المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

رفضت سورية اتهامات وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" لها بتزويد العراق بمعدات عسكرية، قائلة إنها عارية من الصحة ولا أساس لها. وفي ردها على تصريحات وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد، الجمعة 28/3، أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية تصريح مسؤول من الخارجية السورية بقوله "إن وزير الدفاع الأمريكي يستفز مجدداً المشاعر الإنسانية في الوقت الذي ترتكب به قواته جرائم حرب بشعة ضد المدنيين العزل في العراق حيث يتم قتل المئات من الأطفال".وتشترك الحكومة الاسرائيلية في تقديرات واشنطن للسلوك السوري حيال العدوان على العراق، وتضغط علانية لتصنيف سورية كدولة "داعمة للارهاب"، او عضو ناشط في "محور الشر". وكتبت صحف نهاية الاسبوع مقالات بهذه الروح، ابرزها كتابات الخبراء العسكريين دان شفطان ورونين بيرغمان وزئيف شيف.

وجاءت تصريحات دمشق رداً على تحذير رامسفيلد بشأن "شحنات عسكرية وصلت إلى العراق من سورية"، قائلاً إن الخطوة السورية "عمل عدائي" في نظر واشنطن.

وأضاف أن حكومة بلاده "ستحاسب" الحكومة السورية على "هذا العمل العدائي."

وسئل رامسفيلد فيما إذا كانت الولايات المتحدة تهدد بتصرف عسكري تجاه سوريا فأجاب بقوله: "لقد قلت ما قلته بشكل واضح."

وفي المؤتمر الصحفي اليومي في البنتاغون حول سير العمليات العسكرية في العراق، أوضح رامسفيلد أن القوات المتحالفة لاحظت عبور الشحنات التي اشتملت على معدات ومواد عسكرية للحدود السورية باتجاه العراق.

الاسد يشكك بفرص التحالف

وجاءت التصريحات الأمريكية يوماً واحداً بعد تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد لصحيفة "السفير" اللبنانية (الخميس 27/3)، والتي شكك فيها بنجاح التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في الحرب على العراق.

وقال الأسد: "حتى لو نجحوا، فستكون هناك مقاومة شعبية عربية شعبية، وقد بدأت بالفعل".

ورأي الاسد ان الولايات المتحدة وبريطانيا لن تستطيعا ان تسيطرا علي كل العراق ، مؤكدا انه ستكون هناك مقاومة أشد بكثير.

واكد الرئيس السوري ان هناك مقاومة قوية جدا من الجيش والشعب في العراق الآن. لكن لو نجح المخطط الامريكي ونتمني ألا ينجح ونشك في أن ينجح وفي كل الأحوال ستكون هناك مقاومة شعبية عربية للاحتلال وقد ابتدأت.

وقد عملت سورية التي تشغل مقعدًا غير دائم في مجلس الامن الدولي، مع المانيا وفرنسا والصين علي منع تبني اي قرار امريكي بريطاني يسمح باللجوء الي القوة ضد العراق.

وذهب الاسد في هذه المرة ابعد من المواقف الدبلوماسية ليراهن علناً علي ان الولايات المتحدة ستتورط في العراق كما حدث في فيتنام وستضطر للتراجع كما جري في الثمانينات في لبنان. ويدفع هذا الموقف المحللين وخصوصا في بيروت الي التساؤل عن نوايا سورية. وتعززت هذه التساؤلات بعد دعوة اطلقها مفتي سورية الي المسلمين لاستخدام "كافة الوسائل الممكنة في هزيمة العدوان بما في ذلك العمليات الاستشهادية ضد الغزاة المحاربين الامريكيين والبريطانيين الصهاينة" .

ومن الصعب تصور ان دعوة كهذه اطلقت بدون موافقة السلطات السورية.

وكان الامين العام لحزب الله اللبناني الشيعي الشيخ حسن نصر الله الذي يتمتع بدعم سورية وعدو واشنطن من فترة طويلة، توعد الامريكيين في الثالث عشر من الشهر الجاري بأنهم سيواجهون هذا النوع من العمليات.

ومع ان الرئيس الامريكي جورج بوش لم يصنفها ضمن محور الشر الذي شمل العراق وكوريا الشمالية وايران، ما زالت سورية مصنفة من قبل وزارة الخارجية الامريكية بين الدول التي تدعم "الارهاب".

وعلي غرار حليفته ايران، يخشي نظام البعث السوري ان يكون هدف المرحلة الثالثة من المخطط الامريكي لـ مكافحة الارهاب بعد هجمات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) 2001، بينما تشكل الحرب ضد العراق مرحلتها الثانية.

واكد الرئيس السوري ان الولايات المتحدة يهمها ان ترتب المنطقة بالطريقة التي ترتئيها. قد يهمها أن ترتبها علي شكل دول كبيرة أو صغيرة، لكن اسرائيل تريد التقسيم علي قاعدة عرقية أو دينية او طائفية .

ويؤكد الاسد بذلك ان سورية سترفض ان تكون ضحية تسوية شاملة ممكنة في الشرق الاوسط تتعارض مع مصالحها وهي استعادة هضبة الجولان التي تحتلها اسرائيل منذ 1967 واستمرار نفوذها في لبنان وبقاء حزب البعث حاكما في دمشق.

وقال خبير في السياسة الدولية لوكالة فرانس برس يمكننا ان نتساءل هل قررت سورية ان تؤثر علي الاحداث في العراق كما فعلت في فلسطين ولبنان، بدعم متعدد الاشكال لمجموعات القتال المتشددة ام انها تعلن عن مواقف من اجل مساومة مقبلة مع واشنطن .

واضاف هذا الخبير الذي طلب عدم كشف هويته انه من السابق لأوانه في هذه المرحلة القول ما اذا كانت دمشق ستختار موقفًا هجومياً ام انها ستعتمد موقفًا دفاعياً. واضاف ان ذلك مرتبط بمجري النزاع في العراق.

وتهدف تصريحات الاسد الى تأكيد مفهوم التوازن العربي الذي كان سائدا في الخمسينات وذكرت الصحف اللبنانية به الجمعة لا يمكن صنع الحرب بدون مصر ولا يمكن صنع السلام بدون سورية.

وفي الوقت نفسه اكد الاسد ان العلاقات الامريكية ـ السورية "متذبذبة متقلبة نتيجة خطأ واشنطن"، مؤكداً انه لن يخضع للضغوط.

وذكّر الرئيس السوري بتصريح ادلي به وزير الخارجية الامريكي كولن باول في 14 آذار (مارس) امام مجلس النواب الامريكي ووصف فيه الوجود السوري في لبنان بانه احتلال.

ورغم ارتياحها لتعاون سورية ضد الارهاب الدولي، تريد الولايات المتحدة من دمشق التخلي عن دعمها للاسلاميين المتشددين من الفلسطينيين في حركتي المقاومة الاسلامية (حماس) والجهاد الاسلامي.

"هآرتس": متطوعون من سورية لمساعدة صدام

وكتب زئيف شيف المعلق العسكري في "هآرتس" (الجمعة 28/3) ان "سورية سمحت بمرور متطوعين عبر اراضيها في طريقهم الى العراق للمشاركة في القتال ضد القوات الاميركية والبريطانية. وقد عبر الى العراق حتى الان عن طريق معابر الحدود التي تسيطر عليها سورية العشرات من المتطوعين وغالبيتهم من الفلسطينيين القاطنين في مخيمات اللاجئين في لبنان. ويعتزم المتطوعون الانضمام للوحدات العراقية المقاتلة".

وقال ان "مرور المتطوعين بموافقة دمشق يطرح الاحتمال بأن مهاجمة حافلة الركاب السورية التي كانت تسير في الاراضي العراقية، والتي اصيبت بصاروخ اطلق من طائرة اميركية، كانت عمليًا ضربة او عملية مقصودة ضد المتطوعين من سورية."

وكانت الحافلة التي انطلقت من دمشق يوم الاحد الماضي قد اصيبت على مسافة حوالي 50 كم داخل الاراضي العراقية، وهو ما اسفر عن مصرع خمسة من ركابها واصابة نحو عشرة اخرين بجروح.

واعرب المحلل العسكري السوري هيثم الكيلاني عن تقديره في مقابلة لمحطة "الجزيرة" اذيعت يوم الاثنين الماضي (24/3)، بأن حادث الاعتداء على الحافلة لم يكن عفويا او صدفة، وقال: "لقد فتحت الحدود السورية امام المتطوعين السوريين والعرب والمسلمين الذين طلبوا التوجه الى العراق للمشاركة في القتال ضد الغزو الاميركي" . واضاف ان الحدود مفتوحة ايضاً في الاتجاه المعاكس، امام اللاجئين العراقيين الذين يريدون الدخول الى سورية بسبب المعارك في بلادهم.

وفي الوقت الذي تطلق فيه التصريحات المناهضة للغزو الاميركي في سائر الدول العربية، فان سورية هي الدولة الوحيدة من بين الدول المجاورة للعراق، التي فتحت معابرها الحدودية امام المتطوعين الراغبين بالانخراط في القتال ضد قوات الحلفاء التي اجتاحت العراق. حتى ايران اغلقت حدودها مع العراق ومنعت مرور الافراد الى الاراضي العراقية، وكذلك فعلت تركيا والاردن.

ووفقا للتفسير الرسمي الذي قدمته هذه الدول فان الغرض من اغلاق الحدود هو منع تدفق اللاجئين الهاربين من القتال والحرب في العراق، ولكن هذا الاجراء يهدف عملياً الى منع دخول المتطوعين الراغبين بالانضمام للقتال الى جانب الجنود العراقين.

واستنادًا الى تقارير نشرت في الاردن، فان اعدادًا كبيرة من الاردنيين يرغبون بالتوجه الى العراق كمتطوعين لكنهم يدركون بان سلطات بلادهم لن تسمح لهم بالمرور.

وقد وجهت حركة المقاومة الاسلامية "حماس" مؤخرًا نداءً الى دول الجوار مع العراق بفتح حدودها امام مرور المتطوعين.

وليس من الواضح ما هو العدد الدقيق للمتطوعين الذين اجتازوا الحدود السورية الى العراق، غير ان مصادر في لبنان (حيث ينطلق معظم المتطوعين من هناك) تقدر عددهم بالعشرات وربما المئات.

وكان المفتي الاعلى في سوريا الشيخ احمد كافتيرو – وهو عمليًا موظف حكومي – قد دعا اخيرًا المسلمين في بقاع العالم الى استخدام كل الوسائل، بما في ذلك "عمليات التضحية الاستشهادية، من اجل الحاق الهزيمة بالعدوان الاميركي – البريطاني – الصهيوني على العراق". هذا فيما وصف موظف حكومي اخر في سورية (رئيس شعبة الاعلام في وزارة الخارجية) الولايات المتحدة الاميركية بانها "امبراطورية القتل والابادة" .

وبرز التأييد السوري الفاعل للرئيس العراقي صدام حسين، على امتداد الشهور الاخيرة، كذلك فقد ابتاعت سورية معدات عسكرية لحساب الجيش العراقي، نقلت من البلد المصدر الى ميناء اللاذقية ومن هناك نقلت بشاحنات الى العراق. وتمت هذه المشتريات في عدة دول في اوروبا الشرقية، ومن ضمن ما اشتملت عليه مشتريات العتاد هذه محركات لدبابات روسية الصنع ومحركات لطائرات "ميغ"، اضافة الى ناقلات دبابات تم ابتياعها كما يبدو من المانيا.

"يديعوت": سورية بعد العراق

وابرزت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، (الجمعة 28/3) الاتهامات التي وجهتها وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الى الرئيس السوري .

ونشرت الصحيفة تعليقاً بقلم دان شيفطان، المختص بقضايا الصراع، قال فيه إن "محاولة أمريكا الحاسمة لتغيير النظام في العراق وتجريد هذه الدولة الراديكالية من سلاحها الاستراتيجي تترافق مع رسالة حادة إلى أنظمة راديكالية أخرى، مؤداها أن الولايات المتحدة لن تسلم بالخطر الذي يمثلونه بالنسبة للنظام العالمي الذي تسعى إلى إحلاله".

واضاف شيفطان أن هذه الرسالة موجهة، ضمن أطراف خرى، إلى "نظام الرئيس السوري"، وادعى ان تصريحات الاسد لصحيفة "السفير" اللبنانية "تتضمن رفضاً عميقاً ومتجذّراً لمجرد وجود إسرائيل"، منوهاً الى أنه إسرائيل ستخطىء لو تغاضت عن "وجهة النظر التدميرية والمذعورة للزعيم السوري، أو رؤية أقواله باعتبارها مجرد حماس أيديولوجي لا توجد له أهمية سياسية".

ونشرت "يديعوت أحرونوت" كذلك تعليقاً لرونين بيرغمان، معلقها العسكري، تناول عمل المخابرات الأمريكية بموازاة الحرب على العراق قائلاً ان "هناك إحتمالات قوية بضم سورية أيضاً الى محور الشر بعد الحرب على العراق".

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس, يديعوت أحرونوت

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات