المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أكد المحلل الإستراتيجي في صحيفة "هآرتس"، يوسي ميلمان، في سياق مقابلة خاصة مع "المشهد الإسرائيلي"، أن سورية كانت في خضم مرحلة بناء مفاعل نووي بمساعدة كوريا الشمالية وأن هذا المفاعل كان هدف الغارة الإسرائيلية على سورية في السادس من أيلول الماضي.

وأضاف ميلمان أن السؤال الوحيد الذي بقي مفتوحا هو: ما هي المرحلة التي بلغتها سورية في مجرى بناء مفاعل نووي؟، مشيرًا إلى أنّ المعلومات المتوفرة هي أن "هدف هذا المفاعل هو تصنيع البلوتونيوم، ومن البلوتونيوم يمكن صناعة قنبلة نووية، ويمكن توليد الكهرباء أيضا، لكن واضح أن الهدف في سورية كان واحدًا وحيدًا وهو التوصل لقدرة على صناعة سلاح نووي"

[سننشر النصّ الكامل للمقابلة في وقت لاحق].

وسبق أن أشار رونين برغمان، معلق الشؤون الإستراتيجية والاستخبارية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إلى أنّ سورية كانت في "مركز جهود لبناء مفاعل نووي يشبه إلى حد كبير المفاعل النووي الذي أقامته كوريا الشمالية في يونغ بيون والذي أنتج فيه نظام كيم جونغ قنبلته النووية، وذلك استنادًا إلى تحليل أوليّ لصور أحد المواقع الذي تعرّض للهجوم على يدي طائرات سلاح الجوّ الإسرائيلي" ("يديعوت أحرونوت"، 25/10/2007).

وأوضح برغمان أن تصوير هذا الموقع تمّ خلال تحليق قمر التجسس الصناعي الأفضل في العالم- ديغيتال غلوب- فوق المنطقة في يوم 10 آب 2007، أي قبل الهجوم الإسرائيلي بشهر. وبحسب التقرير الذي كتبه الخبيران في "معهد العلوم والأمن العالمي"- ISIS - ديفيد أولبرايت وبول برنين ونشر في يوم 24/10/2007 فقد كان الموقع المذكور، على ما يبدو، هو الموقع أو أحد المواقع الذي قصفته طائرات الجيش الإسرائيلي في 6 أيلول الماضي. والموقع قائم على بعد نحو 130 كيلومترًا من الحدود مع العراق وعلى بعد 11 كيلومترًا من بلدة التبنة في محافظة دير الزور في شرق سورية، وهو يقع على مقربة من ضفة نهر الفرات.

ومضى يقول: تبدو في الصورة، بشكل واضح، بناية كبيرة جدًا مربعة الأضلاع، تبعد مسافة 780 مترًا عن ضفة نهر الفرات ويبلغ طول كل ضلع من أضلاعها 47 مترًا. هذه البناية تشبه إلى حدّ بعيد المفاعل النووي الذي أنشأته كوريا الشمالية في يونغ بيون. وهناك بناية أخرى بجوار البناية الكبيرة يقدّر الخبراء بأنها للتبريد أو للمراقبة. وبموجب تقدير الخبراء فإن في وسع مفاعل نووي، مثل الذي جرى قصفه في سورية، أن ينتج خلال عام كمية من اليورانيوم تكفي لإنتاج قنبلة نووية.

لكنه أكّد أن نشر هذه الصور لا يحلّ اللغز بشأن جميع تفاصيل تلك الغارة الإسرائيلية، وتبقى هناك أسئلة من قبيل: ما هو حجم الضرر الذي لحق بالموقع نتيجة للقصف الإسرائيلي؟ ما هي المواقع الأخرى التي تعرضت للقصف؟ هل كانت كوريا الشمالية هي الجهة الوحيدة التي زودت سورية بجميع التجهيزات وماذا كان دور إيران في الموضوع؟ ماذا كان في نية السوريين أن يفعلوا بالقنبلة النووية؟. أمّا السؤال الأهم، برأيه، فهو بشأن حجم الضرر الذي ألحقه الهجوم الجويّ الإسرائيلي بالمشروع النووي لثالوث الشرّ الكوري الشمالي- الإيراني- السوري؟.

الاستخبارات الأميركية هي التي طلبت الصور

وفي يوم الأحد (28/10/2007) عاد برغمان ليؤكد أن مصدرًا أميركيًا ملمًّا بتفاصيل هذه القضية كشف النقاب لصحيفة "يديعوت أحرونوت" عن أن الاستخبارات الأميركية هي "الطرف الذي طلب صور القمر الصناعي للمفاعل السوري الذي تعرّض للهجوم الجويّ الإسرائيلي". وكان القصد من ذلك، وفقًا للمصدر نفسه، هو "تمكين وسائل الإعلام العالمية من نشر صور تدين الموقع الذي تعرّض للهجوم في سورية بعد وقوع العملية الإسرائيلية".

وكتب يقول: يتضّح الآن أن طلب الصور لم يكن أصلاً مرتبطًا بجمع معلومات، وإنما بهدف حثّ وسائل الإعلام على أن تنبش بنفسها في الموضوع حتى من غير قيام مصادر عسكرية معروفة بتزيدها بصور الأقمار الصناعية.

وخلص إلى القول: إنّ إجمال القضية برمتها يؤدي إلى بضع استنتاجات إيجابية للغاية وأخرى أقل إيجابية. ربما يشكل الهجوم [الإسرائيلي] عهدًا جديدًا أكثر نجاحًا في أداء الاستخبارات التي تقف على خط المواجهة مع إيران ومع دول محور الشرّ. فقد تكفل الموساد والسي أي إيه بجلب المعلومات الدقيقة، وأوضحت إسرائيل للعالم كافة أنها متمسكة بـ"مبدأ بيغن" منذ قصف المفاعل النووي العراقي في عام 1981، والقاضي بأن الدولة اليهودية لن تتحمل تطوير سلاح من شأنه أن يخدم جيرانها في تنفيذ محاولات القضاء عليها. وينطوي هذا الأمر على دلالات مهمة بالنسبة لإدراك احتمالات الاستقرار في الشرق الأوسط في الأعوام المقبلة، خصوصًا في وقت تعتبر فيه إيران هي الدولة الأقرب من تحقيق هدف تطوير السلاح النووي. إن الهجوم في سورية يعيد إلى الأذهان الإمكانيات التي في حوزة إسرائيل، ويشكل إشارة واضحة لأوروبا بأنه في حالة عدم قيامها بفعل شيء فإن إسرائيل سوف تستخدم مقاتليها الأشاوس.

وفي رأي هذا المعلق فإن العام 2008 سيكون عامًا مصيريًا "ففيه سيصل المشروع النووي الإيراني إلى مرحلة حاسمة، ويوجد في البيت الأبيض رئيس لا يحظى بشعبية غير أنه ملتزم بالعمل الحازم على أساس تقسيم العالم إلى أخيار وأشرار، وإسرائيل أثبتت أنها مستعدة للجوء إلى استعمال القوة، وفي دمشق حاكم يواصل تحميل بلاده أوزار مخاطر كبيرة، وفي خلفية كل ذلك يحوم الفشل في الصيف الماضي في مقابل حزب الله. وإنّ من شأن أي شرارة أن تشعل حريقًا هائلاً".

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس, يديعوت أحرونوت, الموساد

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات