المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تلقت الحكومة الاسرائيلية في نهاية الاسبوع المنصرم نسخة جديدة من الصيغة المعدلة للخطة الامريكية بشأن الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني، المسماة "خريطة الطرق". وافادت المصادر الرسمية الاسرائيلية ان الرد الرسمي الاسرائيلي عليها سينقل الى الإدارة الامريكية فقط بعد ظهور نتائج الانتخابات التشريعية في اواخر يناير 2003.
وابدت اسرائيل ارتياحها للخطة الجديدة المعدلة، التي تتشدد في شروطها تجاه السلطة الفلسطينية، بينما تبدي تفهما لما تسميه "مقتضيات التطور الطبيعي" في المستوطنات الاسرائيلية المقامة فوق اراضي الدولة الفلسطينية.

في هذه الاثناء صعّدت اسرائيل من سياسة الاغتيالات التي تنفذها بحق ناشطين فلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ونقلت وسائل الاعلام عن مسؤولين في الحكومة الاسرائيلية قولهم ان رئيس الحكومة شارون ووزير دفاعه موفاز اتفقا على تصعيد الضغط العسكري على الفلسطينيين وتنفيذ المزيد من الاعتقالات والاغتيالات. وعزت هذه الاوساط هذا القرار الى ما اسمته "التصعيد الفلسطيني في اعقاب عملية عوتنئيل" التي قتل فيها اربعة اسرائيليين واصيب عدد منهم بجراح. ونقلت "هارتس" عن اوساط في جهاز الامن الاسرائيلي قولها ان "انذارات خطيرة" بالتخطيط لتنفيذ عمليات داخل اسرائيل ما زالت تصل اليها، وانها تتوقع ان تعزز منظمات فلسطينية من عملياتها ضد اهداف اسرائيلية، عشية اقتراب موعد العدوان الامريكي على العراق، الذي تتوقع اوساط كثيرة ان يبدأ في اواسط يناير 2003.

وافادت الانباء الصحفية الاسرائيلية ان انتقادات شديدة وجهها المستشار القضائي لحكومة شارون، إلياكيم روبينشتين، خلال جلسة الحكومة الأسبوعية، حذر فيها من مخاطر سياسة التصعيد التي يتبعها موفاز وشارون، وقال إنه "يجب اتباع الحذر الشديد حيال عمليات الاغتيال، بحيث يبقى الملاذ الأخير في حال فشل اجراءات اعتقال المطلوبين".

وعقب شارون على تصريحات مستشاره القضائي بالقول إن وسائل الإعلام شوهت تصريحاته، مؤكدا مع ذلك أنه نسق مع وزير دفاعه موفاز تعزيز "الإجراءات المتبعة ضد الإرهاب، بما في ذلك المتبعة ضد منفذي العمليات، ومساعديهم ومرسليهم". * خريطة الطرق: تفاصيل اضافية

وكانت الصحف الاسرائيلية نشرت الاسبوع الماضي تفاصيل اضافية عن صيغة ثالثة معدلة من "خريطة الطرق"، التي نوقشت في نهاية الاسبوع في اجتماع "الرباعية" الاخير في واشنطن، يتبين منها انها تتشدد بالاساس في مطالبها من الجانب الفلسطيني، وتعكس خلافات حادة بين ادارة الرئيس الامريكي بوش وشركائها في "الرباعية" – الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وروسيا، في هذا الشأن.

وهذه هي الصيغة المعدلة الثالثة لـ "خريطة الطرق"، التي وصلت نهاية الاسبوع الى تل ابيب، بعد ان امتنعت الادارة الامريكية عن تسليم الوثيقة قائلة ان الصيغة النهائية لها ستستكمل وتسلّم الى الاطراف المعنية فقط بعد الانتخابات الاسرائيلية العامة وانتخاب حكومة جديدة هنا، تكون قادرة على التعقيب عليها.

وتقدم "خريطة الطرق" برنامجا مفصلا لاقامة دولة فلسطينية (كانتونات، على الاصح) في حدود مؤقتة حتى نهاية 2003 وتسوية دائمة نهائية حتى اواخر 2005. وتشترط الخطة أي تقدم في التنفيذ والانتقال من مرحلة لاخرى بما يتخذه كل طرف ازاءها من اجراءات.

وتتضمن الصيغة الجديدة فقرة لم تظهر في الصيغ السابقة، جاء فيها ان الدولة الفلسطينية يمكن ان تقوم فقط بعد ان يحصل الشعب الفلسطيني على قيادة "تكون مستعدة وقادرة على اقامة ديمقراطية نشطة مؤسسة على اسس التسامح والحرية". وتقول: "مع قيادة كهذه، وبوجود مؤسسات مدنية واجهزة امن اعيد بناؤها، يحص الفلسطينيون على تأييد الرباعية والاسرة الدولية الفعال لاقامة دولة فلسطينية مستقرة".

وتطالب الادارة الامريكية الاتفاق على ان القيادة الفلسطينية القادمة يجب ان تكون "نظيفة من الارهاب"، لكن الاوروبيين والروس والامم المتحدة يعارضون ذلك. وتوجه الصيغة الامريكية شروطها تجاه "الفلسطينيين" بشكل عام، اما الصيغة الاوروبية فتتحدث عن "السلطة الفلسطينية". ويعود الفرق الى محاولة الاوروبيين ابقاء رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات في الصورة مقابل مطالبة ادارة بوش بتنحيته. ويعرض الامريكيون ايضا ان تتمتع الدولة الفلسطينية التي ستقوم في حدود مؤقتة بـ "مؤشرات على السيادة" فقط.

واشار الوف بن في "هارتس" الى تغيير اضافي في صيغة الخريطة تم خلافا لموقف اسرائيل، يتعلق بمبادرة السلام السعودية كما اقرها مؤتمر القمة العربية في بيروت من مارس الماضي، حيث تعتبرها الخطة المعدلة احدى مرجعيات "خريطة الطرق" – الى جانب قرارات الامم المتحدة ومؤتمر مدريد ومبدأ الارض مقابل السلام والاتفاقات السابقة بين الاطراف. ويعارض رئيس الوزراء الاسرائيلي بشدة الاشارة الملزمة الى المبادرة السعودية بسبب دعوتها الى انسحاب اسرائيلي من جميع المناطق المحتلة والعودة الى حدود الرابع من حزيران 2967. وقد ورد في الصيغة السابقة ان الاطراف "ستراعي بشكل خاص" المبادرة السعودية، لكنها حصلت الان على مكانة جديدة اعلى.

وتبقي الصيغة الجديدة كما هي المطلب بأن ينشر الطرفان مخطوة اولى لتطبيق "خريطة الطرق" تصريحات متبادلة حول وقف العنف والتحريض المتبادلين. ويقول الوف بن في "هارتس" ان الصيغة الجديدة تضمن تسهيلات معينة لاسرائيل. فالصيغة المعدلة شطبت المكلب السابق بأن تكف اسرائيل عن عملياتها العسكرية في مناطق فلسطينية مكتظة – في اشارة او تسمية جديدة لعمليات الاغتيال الاجرامية التي تقوم بها قواتها الخاصة في الاراضي الفلسطينية. وقد اثار هذا البند خلافات حادة بين الولايات المتحدة وروسيا، اللتين تبنتا سياسة الاغتيالات كوسيلة من وسائل "مكافحة الارهاب"، من جهة، وبين الاوروبيين والامم المتحدة، الذين يرفضون بشدة أي "انحراف عن الصيغة".

بالمقابل تشددت المطالب الامنية من الفلسطينيين، في "التصدي لكل من يشتغل بالارهاب" بعد ان كانت في السابق مقصورة على "تفكيك البنى التحتية للارهاب"، وكذلك البدء بالاعدادات لجمع الاسلحة غير المرخصة في المرحلة الاولى من التنفيذ. ولم تعرض الصيغة الاولى من "خريطة الطرق" اية مطالب امنية في المرحلة الاولى، باستثناء نشر بيان ضد "الارهاب" وتنفيذ اصلاحات في اجهزة الامن الفلسطينية. وبضغط اسرائيلي وافق اعضاء "الرباعية" على توجيه مطالب "واضحة ومتشددة اكثر" للجانب الفلسطيني.

وفي مسألة المستوطنات ظلت الخلافات بين الولايات المتحدة، التي ترى ان تجميد البناء في المستوطنات يجب ان يتم فقط بعد وقف شامل لاطلاق النار، وبين بقية الاعضاء في "الرباعية"، الذين يطالبون اسرائيل بتجميد فوري للمستوطنات بدون اية شروط. وكانت الصيغة السابقة من "خريطة الطرق" تضمنت مطلبا بأن يبدأ تجميد البناء في منطقة القدس، بينما تضمنت الصيغة الثالثة صياغة اقل الزاما.

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات