المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

برأ المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، ميني مزوز، رئيس الوزراء الاسرائيلي، أريئيل شارون، من شبهات بتلقي رشوة و"خيانة الثقة" في قضية "الجزيرة اليونانية"، رافضاً توصية المدعية العامة السابقة عيدنا أربيل بتقديمه إلى المحاكمة، وذلك بسبب "عدم توافر أدلة كافية" تدينه، برأي مزوز. ومن شأن القرار أن يقوي مركز رئيس الوزراء ويعطيه القدرة على تنفيذ خطته بشأن "الانفصال" عن الفلسطينيين، فضلا عن كونه يفتح الطريق أمام انضمام حزب "العمل" إلى حكومة "وحدة"، وهو الذي سبق أن أكد على لسان أبرز قادته بأن قرار مزوز يمنع اتخاذ أي تقدم في هذا الخصوص، في ضوء احتمال أن يكون القرار إلى ناحية تقديم لائحة اتهام ضد شارون حسبما أوصت أربيل. وفور صدور قرار مزوز أعلن رئيس "العمل"، شمعون بيريس، أنه في حالة تلقي الحزب طلبًا للانضمام إلى حكومة شارون فإنه "سيدرسه بإيجاب".

وهذا التصريح دفع المراقبين إلى اعتبار إنضمام "العمل" إلى حكومة شارون مسألة وقت ليس أكثر. وقال مزوز، في بيان مطول قرأه مساء، إن المطلوب من الادعاء العام تقديم لائحة اتهام فقط في حال توافر قرائن جدية تقود إلى إدانة المتهم، و"مثل هذه القرائن لم تتوفر في ملف الجزيرة اليونانية، ما يحول دون تقديم لائحة اتهام ضد شارون ونجله جلعاد بتلقي الرشوة". ودافع المستشار بشدة عن شارون الأب، قائلاً إنه لم يتأكد من أنه كان على علم بالصفقة بين نجله ورجل الأعمال ديفيد أبل التي قضت بأن يستغل شارون الأب، بصفته وزيراً للخارجية عام 1998، نفوذه لدى السلطات اليونانية لدفع مشروع سياحي ضخم في جزيرة يونانية بادر إليه رجل الأعمال، مقابل تلقي نجل شارون مبلغاً كبيراً من المال بصفته مستشاراً اقتصادياً. وزاد ان لا أساس للادعاء بأن تشغيل شارون الابن كان وهمياً لتقديم الرشوة لوالده.

وأعلن عدد من أركان اليسار نيتهم تقديم التماس إلى المحكمة العليا ضد قرار مزوز، مذكّرين بأن الشرطة تواصل تحقيقاتها في ملف فساد آخر ينسب إلى شارون تلقيه ملايين من الدولارات من رجل الأعمال اليهودي من جنوب افريقيا، سيريل كيرن، لتمويل معركته الانتخابية. وتضاربت ردود فعل الحلبة السياسية الاسرائيلية على قرار المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، وتراوحت بين الاكتفاء بقرار المستشار القضائي، وبين اتهامه بتقديم المساعدة لشارون، كي يواجه ازمته الائتلافية الحالية، فيما وجدت اوساط في الليكود، في القرار، مناسبة أخرى لمهاجمة تعيين اربيل قاضية في المحكمة العليا. وفي تعقيبه على القرار قال وزير العدل الاسرائيلي، يوسف لبيد، في مؤتمر صحفي عقده بعد انتهاء المؤتمر الصحفي الذي عقده مزوز، انه اقتنع بالتسويغات التي عرضها مزوز امام الصحفيين لتبرير قراره اغلاق الملف. وقال لبيد انه يدعم كل ما قاله مزوز، بشكل مطلق. واضاف: كانت تسويغات مزوز مقنعة، مفصلة وحاسمة. وبذلك أرى نهاية للقضية.

يشار الى ان لبيد كان هدد بالاستقالة من الحكومة اذا ما توصل مزوز الى قرارب تقديم لائحة اتهام ضد شارون، ورفضهذا الأخير الاستقالة اثر ذلك. واعتبر لبيد انه آن الأوان كي ينضم حزب "العمل" الى حكومة شارون. واعرب رئيس حزب "العمل"، شمعون بيريس، في مؤتمر صحفي عقده مساء ، عن فرحه الشديد باغلاق الملف ضد شارون الذي نعته بصديقي، وبعث اليه بتهانيه الحارة.. وكرربيريس الادعاء بان ما يهم حزبه هو تنفيذ الانسحاب من غزة، وانه لم يتلق دعوة للتفاوض حول تشكيل حكومة وحدة، واذا ما تلقى دعوة كهذه فسيدرسها الحزب بالايجاب. الا ان النائب اوفير بينيس، من حزب" العمل"، اعلن انه بصدد دراسة قرار مزوز ليقرر ما اذا كان يمكن الالتماس الى العليا ضد قرار اغلاق الملف. كما اعلن النائب ايتان كابل، من "العمل"، نيته تقديم التماس الى العليا ضد قرار مزوز. كذلك قال النائب يوسي سريد (ياحد) إنه ينوي تقديم التماس ضد قرار مزوز. وقال "اذا لم تكن هذه القضية تعتبر قضية رشوة، فأنا لا اعرف ما الذي تعنيه الرشوة. لقد اصبحت دولة اسرائيل، منذ اليوم، دولة مشاع، يسرقها قادتها دون اي وجل". وقال سريد انه سيطلب في التماسه كشف توصية المدعية العامة السابقة، اربيل، التي طالبت بمقاضاة شارون، وكذلك لائحة الاتهام التي طرحت على طاولة المستشار القضائي. وفي الليكود صفقوا فرحا لقرار مزوز.

وقالالنائب يوفال شطاينيتس: "القرار مثير للفرح، سيساعد على استقرار الائتلاف الحكومي ويعيد لرئيس الحكومة مكانته". اما في" الاتحاد القومي"، الذي أخرج من الحكومة مؤخرا، فاتهموا مزوز بتقديم مساعدة لشارون من أجل تخطي أزمته السياسية. وكذلك فعل رئيس حزب "المفدال"، المستقيل من الحكومة، ايفي ايتام. وعلى الساحة السياسية نشير إلى أنه قبل ساعات من التئام "لجنة التوجيه الاسرائيلية" المكلفة بصوغ المعايير لتعويض المستوطنين الذين سيتم اجلاؤهم من قطاع غزة، في حال تطبيق خطة "فك الارتباط"، كشفت مصادر صحافية مطلعة ان وزير الدفاع شاؤول موفاز أصدر تعليماته لـ"الادارة المدنية" للمستوطنات في الضفة الغربية ومحيط مدينة القدس بإعداد خرائط على وجه السرعة لتكثيف البناء في هذه المستوطنات واقامة آلاف الشقق الجديدة لاستيعاب المستوطنين المرشحين للاخلاء من غزة. وذكرت صحيفة "معاريف" ان وزير الدفاع الاسرائيلي موفاز الذي قام بزيارة لعدد من مستوطنات الضفة أول من أمس أعلن خلالها ان الانسحاب من غزة سيؤدي الى تعزيز الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية انما عنى توسيع المستوطنات الكبرى القائمة وانه أمر بإعداد خطة شاملة، في غضون 90 يوماً، لتحقيق ذلك.

كما طلب من المسؤولين تسريع المصادقة على تصاريح البناء في "غوش عتصيون" جنوب القدس أولاً. ووعد موفاز قادة المستوطنين بأن تشهد مستوطنات الضفة مزيداً من الزخم في البناء يوازي حجم الانسحاب المفترض من غزة، أي ان تستوعب الشقق الجديدة 1300 عائلة ترتع حالياً في مستوطنات القطاع. واضافت الصحيفة ان قادة المستوطنات قدموا لموفاز مخططهم لبناء 5300 وحدة سكنية في "غوش عتصيون" وطالبوه بإحياء مشروع "مدينة غنيم" الذي اعدته وزارة الاسكان قبل خمس سنوات والقاضي بضم 10 آلاف دونم من الأراضي الفلسطينية الى منطقة نفوذ "غوش عتصيون" لإقامة 7500 وحدة سكنية جديدة عليها. وختمت الصحيفة بالإشارة الى ان مكتب رئيس الحكومة اكد ان اريئيل شارون يدعم مخطط توسيع البناء في مستوطنات الضفة الغربية "وكل المستوطنات المشمولة داخل جدار الفصل" ونقلت عن مسؤول كبير قوله ان مصير "غوش عتصيون" ليس كمصير المستوطنات في غزة. الى ذلك "هدد" شارون متمردي حزبه "الليكود" بالتوجه الى حزب "العمل" المعارض باقتراح لانضمامه الى حكومته "اذا واصلوا سلوكهم وامتنعوا عن دعم الحكومة في الكنيست". وكان رئيس الحكومة هدد أول من أمس بإقالة الوزير عوزي لنداو ونائب الوزير ميخائيل راتسون على تغيبهما عن التصويت على اقتراح المعارضة حجب الثقة عن حكومته (الاثنين). وقالت الصحف العبرية ان شارون عدل عن خطوته تحت ضغط نواب في حزبه لم يخفوا قلقهم من انعكاسات اجراء كهذا على حزب "الليكود". ورأى مراقبون ان شارون لن يتردد في اقالة الاثنين في حال كررا فعلتهما في مرات مقبلة.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات