ليس من شأن الأنباء المتواترة عن "شعور المفاجأة" الذي بات يمسك بتلابيب أقطاب الحكم في إسرائيل، حيال "الأداء المتميّز" للرئيس الفلسطيني المنتخب أخيرًا محمود عباس (أبو مازن)، أن تقلّل من لدغة الأزمة التي تضيق أشدّ فأشدّ حول خناق حكومة أريئيل شارون بطبعتها الجديدة، منذ العاشر من كانون الثاني الجاري، التي تضم "العمل" و"يهدوت هتوراه"، فضلا عن "الليكود".
اضطرت إسرائيل للاعتراف بأن نجاح الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في التوصل إلى التهدئة السائدة الآن في قطاع غزة "شكل مفاجأة لها". وأعلن أبو مازن في مقابلة مع التلفزيون الفلسطيني أن جميع فصائل العمل الوطني الفلسطيني تحلت بالمسؤولية العالية وتسعى إلى وضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني. ومع ذلك شددت الفصائل الفلسطينية على أن التهدئة القائمة مشروطة بتراجع إسرائيل عن عدوانها واللجوء إلى التهدئة أيضا.
ساعات قليلة قبل ادائه اليمين الدستورية في المجلس التشريعي الفلسطيني، أعلنت اسرائيل عن قطع الاتصالات ووقف المفاوضات مع الرئيس الفلسطيني المنتخب.
كيف يمكن قطع مفاوضات لم تبدأ بعد؟ هذا اختراع من انتاج صناعة بوق الدعاية الاسرائيلية الذي امتهن التمويه والتضليل. والحجة كالعادة هي ان الفلسطينيين يستمرون في تنفيذ العمليات. ولكن إسرائيل لا تقول ما الذي ستفعله هي من اجل التهدئة، سوى استعدادها لإجراء مفاوضات مع أبو مازن، اذا نفذ الاخير الشروط الاسرائيلية بشأن محاربة ما يسمى بالارهاب.
يبدو أن الوقت لن يعمل لصالح الرئيس الفلسطيني الجديد، محمود عباس، لترتيب أوراقه وأولوياته، لا من جهة إسرائيل ولا من جهة المعارضة الفلسطينية (متمثلة بحركة حماس تحديدا)؛ فهذان الطرفان، على اختلاف مصالحهما ومقاصدهما، يعملان على فرض أجندتهما الخاصة على الساحة الفلسطينية، وطبيعي أنهما سيحولان دون تمكين الرئيس المنتخب من تطبيق رؤيته في تهدئة الأوضاع وترميم البيت الفلسطيني ومعالجة التحديات الخارجية.
ما الذي تريده إسرائيل من محمود عباس؟
الصفحة 34 من 81