوب إسرائيل سيسوء مثلما نشهد حدوث ذلك يوميا". واعتبر يشاي أن "الفلسطينيين لا يريدون السلام ونحن علينا أن نتوقف عن حماسنا لتحقيق السلام".

"العالم قبل بإيران نووية"

قال الوزير الإسرائيلي السابق ومرشح حزب الليكود في الانتخابات العامة المقبلة، دان مريدور، إن الحرب على غزة لم تكن أفضل من حرب لبنان الثانية فيما اعتبر رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست ومرشح حزب كديما، تساحي هنغبي، إنه تم إيقاف في وقت مبكر. وجاءت أقوال مريدور وهنغبي خلال ندوة حول "البعد العسكري-الأمني لتوازن المناعة والأمن القومي" في إطار مؤتمر هرتسيليا.

 

ورأى مريدور إنه "لدى امتحان النتائج فإن الحرب الأخيرة في غزة لم تكن أفضل من حرب لبنان الثانية" التي اعتبرت في إسرائيل أنها كانت فشلا ذريعا. وأضاف أن "ثمة حاجة لتغيير المنظور الأمني الإسرائيلي من أجل مواجهة التحديات الأمنية الماثلة أمام إسرائيل". وتطرق مريدور إلى استنتاجات لجنة فينوغراد، التي حققت في إخفاقات حرب لبنان الثانية وأوصت بتحسين أداء مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وقال إن "أداء مجلس الأمن القومي خلال عملية الرصاص المصبوب لم يكن كافيا".

 

من جانبه قال هنغبي خلال الندوة إنه "بإمكاننا أن نكون راضين من حقيقة أنه تم تفنيد كافة الفرضيات الأساسية لحماس، التي منيت بضربة شديدة، ورغم ذلك فقد أوقفنا العملية (العسكرية) مبكرا لأننا آمنا أن الضربة التي أنزلناها على حماس ستكون كافية". وأضاف هنغبي أن "ثمة حاجة لعملية عسكرية شاملة أكثر وتوجه ضربة شديدة وأكثر قوة".

 

ورأى النائب السابق لوزير الدفاع الإسرائيلي، أفراييم سنيه، في خطاب خلال الندوة، أن التوازن العسكري الإقليمي يتغير وأن هذا التغيير ليس في صالح إسرائيل. واعتبر سنيه أن "المعسكر الديمقراطي الذي نحن جزء منه بات لينا وخائفا من المواجهات، في مقابل المعسكر الإسلامي الحازم". وأضاف أن "روسيا عادت لتشكل مزود السلاح الرئيسي للتنظيمات الإرهابية. وقد لمس جنودنا على جلودهم خلال حرب لبنان الثانية القذائف المضادة للمدرعات التي تزودها روسيا". وتابع سنيه، الذي أسس حزبا جديدا يخوض من خلاله الانتخابات العامة، أن "العالم الغربي استسلم لوجود إيران نووية والخيار الإسرائيلي لمواجهة الوضع الإيراني ليس مخططا له كما ينبغي". وقال إن "الولايات المتحدة لا تقف إلى جانبنا مثلما توقعنا ولذلك فإنه لا خيار أمامنا سوى بالاعتماد على أنفسنا وحسب".

ورأى رئيس مؤتمر هرتسيليا والمسؤول الكبير السابق في جهاز الموساد، البروفيسور عوزي أراد، أن " حقيقة أن حزب الله لم يهاجم إسرائيل خلال عملية الرصاص المصبوب في غزة لا يدل على أن الردع عند الحدود الشمالية (مع لبنان) ناجع".

ليبرمان يواصل خطابه الفاشي

 

وركز رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف، أفيغدور ليبرمان، خطابه أمام مؤتمر هرتسيليا على مهاجمة الأحزاب العربية ووصف حزب التجمع الوطني الديمقراطي بأنه "حركة إرهابية". واعتبر ليبرمان أن "إسرائيل تتعرض لهجمة إرهابية منسقة من الداخل والخارج، والهجمة الداخلية تكون أشد دائما. وعندما طلب إسرائيل بيتنا منع حزب التجمع الوطني الديمقراطي من خوض الانتخابات العامة لم يكن ذلك لأننا ضد اليسار أو العرب وإنما لا التجمع هو حركة إرهابية".

 

وبرر ليبرمان مطالبته بمنع التجمع من خوض الانتخابات أنها جاءت على خلفية الحرب على غزة التي عارضتها الأحزاب العربية وطالبت بوقفها مثلما فعلت دائما في جميع الحروب التي خاضتها إسرائيل. وأضاف ليبرمان أن حزب التجمع "وفيما كان جنودنا يحاربون في الجبهة (في قطاع غزة) نظموا مظاهرات وأطلقوا دعوات داعمة للإرهاب".

وقال إنه "سيحين الوقت الذي تتوقف فيه دولة إسرائيل عن التلوي وتطالب جميع مواطني إسرائيل بالولاء لها دون فرق، فالجميع متساوين في الحقوق وهذا يشمل واجب الخدمة العسكرية والوطنية والولاء للعلم والنشيد الوطني ويجب أن تكون لذلك ترجمة عملية وليس تصريحا وحسب".

وأضاف أنه "لا يعقل أن يحوز ذلك الفتى الذي يجري حاملا راية حماس ويرفض الخدمة الوطنية على تمييز تصحيحي في مؤسسات التعليم العالي، بينما الأقلية التي يلحقها الغبن هي تلك التي تعمل وتدفع الضرائب وتخدم في الجيش، فيما يتمتع العرب في دولة إسرائيل بكافة الحقوق لكن ليس لديهم أي حق على دولة إسرائيل".

وقال ليبرمان، في إشارة إلى مقاطعة الوزير العربي في الحكومة الإسرائيلية غالب مجادلة لأول اجتماع لحكومة إسرائيل بعد الحرب على غزة، "إنني لا أعرف أي مثال آخر لرفض وزير إنشاد النشيد الوطني لدولته، وهل شكك أحد في ولاء اليهود عندما خدموا كوزراء في الدول العربية؟".

وتجدر الإشارة إلى أن قسما من استطلاعات الرأي الإسرائيلية الأخيرة أظهرت أن حزب "إسرائيل بيتنا" قد يصبح القوة الثالثة في الكنيست بعد حزبي الليكود وكديما وسيتفوق على حزب العمل ويحصل على ما بين 14 إلى 15 مقعدا في الكنيست.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات