المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تابعت باهتمام ما جرى داخل حزب "العمل" هذا الاسبوع واعترف ان خسارة "اللوزر" شمعون بيريس من جديد قد تركت لدي مذاقا بطعم العسل تشفيا على من امعن في مساعيه اللانهائية بيع المواطنين العرب والفلسطينيين عامة الاوهام والاكاذيب والأشواك المغلفة بالورود الاصطناعية.

لكن هذه تبقى مجرد نزوة شخصية لدي ولدى كثيرين سواي فيما تبقى السياسات والتوجهات العامة وهذه ابعد واعمق من ان تكون مرتبطة بشخص مهما علت قامته السياسية في اسرائيل.

حينما نقلب صفحات هذا السياسي الذي لا يعرف الكلل نكاد لا نجد ما هو مفيد وحقيقي بالنسبة للشعب الفلسطيني في مختلف مركباته بل بالعكس، حيث برزت مشاركته في حكومات سامتنا مختلف انواع الجلد وغمط الحقوق. ومهما تحدث بيريس عن شرق اوسطه الافتراضي الجديد فقد سجل التاريخ عليه انه لم ينجز على ارض الواقع ما يلهج به لسانه ساعة بساعة، بل لا زلنا نذكر جبنه عام 1996عن المصادقة على"اتفاقية الخليل" المنبثقة عن اتفاقات اوسلو التي لا ينفك يتغنى بها وبسببها فاز بنوبل للسلام.

غير ان ذلك لا يعني الابتهال بولادة عمير بيرتس زعيما جديا في "العمل" يبشر بأفق سياسي جديد في اسرائيل فهناك عقبتان تعترضان سبيله نحو المنافسة الحقيقية على دفة الحكم. حتى يلج بيرتس سكة المنافسة لا بد لحزبه ان يسارع الى نسيان المنافسة الداخلية والتغلب على ندوبها نحو الالتفاف حول برنامج واحد وقائد واحد بدلا من عرقلته معتبرا من تجربة الضياع التي رافقت منافسات سابقة حولته الى اشلاء حزب، كالمواجهة بين متسناع ورامون او تلك بين بن اليعيزر وبين بورغ. ويبقى التحدي الاكبر امام بيرتس بعد ذلك بقدرته على كسر القاعدة الفولاذية المترسخة في الذهنية الجماعية الاسرائيلية التي حالت دون وصول يهود من اصل شرقي الى قمة الهرم. رغم مخاطر تكرار تجربة النجمين السابقين اللذين خفتا بسرعة، امنون ليبكين شاحك وعمرام متسناع، يبدو أن مهمة بيرتس الاولى في لملمة شمل الحزب اسهل من مهمته الثانية في مواجهة الميول العنصرية الاستعلائية لدى الشرائح الاشكنازية المتنفذة، التيار المركزي الابيض والغني. هذه العقبة طالما اعترضت طريق اليهود من اصل شرقي لكن مهمة بيرتس اكثر صعوبة بسبب خلفيته العمالية سيما وانها تتزامن مع موجة مجنونة من عداء المجتمع الاسرائيلي لكل ما تشتم منه رائحة العرب حتى لو كان الشخص المطروح عسكريا في سيرته واصيب بجراح بالغة في "حروب اسرائيل".

فلسطينيا لا يعني انتخاب بيرتس بالمنظور القريب شيئا حقيقيا على صعيد استبدال الحكومة الدموية واختراق حالة الجمود الراهنة رغم "الهزة" الارضية الجديدة التي عصفت بحزب العمل احتجاجا من قبل اتباعه على بيريس وزملائه في قيادة العمل المتشبثين بمقاعدهم الوزارية الوثيرة والماضين كالظلال خلف اريئيل شارون .عمير بيرتس بحاجة الى زلزال سياسي بدرجة سبعة فما فوق كي تقبض يداه مقود الحكم.

بيد ان الواضح ان عملية تقديم موعد الانتخابات العامة في اسرائيل باتت في حكم المؤكد ما يعني ان الاحزاب العربية المشاركة في اللعبة البرلمانية مدعوة للمزيد من القلق . بوسع الاحزاب العربية اتقاء شر القائد العمالي الجديد عمير بيرتس ومخاطره في اختراق الشارع العربي بالاشارة الى عدم اختلافه عن سائر اترابه من الشيوخ والشباب في قيادة حزب العمل ممن تعاملوا مع المواطنين العرب بلسان معسول وقلب متحامل وبكثير من الدجل والخبث والاستعلائية. لكن هذا الموال لا يكفي من اجل اسماع اغنيتهم هم لجمهور الناخبين العرب وضمان تأييدهم وعدم انجراف قطاعات منهم نحو "العمل" بقيادته الجديدة. في الوضع الناشىء يمكن تحصين مناعة الشارع العربي بتوحيد السياسيين صفوفهم او على الاقل التعاون فيما بينهم واستمرار الأجواء الطيبة بين التجمع الوطني والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وسحبها على القائمة العربية الموحدة. وبخلاف ذلك تفتح الطريق أمام مفاجآت غير سارة في الساحة الانتخابية لدى الاحزاب العربية سيما وان هناك همسات وهمهمات حول ظهور لاعبين قدم جدد لم يفطموا بعد من حلم بلوغ الكنيست.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات