بعض الوقائع الأخيرة في إسرائيل، المرتبطة تحديدًا بـ"السجال" حول خطة أريئيل شارون بشأن الفصل أو "فك الارتباط"، تثير انطباعًا قويًا بأن منحى كتابة "الرواية التاريخية" للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني من وجهة نظر صهيونية محضة لصق الإلحاح على مطالبة الفلسطينيين بقبولها على علاتها وتصحيفاتها، بات أشبه بـ"الرياضة الوطنية".
لا تزال بعض النتائج العينية للانشغال بالسؤال حول سيناريوهات اليوم التالي لخطة الانفصال الشارونية عن قطاع غزة وأجزاء من شمال الضفة الغربية، في إسرائيل، من نصيب النخب الأكاديمية فقط، فالحكومة الإسرائيلية ليست في عجلة من أمرها على ما يبدو. ومن آخر هذه الانشغالات مقالة كتبها شلومو بروم، أحد كبار الباحثين في "مركز يافه للدراسات الإستراتيجية" في جامعة تل أبيب، وظهرت في النشرة الإستراتيجية الأخيرة الصادرة عن هذا المركز (عدد أيار 2005) تحت العنوان "خطة الانفصال- اليوم التالي" وتوقع فيها استمرار الأزمة بين الجانبين حتى في حالة كتابة النجاح للخطة في التطبيق العملي، نظرًا لتباعد المواقف بينهما بشأن المرحلة التالية والأهم من ذلك نظرًا لانعدام رؤيا إسرائيلية للتسوية.
بداية متفائلة: خلال المسيرة إلى قرية أم الزينات المهجّرة على كتف الكرمل، يوم الثاني من أيار 2006، في نفس اليوم الذي احتفلت فيه إسرائيل باستقلالها المنقوص (لأنّ الاحتلال والعنصرية ينهشانه)، سمعتُ ملاحظة لافتة، من شخصين. فقد علّق كلّ منهما، على حدة، بأنّ المشاركات والمشاركين في المسيرة يبتسمون ويتبادلون التحيّات والحديث، بل إنّ بعض الشباب كان يغنّي.
أخيرا تمكن أريئيل شارون من حسم اتجاه دفة السياسة الاسرائيلية، للمرحلة المقبلة، بالتوجه مجدّدا نحو حكومة جديدة تضم حزب العمل، بدلا من اعتماد خيار الانتخابات المبكرة؛ وذلك لإخراج حكومته من مأزقها بعد انفراط عقدها بانسحاب العديد من الأحزاب منها على خلفية سياسية أو أيديولوجية واقتصادية.
الصفحة 35 من 81