على الرغم من الجهود المبذولة لتسويق رئيس الهستدروت، عضو الكنيست عمير بيرتس، وعلى الرغم من كل الاعلانات الدعائية ضد وزير المالية، بنيامين نتنياهو، وعلى الرغم من الشعور بأن الاضراب العام يحظى بتأييد واسع، تبين نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه معهد "ديالوج" لصالح صحيفة "هآرتس" ان غالبية الجمهور (53%) عارضت الاضراب وفقط الثلث (32%) أيده.
على الرغم من الجهود المبذولة لتسويق رئيس الهستدروت، عضو الكنيست عمير بيرتس، وعلى الرغم من كل الاعلانات الدعائية ضد وزير المالية، بنيامين نتنياهو، وعلى الرغم من الشعور بأن الاضراب العام يحظى بتأييد واسع، تبين نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه معهد "ديالوج" لصالح صحيفة "هآرتس" ان غالبية الجمهور (53%) عارضت الاضراب وفقط الثلث (32%) أيده.
قد يكون السبب في هذا كامناً في بنية الاقتصاد الاسرائيلي، اذ ان القطاع التجاري الخاص يشكل ثلثي حجم الاقتصاد، بينما القطاع العام لا يشكل الا الثلث. ولذلك كان طبيعياً أن ترجح كفة معارضي الاضراب، فهم اكثر عددًا. كل من يعمل في القطاع الخاص، وكل من تآكل راتبه في السنتين الأخيرتين وفصل كثيرون من زملائه من العمل، لا يكن حبًا مميزًا للعاملين في قطاع الخدمات العامة الذين، لم يمسهم اذى حتى الآن ويتمتعون بتثبيت في العمل دون أي شرط، كما يتمتعون برواتب متزايدة باستمرار.
ولا شك في أن غضب العمال في القطاع الاسرائيلي الخاص يزداد، حين يرون الاضرار التي تلحق بمصانعهم او بالمصالح التجارية التي يعملون فيها؛ وبالأساس ـ هم لا يحبون الاحتكارات الكبيرة، مثل شركة الكهرباء، بيزك، مكوروت، سلطة الموانىء وسلطة المطارات، حيث الموظفون الكبار يتمتعون بامتيازات يستطيع عمال القطاع الخاص ان يحلموا بها فقط، سواء في الرواتب او الشروط الاجتماعية او غيرها.
كذلك المظاهرة ضد الاضراب التي نظمها، قبالة ميناء حيفا (الخميس 1/5)، رؤساء القطاع الخاص، وعلى رأسهم عوديد طيره واورئيل لين، بما في ذلك مسيرة الشاحنات في مختلف انحاء اسرائيل وهي تحمل يافطات كتبت عليها شعارات ضد بيرتس على خلفية "الاضرار التي يسببها للانتاج والتصدير"، هي تعبير عن نضال جديد للعمال، ضد العمال: القطاع الخاص ضد القطاع العام.
يبين الاستطلاع، كما كان متوقعًا، ان المعارضة للاضراب في اوساط اليمين السياسي هي اوسع وأشد. غير انه في اوساط اليسار ايضاً لم يحظ الاضراب بتأييد الأغلبية، بل حصل تعادل بين المعارضين والمؤيدين، ما يدل على ان بيرتس قد فوُت شيئا في طريقه لأن يصبح "حاكم الشعب".
غير ان معارضة الاضراب لا تحكي الا نصف القصة. ذلك ان غالبية الاسرائيليين (53%) تعارض ايضًا الخطة الاقتصادية الحكومية، وفقط 26% يؤيدونها. كذلك، يعتقد 37% بأن الخطة ضرورية. وفي ذلك يكتب نحميا شترسلر (هآرتس 3/5): "هذه هي افضلية الدمقراطية التمثيلية، التي يمنح الشعب من خلالها قوة للحكومة ولوزير المالية. وهذا حسن. اذ لو كان تنفيذ الخطة مرهونا باستطلاعات الرأي العام، فلم يكن من الممكن تنفيذ اية خطة، حتى لو تدهور الاقتصاد الى الهاوية. ذلك انه من الصعب جدا اقناع الجمهور الواسع بضرورة اجراءات مثل التقليص، الخفض، التقليل والتصغير".
المشاركون في استطلاع الرأي سئلوا إن كان سيطالهم ضرر جراء خطة التقليصات. 18% قدروا بأنهم لن يُمسوا اطلاقا، "لكنهم مخطئون – يكتب شترسلر - ليس هناك من لن تمس به الخطة، ولو بشكل غير مباشر. فليس من الممكن العيش في اقتصاد مأزوم وعدم التعرض لأي ضرر".
14% من المستطلعين قالوا انهم ضليعون في معرفة تفاصيل الخطة. "حسن ان منظمي الاستطلاع لا يحملون اجهزة لكشف الحقيقة، لأن الابرة كانت ستنكسر. فلكي تكون ضليعاً في معرفة هذه الخطة، عليك قراءة صفحاتها الـ 173، ولا أعرف شخصًا واحدا فعل ذلك (بمن في ذلك وزراء الحكومة واعضاء الكنيست الذين صوتوا مع الخطة او ضدها)" (هآرتس، 3/5).
وفي المعركة على الصورة الشخصية، انتصر الحاكم على الساحر: 38 % يعتقدون بأن بيرتس لعب دوراً ايجابياً، بينما قال 26% فقط ان نتنياهو كان ايجابيًا. ومع ذلك، فهذه النتيجة لا تدل على ان بيرتس أفضل في مجال العلاقات العامة، لأن قضيته اسهل للشرح والاعلام، فالحديث عن المسنين والجوعى أسهل، بكثير، من القول بأنه من الضروري التضحية الآن، من أجل مستقبل أفضل. وربما كان نتنياهو يدفع ثمن عدم الثقة التي ينظر به اليه قسم من الجمهور، على خلفية الفترة التي تولى فيها منصب رئيس الحكومة.
ويبين الاستطلاع ان الجمهور خائب الأمل من عدم تدخل رئيس الحكومة شارون في الصراع بين المالية والهستدروت. 54% يعتقدون بان تدخله كان قليلا جدًا. يبدو انهم توقعوا معجزة ما، ان يستدعي رئيس الحكومة بيرتس الى مكتبه، وبعد جلسة تستغرق ساعتين، يتنازل بيرتس عن جميع مطالبه.
لكن الحقيقة هي انه لو بادر شارون الى دعوة رئيس الهستدروت اليه، لحقق نتيجتين اثنتين: الاولى، انه كان سيجعل من وزير ماليته "بطة عرجاء"، بحيث يعرف الجميع انه لا يمكن الاتفاق على أي شيء نهائي مع نتنياهو، لأن شارون يعطي أكثر؛ والثانية - الأسوأ، ان رئيس الحكومة يقدم، في مثل هذه اللقاءات، تنازلات فقط من أجل "وقف المعاناة". لكن تنازلا كهذا، يتم بدون توجيه مهني، سيعود بالضرر على الاقتصاد، لأنه يحيّد الأجزاء الهامة في الخطة، يحول دون تنفيذ التغييرات البنيوية، ويفوت فرصة اخراج الاقتصاد من البئر العميقة التي يقبع فيها.
وعندئذ، بعد مضي نصف سنة، سيتضح للجميع ان ثمة حاجة الى خطة اقتصادية جديدة، تحمل ضربات اكبر واشد، في ظروف اصعب واعقد.
"ولذلك، ان يشعر 54 % من الجمهور بخيبة الأمل افضل من اقدام شارون على التدخل. من الأفضل ان يقيد نفسه بنفسه، وان يدع نتنياهو يقود، بينما يقدم له هو الدعم من الخلف. هكذا يكون الاحتمال اكبر بأن لا يستأنف الاضراب بعد يوم الاستقلال"، يجمل شترسلر نتائج الاستطلاع المذكور.
المصطلحات المستخدمة:
يوم الاستقلال, هآرتس, بيزك, الهستدروت, دورا, الكنيست, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو, عمير بيرتس