المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

نجح عمير بيرتس، رئيس اتحاد النقابات الإسرائيلية، الهستدروت، صباح اليوم الخميس، في هزيمة من لم يقو أي شخص من قادة حزب العمل الاحياء على هزمه، شمعون بيريس، لكن من السابق لأوانه اعتبار هذا الانتصار انقلابا حقيقيا في داخل الحزب، فهذا لا يعبر عن مزاج غالبية أعضاء الحزب، وإنما هو نتيجة لحملة انتسابات غير طبيعية، تخللتها حملة تزوير، كان عمير بيرتس وأنصاره في جهاز الهستدروت من روادها، إذ أعادوا اساليب الهستدروت القديمة المتعفنة، وحوّل اتحاد النقابات من جديد إلى بؤرة حزبية تخدم مصالح زعيمها بيرتس.

لأول مرّة تظهر امامنا شخصية تزعم انها ذات توجهات اجتماعية قريبة للشرائح الفقيرة والضعيفة، تهزم شخصية سياسية امنية بمستوى شمعون بيريس، وهذا ايضا ليس صحيحا، فاسرائيل ليست برازيل دي لولا وفنزويلا شافيز، وغيرها من دول اميركا اللاتينية، وطالما استمر الاحتلال وعقليته الحربية، فإن اسرائيل ستبقى دولة العسكر ومحكومة لجنرالاتها الذين لا يزالون يرتدون بزاتهم او خلعوها منذ سنوات.

على عمير بيرتس، إذا بالفعل استمر في قيادة حزب "العمل" حتى الانتخابات البرلمانية القادمة، ان يتخلى عن منصبه في الهستدروت ليتفرغ للكنيست بموجب القانون الجديد الذي يمنع رئيس الهستدروت من عضوية الكنيست، وعمليا هذه القفزة ستضعنا امام عمير بيرتس آخر، ايضا بكل ما يتعلق بالسياسة الاقتصادية، فقد سبقه في هذه التجربة حليفه السابق، نرجسي السياسة الاسرائيلية حاييم رامون، الذي اصبح بين ليلة وضحاها زعيما نقابيا، ثم عاد الى جلده بسرعة وعاد الى الحكومة داعما السياسة الاقتصادية الصقرية.

اضف الى هذا أن عمير بيرتس الذي يكثر في خطاباته من الحديث عن الشرائح الفقيرة والضعيفة لم يخدمها اطلاقا في رئاسته للهستدروت، وانما خدم بالاساس النقابات الكبيرة، التي بعضها تحول الى اجسام احتكارية داخل الاقتصاد الاسرائيلي، مثل شركتي الكهرباء والاتصالات، وعمال الموانئ وغيرهم، بينما اهمل فقراء القطاع الخاص وعماله، الذين لم يحققوا شيئا منذ سبع سنوات على الاقل.

لا نستطيع ان ننكر ان توجهات عمير بيرتس السياسية، حتى الآن، افضل بكثير من شمعون بيريس، لكن بيرتس هذا نفسه سيصطدم لاحقا بالمؤسسة العسكرية، وتحت شعار "المسؤولية الوطنية العامة"، سيبدأ عمير بيرتس في تغيير خطابه السياسي ليتأقلم مع الخطاب الصهيوني العام، ولن يكرر "خطأ" سلفه عمرام متسناع، الذي بقي على خطابه الحمائمي فلفظه الشارع والحزب معا، وهو يقبع الآن على قارعة الطريق السياسي.

ومن السخرية ان شمعون بيريس شجع قبل نحو عامين عمير بيرتس على حل حزبه "عام إيحاد" (شعب واحد)، ليعود الى حزبه الأم الذي نشأ فيه، حزب "العمل"، وأشيع في حينه ان بيريس سعى آنذاك الى كسر التكتلات في حزبه، وتوسيع معسكر انصاره من خلال معسكر عمير بيرتس، الذي كان من المفروض ان يدعم شمعون بيريس، إلا ان "المسخ تمرّد على خالقه"، حين قرر عمير بيرتس منافسة شمعون بيريس.

لقد تحدث بيرتس مع ظهور النتيجة عن ضرورة القضاء على عفريت الطائفية، كونه من اصول شرقية، لكن بيرتس يدرك تماما ان من سيلاحقه من الآن فصاعدا ليس "عفريت الطائفية"، وانما "عفريت شمعون بيريس"، الذي من الصعب التخيل انه سيتركه يعمل لوحده، فقد اثبتت التجربة ان شمعون بيريس كان وراء فشل قادة الحزب الثلاثة متسناع وبن اليعيزر وايهود باراك، على الرغم من انه لم ينافسهم في الانتخابات لرئاسة حزب "العمل".

المصطلحات المستخدمة:

عمير بيرتس, الهستدروت, الكنيست, باراك

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات