يوم حطم أسرى "شطة" أبواب السجن وأسلاكه الشائكة في الطريق إلى الحرية
رغم التقادم لا بد من إعادة التحقيق وكشف حقيقة ما جرى هناك؟
أجواء هادئة ولكن ..!!
عندما باشر سجناء الحرية من فلسطين اضرابهم عن الطعام مؤخرًا انطلق عدد من المسؤولين في تهديدات حربجية ذات طابع فاشي الى حد ما.. في مقدمة هؤلاء المسؤولين وقف الوزير المتهم بالفساد تساحي هنغبي. للحقيقة أقول انني توجست وغيري من أن تترجم هذه التهديدات الى لغة الفعل وترتكب بذلك جريمة اخرى بحق سجناء الحرية، تشبه تلك الجريمة التي قرأت عنها يوما ما والتي وقعت احداثها قبل 46 عامًا في سجن "شطة" الواقع ما بين مدينتي العفولة وبيسان وتحت اقدام جبل الجلبوع القريب جدا ... تلك الجريمة راح ضحيتها -13- شهيدا وهناك من يقول -15- شهيدا من السجناء العرب، هذا عدا عن الجرحى...
قررت أن اعود الى الوثائق التاريخية في مكتبتي مجددا لأبحث مع القراء عما حدث في هذا السجن الذي يشاهده كل من يسافر الى البلد الشقيق الاردن، لانه يقع بمحاذاة الشارع الموصل الى نقطة العبور المدعوة "جسر الشيخ حسين" حيث تظهر اسواره والاسلاك الشائكة والاجهزة الالكترونية لنا بوضوح تام. نعم عدت لانبش صفحات التاريخ هذه المتعلقة بالاحداث التي مرت على سجناء "شطة" لاجد فيها انهم حاولوا كسر الطوق المحكم والشائك المفروض عليهم، املا منهم في أن ينطلقوا مجددا الى الحرية التي حرمتهم منها جدران السجن العالية وزنازينه الضيقة. كانت خمس محاولات كهذه لكنها باءت بالفشل جميعا .
على ضوء هذا النجاح المتكرر في افشال محاولات الخروج من السجن والغرور الذي اجتاح المجتمع الاسرائيلي وقوات الامن بشكل خاص بعد حرب السويس وما عرف بالعدوان الثلاثي يومها على جمهورية مصر العربية.. لم تتوقع أجهزة الحراسة في السجن أن يقوم السجناء العرب بمحاولة مجددة لكسر الاسلاك الشائكة والحراسة المشددة في الطريق الى الحرية. وبلغ الغرور بحراس السجن ومديره انهم كادوا يتركون السجن بدون حراسة.. كما اتضح فيما بعد اثناء التحقيق، ونقل على لسان احد الحراس قوله تعقيبا على سؤال وجه اليه بخصوص السماح للسجناء بحمل القداحات بحرية تامة : "ماذا يمكن ان يفعل هؤلاء العرب بالقداحات.."!!
سخرية هذا الحارس المستمدة من فكر القيادة كانت خاطئة جدا لانه اتضح فيما بعد ان "هؤلاء العرب" استطاعوا ان يخلخلوا اركان الحكومة واجهزتها الامنية وأن ينسفوا اسس هذا الاستهزاء .
ربما كانت خطة طويلة الامد.. وربما ولدت فكرة لدى شخص او عدة اشخاص من السجناء وتبلورت لاحقا... لكن يظهر لنا من الوثائق والمعطيات الواردة بخصوص احداث سجن "شطة" في ذلك العام أن السجناء وقيادتهم خططوا باحكام لانتفاضتهم ... لان "هدوءهم"، و"حسن تصرفاتهم"، على حد تعبير المسؤولين عن السجن امام لجنة التحقيق الرسمية، كانت لها خصوصية لا مثيل لها حتى في السجون الاخرى ... السجناء واظبوا على تنفيذ برنامجهم اليومي دون أي خلل من ساعة النهوض وحتى العودة الى الغرف مساء... كانت لهم علاقات خاصة مع الضباط والحراس، قاموا بتنفيذ كل ما طلب منهم من عمل بنشاط ودقة... ووصلت هذه العلاقات الى وضع سمح فيه لاحد السجناء بفتح واغلاق بوابة السجن الداخلية واحيانا البوابة الخارجية. ووفقا لما جاء في تصريح الحارس المدعو "شيخطر" امام لجنة التحقيق فإن العمل المركزي الذي قام فيه السجناء داخل اسوار السجن كان صناعة الحصر من القصب... هذا العمل قاموا به في ساحة السجن الداخلية بانتظام تام وهدوء لكن على ما يبدو أن ذلك الهدوء كان هدوء ما قبل العاصفة التي كانت ستهب وتشعل كل ما في السجن.
آب اللهاب ...
كان في سجن "شطة" يومها أكبر تجمع للسجناء العرب الامنيين... حيث بلغ العدد حوالي 190 سجينا من الفدائيين وممن اتهموا بالقيام بعمليات نقل معلومات – تجسس – لصالح الدول العربية ومنهم من اتهم بـ "التسلل" وعدد قليل جدا من السجناء الجنائيين منهم ستة سجناء يهود . الايام كانت ايام الصيف الحار... المنطقة التي يقع فيها السجن تعتبر منطقة حارة جدا في الصيف... وبشكل خاص حرارة شهر "آب اللّهاب"، كما يقول مثلنا... هذا اللهيب الصيفي اثر على ما يبدو ايجابا في رفع لهيب الغضب وحرقة الحرية في نفوس السجناء، ما دفع قيادتهم إلى أن تخطط لانتفاضة الحرية والغضب من أجل كسر طوق الحراسة واختراق اسوار السجن في الطريق الى الحرية عن طريق عبور المنطقة الحدودية التي لا تبعد سوى ستة كيلومترات عن جدران السجن نفسه.
من أجل تحقيق هذا الهدف لا بد من جمع المعلومات الدقيقة عن كل ما يتحرك داخل السجن وخارجه.. متى تفتح وتغلق البوابات، أين مخزن السلاح، متى تكون الحراسة خفيفة، أي الطرق اسهل للخروج من السجن، أيها أسرع ايضا. اتضح فيما بعد أن قيادة السجناء تمكنت من جمع معلومات دقيقة وقامت بوضع مخطط دقيق للسجن ونقاط الحراسة والخروج فيه، بما في ذلك كيفية تسلق الاسوار وحتى اعداد سلالم لهذا الهدف. هدوء المنطقة وحرارتها أديا في النهاية الى التهاب المشاعر لدى القيادة واقتراب موعد التنفيذ.. بل ساعة انطلاق الانتفاضة الكبرى للسجناء أو "التمرد الكبير"، كما وصفت عمليتهم في وسائل الاعلام الاسرائيلية يومها .
"الخميس الاسود" والسيطرة على السجن
هذا العنوان جاء في احدى الصحف ليعبر عن الالم الذي عصف يومها بالقيادة الاسرائيلية بسبب نجاح السجناء في ما خططوا له... الاحداث اندلعت بعد الساعة السادسة من مساء يوم الخميس 31/7/1958 بعد انتهاء السجناء من تناول طعام العشاء. كان السجين المدعو صبحي قد طلب فتح البوابة لاخراج بقايا القصب الذي يستعمله السجناء في عملية جدل الحصر التي يقومون بها يوميا .. صبحي أبقى البوابة مفتوحة بعد اخراج القصب... بعدها انطلق السجناء معا وفقا للخطة التي اعدت مسبقا نحو البوابة وتدفقوا نحو غرفة الحارس المناوب حيث قطعوا سلك الهاتف وحطموا جهاز اللاسلكي وقطعوا التيار الكربائي، وبالمقابل اشعلوا المشاعل التي اعدوها مسبقا لتساعدهم خلال عملية الخروج من السجن والتوجه نحن الحدود الاردنية... مما يؤكد ان نواياهم لم تكن اهدار الدماء بل الخروج بسلام.. لكن ما حدث كان عكس ذلك، اشعال شعلة الغضب والتمرد بل الثورة داخل السجن المركزي الذي زجوا داخله، أي سجن شطة.. حيث وقعت مفاجآت غير متوقعة منها قيام السجناء الجنائيين اليهود ومعهم بعض العرب بخطوات حاولوا خلالها عرقلة انتفاضتهم ومنعهم من فتح البوابة الرئيسية للتوجه نحو الحدود الاردنية القريبة وعبورها قبل وصول النجدة الى السجن..
ضمن هذه الخطوات قام احد السجناء الجنائيين بالاعتداء على الصحفي المصري السجين، المتهم بانه دخل الى اسرائيل في مهمة كلف بها من المخابرات المصرية وان مهنة الصحافة لا تمت له بصلة. هذا الصحفي يدعى احمد عثمان، اتضح فيما بعد انه من قيادة الانتفاضة في السجن وانه ادخل الى "شطة" قبل شهر ونصف الشهر فقط ووضع مع السجناء الجنائيين اليهود الا أنه نقل قبل يوم واحد فقط من انطلاق هبة السجناء من اجل الحرية الى قسم السجناء الامنيين العرب... السبب لهذا الاعتداء كان منعه من فتح البوابة الرئيسة ليخرج منها السجناء بسلام وبدون أي اشتباك او اراقة دماء... لكن هذا السجين تمكن من اصابة احمد عثمان في رأسه مما افقده الوعي وبذلك خطف من يديه مفاتيح البوابة مما احدث اشكالا ادى الى اشتباك بين السجناء ومن بقي من الحراس، وقتل اثنان من الحراس وعدد من السجناء بعد اطلاق النار عليهم واصيب عدد آخر. احمد عثمان ادخل الى احدى غرف السجن ولا يفهم احد كيف حاول الهرب مجددا وعندها اطلقت عيارات نارية عليه اصابته خمس منها في رجليه اصابات بالغة. هذه الاصابات لم نجد لها أي تفسير وتثير علامات سؤال كبيرة جدا.. منها هل حاولوا اعاقته عمدا وهو محتجز؟؟؟
قيادة انتفاضة السجناء لم يتعرف عليها احد لكن هناك من يعتقد أن احمد عثمان ومحمد عيسى بطاط (متهم بعمليات تجسس لصالح سوريا ومصر والاردن وحتى اسرائيل، نقل الى السجن قبل اقل من يوم من انطلاق الانتفاضة، مما يثير العجب لاتهامه بانه قاد السجناء) ومعهم اربعة سجناء مصريين عرفوا بالطلاب الجامعيين وسلامة سعايدة ومصطفى فرحات وصبحي، هؤلاء من قاموا بوضع الخطة والتنفيذ. خلال التحقيق مع السجناء الذي جرى في ظروف مهينة جدا أسوأ مما شاهدناه وسمعنا به في سجن "ابو غريب" سيء الصيت تمت تعرية هؤلاء السجناء وتعذيبهم من أجل معرفة من الذي خطط لهذا التحرك الجريء... لكن لم يفصح أي منهم عن اسم الشخص او المجموعة.. حتى احمد عثمان الذي تم التحقيق معه وهومصاب في سيارة الاسعاف ومن ثم وهو راقد في المستشفى للعلاج رفض الاعتراف وقال : "انا اعرف من خطط لهذا التمرد من اجل الحرية لكن حتى لو ذبحتموني لن اكشف لكم عن اسمه". وهكذا كان مساء يوم الخميس يومًا حافلا بالاحداث التي لم يتوقعها مدير السجن، شالوم شفيلي، الذي ترك عددًا محدودًا من الحراس فقط .
"رفضنا أن تكون انتفاضة عنيفة"
هذا ما صرح به احمد عثمان اثناء التحقيق معه، وفقا لما صدر عن لجنة التحقيق الرسمية. واكد عثمان ان البعض اقترح استعمال العنف خلال عملية التمرد والخروج في الطريق للحرية من ابواب السجن الا ان هذا الاقتراح والفكرة ايضا رفضا وتم تأجيل الخطة من شهر أيار -1958- من اجل عدم اراقة الدماء... "لذلك عندما وجدنا أن الفرصة سانحة نفذنا الخطة وفي محورها أن ننطلق نحو بوابة السجن الرئيسية للخروج منها.. لو اردنا استعمال القوة والسلاح لتمكنا من ذلك بسهولة، لكننا لم نفكر باستعمال القوة"، كما جاء في اقواله للجنة التحقيق .
تطورت الاحداث بعد تدخل السجناء الجنائيين واعتدائهم على احمد عثمان واصابته وغيره من السجناء واستعمال هراوات حديدية. وخلال الاشتباكات هذه قتل اثنان من الحراس وعدد من السجناء وتوجه البعض لاستدعاء الشرطة وقوات الامن من بيسان والعفولة والمستوطنات المجاورة... هذا أدى الى توجه السجناء نحو غرفة السلاح والقيام بكسر القفل والاستيلاء على اسلحة كانت في داخلها... هذه الاسلحة، حسبما يؤكد العديد من المسؤولين، لم تستعمل وعثر على بعضها في الحقول المجاورة ومعها الذخيرة.
عندما فشلت خطة فتح البوابة والخروج منها استعمل السجناء السلالم التي كانت قريبة وصعدوا بواسطتها الى اعلى السور ليقفزوا من فوق الاسلاك الشائكة (اصيب البعض من جرّاء ذلك) وقفزوا خارج السجن ليتجهوا نحو الحدود القريبة. لو فكر السجناء باستعمال السلاح لكانوا اطلقوا النار على قفل البوابة الرئيسية وفتحوها. تقرير لجنة التحقيق الرسمية اشار الى أن السجناء لم يسارعوا في الهرب من المكان وسيطروا على السجن لمدة ساعتين ونصف الساعة وربما اكثر من ذلك.. اختبأ خلالها من بقي من الحراس والسجناء الجنائيين... وبعد حضور قوات النجدة قام الضابط عوفر باعطاء شارة الاقتحام للسجن.. دخلت في المقدمة مدرعة عبر البوابة الرئيسية وسط اطلاق نار كثيف من الرشاش الذي تحمله، خلال عملية الاقتحام سقط عدد من السجناء قتلى ومنهم من كان على السور يحاول القفز من هناك فاصيب هؤلاء في ظهورهم مما يؤكد انهم لم يشتبكوا بالسلاح مع المهاجمين.
طائرات وحرس حدود
قوات النجدة شملت حرس حدود ومدرعاتهم وقوات خاصة بالاضافة الى طائرات قامت باستطلاع المنطقة وحتى عبور المنطقه الحدودية لاستكشاف السجناء الذين تمكنوا من عبور الحدود بسلام.. الطائرات اطلقت نيرانًا كثيفة من رشاشاتها نحو الحقول والغابات في جبل الجلبوع... خلال هذه العمليات قتل -13- من السجناء. وصدر تصريح لاحق يؤكد انه تم العثور على جثتين من السجناء ممن اصابهم رصاص الطائرات... لكن لم نجد بشكل واضح اذا كان عدد السجناء الذين قتلوا في العملية هو -15- سجينا... عمليات الملاحقة بواسطة حرس الحدود كانت عبر الحدود ومثلها الطائرات وفقا لما وجدناه في الوثائق... وكشفت صحيفة "الجمهورية" المصرية لاحقا - اواسط شهر اكتوبر 58- في تحقيق شامل لها حول الموضوع اعتمد على شهادة بعض السجناء الذين استطاعوا العودة الى بلادهم بسلام ، انهم لم يغادروا المنطقة المحيطة بالسجن وظلوا مختبئين في الحقول لمدة اربعة ايام، أي حتى وقف التمشيط والملاحقة.. بعدها قطعوا الحدود نحو قرية فقوعة الفلسطينية ومنها انتقلوا الى جنين وطولكرم ونابلس والقي القبض على قسم منهم من قبل القوات الاردنية حيث زج بهم الى السجن وبعدها اعيدوا الى القوات الاسرائيلية .
عراة .....
تم اصدار امر بان يقف كافة السجناء المحتجزين داخل السجن عراة كما ولدتهم امهاتهم وحشروا بشكل مهين فوق بعضهم البعض ومن ثم جلسوا الواحد بلصق الثاني.
احد الضباط صرح قائلا : "طلبنا ان ينزعوا ملابسهم لنتأكد انهم لا يخفون السلاح تحتها..". لكن حضرته لم يفسر لماذا اجبر السجناء على الوقوف ومن ثم الجلوس عراة حيث تعرضوا للضرب والاهانة التي من الصعب وصف حقيقة ما جرى على الورق ... نعم جلس السجناء بشكل مهين وفقا للاوامر وهم عراة وتعرضوا للضرب المبرح مما ادى الى نقل البعض منهم الى العلاج بعدها وهناك من بترت رجله لاحقا جراء هذا التعذيب. من الصعب وصف ما تمكنا من قراءته في وثائق وكتابات صدرت على صفحات وسائل الاعلام الاسرائيلية بخصوص هذا الحدث حيث استعملت كلمات وتعابير تثير الغضب لدرجة ان احدى الصحف وصفت السجناء الذين حاولوا الوصول الى نسيم الحرية بانهم "حيوانات" ووحوش والى غير ذلك من الاوصاف البذيئة ونشرت صورهم وهم عراة للتأكيد على قوة الامن الاسرائيلي .. لكن تلك الصور تؤكد مدى العجز الذي تميز به عندها.
لجنة تحقيق
بعد هذه الهبة الناجحة لسجناء "شطة" قررت الحكومة تشكيل لجنة تحقيق رسمية عقدت 14 جلسة لها والتقت مع 48 شخصًا تم التحقيق معهم وسجلت شهاداتهم في بروتوكولات على – 1198- صفحة لخصت في تقرير جاء في 26 صفحة. القاضي عتصيوني كان رئيس اللجنة حيث تم الكشف عن الكثير من الخروقات للانظمة المتعلقة بامن السجون وحراستها. تقرير اللجنة ادى الى اقالة / استقالة مدير السجن شفيلي ونائبه، شمعون قوباني وعدد آخر من ضباط الصف والحراس ونائب رئيس مصلحة السجون، ا. داشا. وطلبت اللجنة من وزير الشرطة يومها بيخور شطريت توبيخ مدير مصلحة السجون، د. تسفي حرمون، وضرورة تنظيم عملية الحراسة في السجون وان يقدم من اهملوا في تنفيذ الانظمة لمحكمة الطاعة. تقرير اللجنة صدر في يوم الثلاثاء-26/08/58- ، من جهته قام وزير الشرطة بالطلب من مدير عام مصلحة السجون اقالة نائبه فورا يوم الاربعاء -27/08/1958-. ووبخ المدير نفسه... مدير السجن شفيلي صمت ولم يتكلم الا أن حراسه اسهبوا في كشف الحقائق المثيرة.
من هذه الحقائق الشهادة التي ادلى بها احد افراد حرس الحدود امام لجنة التحقيق وفيها وصف كيف قام باغتيال السجين محمد عيسى البطاط قائلا : "شاهدت مجموعة من ثمانية اشخاص، نزلت من المجنزرة وحملت الرشاش (البرن) اطلقت النار وقتلته، كانت بجانبه بندقية (عوزي)، كان ذلك بطاط". هذه الشهادة لجندي حرس الحدود تؤكد فظاعة ما قاموا به من قتل متعمد للسجناء. فإذا كان حقا يعرف السجين محمد عيسى البطاط فهو اذن اطلق النار عليه متعمدا بهدف القتل مع سبق الاصرار. وماذا حدث مع الثمانية الآخرين ؟ واذا كان الليل دامسًا فكيف تمكن من عدهم بدقة؟ هذه الاسئلة تطرح نفسها بسهولة أمام مثل هذه الاقوال. ترى ماذا كانت ستكون الاسئلة لو تكشفت الحقيقة كاملة لنا؟.