"المشهد الإسرائيلي" - خاص
قال مسؤول مقرب من رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، إن الأخير مُصر على استئناف المفاوضات مع سورية وقد يمنحها "وديعة" جديدة على شكل تعهد بانسحاب كامل من هضبة الجولان، لكن بإمكان إسرائيل التراجع عن هذه "الوديعة" في المستقبل. ونقلت صحيفة معاريف، اليوم الأحد – 2.11.2008، عن المسؤول الإسرائيلي قوله إن "منح وديعة للسوريين لا تشكل نقطة لا عودة. وحقيقة هي أن ثلاثة رؤساء حكومات (إسرائيلية سابقين، وهم يتسحاق رابين وبنيامين نتنياهو وايهود باراك) منحوا وديعة وتم استعادتها. لكن ينبغي التدقيق الآن في مدى التزام السوريين، وسيكون من الخطأ عدم مواصلة المحادثات".
وجاءت أقوال المسؤول الإسرائيلي في معرض رده على انتقادات اليمين الإسرائيلي وتحفظ رئيسة حزب كديما ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، على أنباء ترددت، يوم الجمعة الماضي، مفادها أن أولمرت يعتزم استئناف المفاوضات مع سورية. وأضاف المسؤول المقرب من أولمرت إنه "لا يوجد سبب لإطلاق تصريحات منفلتة والدخول في حالة هستيريا. فالخطوات التي نقوم بها ليست غير قابلة للتغيير، لكن تجميد المفاوضات الآن لمدة نصف سنة هو أمر ليس جيدا لإسرائيل وسيؤدي إلى تصاعد التوتر وحسب".
من جهة أخرى نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم، عن مصادر في مكتب أولمرت قولها إنه إلى جانب موضوع "الوديعة" فإنه يجري البحث في إمكانيات أخرى "أكثر اعتدالا"، مثل التعهد بأن تجري المفاوضات تحت رعاية أميركية. وأضافت الإذاعة نفسها أن استعداد أولمرت للتقدم في الاتصالات مع سورية يستند إلى تقديرات مسؤولين أمنيين في إسرائيل مفادها أن "مجرد إجراء المفاوضات يضمن أن لا يكون الرئيس السوري، بشار الأسد، مشاركا في مواجهة بين حزب الله وإسرائيل في حال اندلاعها". إضافة إلى ذلك فإن تقييما وضعه جهاز الأمن على طاولة أولمرت يفيد بأن "سورية، وبسبب وضعها الاقتصادي المتردي حاليا، تستجدي دعما اقتصاديا من الدول الغربية، حتى لو كان الثمن هو تبريد علاقاتها مع طهران".
وكان أولمرت قد جمّد المفاوضات مع سورية منذ استقالته وبعد استقالة رئيس الوفد المفاوض، يورام توربوفيتش، من منصب رئيس طاقم مستشاري رئيس الحكومة. كذلك امتنع أولمرت عن إجراء مفاوضات مع سورية منذ انتخاب ليفني رئيسة لكديما في أواسط شهر أيلول الماضي وحتى الإعلان عن فشلها في تشكيل حكومة مطلع الأسبوع الماضي. ويعتزم أولمرت مواصلة المفاوضات مع سورية حتى انتهاء فترة ولايته كرئيس حكومة انتقالية إلى حين تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات العامة في إسرائيل والتي ستجري في 10 شباط المقبل.
ورأت ليفني أنه في حال كان استئناف المفاوضات هدفه "صيانتها" فإن هذا أمر مقبول، لكنها رفضت أن يتم من خلال هذه المفاوضات "فرض وقائع على الأرض" في إشارة إلى معارضتها لمنح أولمرت أية تعهدات للسوريين. من جهة أخرى طالب نواب من حزب الليكود اليميني المستشار القانوني للحكومة، مناحيم مزوز، بمنع أولمرت من استئناف المفاوضات مع سورية معتبرين أنه ليس مخولا ولا يملك صلاحية للقيام بذلك خصوصا بعد استقالته من منصبه.
من جانبه لفت المحلل السياسي في صحيفة هآرتس ألوف بن إلى أن "حكومات إسرائيلية اتخذت في الماضي قرارات مصيرية تتعلق بالحرب والسلام عشية انتخابات، ولم يكفر أحد بصلاحياتها أو بشرعيتها". وذكر بن أسماء رؤساء وزراء إسرائيليين اتخذوا قرارات مصيرية كهذه، مثل غولدا مائير إبان حرب العام 1973، ومناحيم بيغن الذي أمر عشية انتخابات العام 1981 بقصف المفاعل النووي العراقي، ويتسحاق شمير الذي فاوض الفلسطينيين والسوريين، على أثر مؤتمر مدريد، حتى موعد انتخابات العام 1992، وايهود باراك الذي أجرى مفاوضات مع السلطة الفلسطينية في طابا حتى انتخابات العام 2001.
ونقل بن عن مصادر في مكتب أولمرت قولها إنه "احتجنا لسنوات من أجل استئناف المفاوضات مع السوريين ونحن نريد أن نُبقي وراءنا قناة اتصال حية". وأشار إلى أن المسؤولين المهنيين وعلى رأسهم جهاز الأمن يؤيدون توجه أولمرت. وأضافت المصادر في مكتب أولمرت أنه لا يوجد احتمال للتوصل إلى اتفاق أو حتى حدوث انطلاقة ذات أهمية قبل الانتخابات العامة الإسرائيلية.
المصطلحات المستخدمة:
المستشار القانوني للحكومة, هآرتس, باراك, مؤتمر مدريد, كديما, الليكود, رئيس الحكومة