ليس ثمة شكّ في أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، اريئيل شارون، يلعب في الوقت الضائع. فأغلبية اعضاء حزبه لم يعودوا يثقون بقدرته القيادية، وهم ينتظرون اللحظة المناسبة للاطاحة به. كما ان الغالبية الساحقة من اليمين سواء داخل الليكود او خارجه لم تعد ترى فيه الزعيم القادر على ايصال سفينتهم الى بر الأمان. ومع ذلك، وخلافاً لكل المعايير والتقديرات المنطقية، يواصل شارون عرض نفسه وكأنه الشخص القادر على تنفيذ المهمة المستحيلة: حسم المعركة مع الفلسطينيين وإلحاق الهزيمة بهم و"تحقيق السلام" عبر خطة الفصل، ومن دون تقديم تنازلات جوهرية.
يوم حطم أسرى "شطة" أبواب السجن وأسلاكه الشائكة في الطريق إلى الحرية
رغم التقادم لا بد من إعادة التحقيق وكشف حقيقة ما جرى هناك؟
لا تخرج الحملة العسكرية، التي جرّدتها إسرائيل ضد قطاع غزة، عن السياق العام للمحاولات الإسرائيلية الدؤوبة، الرامية إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني، وفرض الإملاءات السياسية عليه، بوسائل القسر العسكرية.
بعد أكثر من ثلاثين عاماً على حرب تشرين عام 1973، يستمر الجدل في اسرائيل ليس فقط حول وقائع تلك الحرب، وانما كذلك حول الدروس الواجب استخلاصها. وثمة من يحاول، في كل وقت، القول بأن ما حدث حينذاك من فشل وتقصير ومباغتة لا ينبغي أن يتكرر. ومما لا ريب فيه ان هذه الحماسة من جانب الاسرائيليين لقراءة تلك التجربة تثير الحسد لدى كل من يشعر بأن أوضاعنا تتدهور من سيء الى أسوأ، لأننا لم نعد نقرأ الحاضر والماضي على حد سواء. فالجيش الاسرائيلي، وكذلك النظام الاكاديمي، يقدم في كل عام العديد من الدراسات المتصلة بتلك التجربة في محاولة لاسكتشاف بعض جوانبها الخفية وتقليب الظروف التي كانت قائمة آنذاك على جميع الوجوه.
الصفحة 40 من 81