يتوجه، يوم الثلاثاء القادم، حوالي 3000 ناشط يهودي، إلى مقرَّ الكونغرس الأمريكي، من أجل إقناع أعضاء الكونغرس بمواصلة دعم دولة إسرائيل. وهذه الخطوة ستكون إختتامًا للمؤتمر السنوي للجنة "اللوبي لدعم إسرائيل ("أيباك")، الذي ينعقد سنويًا في واشنطن، بحضور مسؤولين رفيعين من النظام الأمركي وممثلين إسرائيليين كُثُرٍ. ولكن في هذه المرة، يبعث الآلاف من أعضاء اللوبي ببلاغ مُركّب لأعضاء الكونغرس، على غير العادة. ومع أنهم سيشددون على توقعاتهم من المشرعين الأمريكيين المصادقة على المعونات الأمريكية الخاصة لإسرائيل، إلا أنه من غير الواضح ما سيقولونه بصدد مسألة الخطة السياسية و"خارطة الطريق" الخارجة عن الحكومة الأمريكية.ويقول مراسل "هآرتس" في واشنطن (26/3) إن هناك إنتقادات تُسمع في أوساط المجموعات اليهودية الأمريكية على مضمون "الخارطة"، وعلى توقيت نشرها أيضًا، "ولكن من الصعب إسماع الانتقادات في وقت كهذا، تخوض فيه أمريكا الحرب".
وفي محاولة لتفريغ تحفظات يهود أمريكا على الخطة منة مضمونها، سارعت مستشارة الأمن القومي، كوندوليسا رايس، إلى دعوة وفد يضم ممثلي التنظيمات اليهودية، قبل عدة ساعات من إعلان الرئيس الأمريكي، جورج بوش، في حديقة الورود، في الرابع عشر من آذار، عن نيته عرض "الخارطة" في أسرع وقت.
ولم تنجح رايس في تهدئة مخاوف الكثيرين من المشاركين في الجلسة. "المشكلة الأساسية"، قال أفرهام (أيف) فوكسمان، رئيس "المنظمة ضد التشهير" الذي حضر الاجتماع، "هي التوقيت". وبحسبه، فإن بوش خلق في خطابه علاقة بين الحرب في العراق وبين الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني، هذه العلاقة التي تحاول إسرائيل والمجموعات اليهودية التنكر لها، منذ بدء الأزمة في العراق. ويصف فوكسمان هذه العلاقة بـ "السابقة الخطيرة".
ويتخوّف ناشطون يهود من أن "مجرد ربط الصراعين معًا، سيكون بمثابة تزويد الذخيرة لأولئك الذين يروْن إسرائيل كعنصر يشجع النظام الأمريكي بشأن العراق". وأيضًا – يكتب مراسل "هآرتس" - يخلق عرض "خارطة الطريق" في التوقيت الحالي إنطباعًا بأن الولايات المتحدة مستعدة للدفع "بالعملة الاسرائيلية" (على حساب إسرائيل) لقاء الدعم العالمي – وخاصةً الدعم البريطاني - للحرب، وأنها لا تتردد في التقدم بما يخالف الموقف الاسرائيلي، والذي بحسبه، من المفضل الانتظار إلى حين إنتهاء الحرب قبل عرض الخطة، ما يهدف لمساعدة توني بلير على مواجهة النقد البريطاني الداخلي.
ولا يشكل توقيت نشر "خارطة الطريق" الأمر الوحيد الذي يقلق يهود أمريكا. ويشعر بعض التنظيمات بأن مضمون "خارطة الطريق" أيضًا، كما يتضح من صيغتها الأخيرة التي بُلورت في العشرين من كانون الأول الماضي، لا يتوافق مع متطلبات الحكومة الاسرائيلية ومع الشكل الذي كانت إسرائيل ترغب به، لإخراج "رؤيا الرئيس بوش" إلى حيز الواقع. "هناك مشاكل حقيقية تتعلق بأمن إسرائيل"، يقول ملكولم هونلاين، نائب رئيس لجنة الرؤساء للتنظيمات اليهودية. ويعتقد هونلاين أنه يجب الانتظار وسماع موقف إسرائيل الرسمي فيما يخص الخطة، ولكنه يشدد على أنه في حالة تحفظ إسرائيل منها، فإن المجموعات اليهودية ستساعدها في ذلك. "لن نتردد في إٍسماع صوتنا فيما لو كانت هناك تخوفات على أمن إسرائيل"، يقول.
وليس إطلاق الانتقادات على النظام الامريكي في فترة حرب بالأمر الهيّن. وتوضح جهات في المجموعات اليهودية أن الممثلين الذين في إتصال مع النظام ومع الكونغرس، يحاولون التشديد على الأمور الأيجابية وليس على السلبية، ولا يخرجون بتصريحات بصدد الحاجة لإدخال تغييرات وتعديلات في "خارطة الطريق".
"السؤال هو حول ‘النبرة‘ والقوة، ولكن لا يجب التقهقر. هذه ليست حرب إسرائيل أو اليهود، ونحن لا يجب أن نخشى التحدث عن مواضيع نحن نعارضها"، يقول فوكسمان. وتضيف الناطقة بلسان "أيباك"، ريفكا نيدلر: "لا يجب الاختيار بين أن نكون برو- إسرائيليين أو أن نكون برو- أمريكيين. نحن ندعم الأمرين في نفس الوقت".
"الشعور السائد في المجموعات اليهودية هو أن النقاش الجماهيري، الذي أجّجَته عناصر من اليمين المحافظ ومن اليسار المعارض للحرب، حول الضلوع المفترض ليهود مؤيدين لإسرائيل في دفع أمريكا نحو الحرب في العراق، آخذٌ في الخفوت"، يكتب المراسل الصحفي الاسرائيلي من واشنطن في صحيفته. "ومع أن الملاحظات اللاسامية التي أطلقها متحدثون ضد الحرب حظيت بدعم معيّن، حتى في التيار المركزي، إلا أنه مع إندلاع المعارك، توقف هذا الأمر. ومع ذلك، هناك من يعبّر في المجموعات اليهودية عن خشيته من أن تؤدي تعقيدات في الحرب أو إرتفاع عدد القتلى الأمريكيين، إلى تجدد تصريحات وإدعاءات وكأنّ اليهود وإسرائيل مسؤولين عن تواجد القوات الأمريكية في الخليج الفارسي (العربي)".