لم تحمل لهجة أركان إسرائيل أو صحفها وملاحقها الخاصة عشية الاحتفالات بالذكرى الـ 57 لإقامة دولة إسرائيل، أي جديد على السنوات التي مضت. وكما العادة ركزت تصريحات المسؤولين والإعلاميين على روايتهم عن الصراع العربي - الإسرائيلي، مع تحميل الفلسطينيين وزر مأساتهم من خلال تشويه الحقائق وتصويرهم كمن يصرون على «القضاء على الدولة العبرية».
ولم تأتِ تصريحات صنّاع القرار بأي بشائر للإسرائيليين الذين احتفلوا هذا العام أيضاً في ظل اجراءات أمنية مشددة، وحتى غير مسبوقة في بعض الأماكن، مع تكرار أجهزة الأمن والمخابرات تحذيراتها من احتمال وقوع «عمليات عدائية»، على رغم اشارتها الى عدم توافر «انذارات محددة».
وعلى رغم «صمود التهدئة» التي أعلنتها الفصائل الفلسطينية، إلا أن اسرائيل كررت أنها لا تأمن جانب العرب بل صعّد اقطابها لهجتهم ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) بداعي انه لا يقوم بشيء لمحاربة الفصائل، فضلاً عن قلقهم المتعاظم حيال إمكان تحقيق «حركة المقاومة الإسلامية» (حماس) نجاحاً باهراً في الانتخابات التشريعية المقبلة التي قال عنها رئيس أركان الجيش الجنرال موشيه يعالون انها ليست شأناً فلسطينياً فحسب.
وفي مقابل بعض الارتياح لما آلت اليه التطورات في لبنان والتوقعات بأن تقود الى نزع سلاح «حزب الله» الذي طالما اعترفت اسرائيل بأنه يقض مضاجعها، إلا ان هاجس المشروع النووي الايراني بقي حاضراً بقوة في المقابلات الصحافية التي تمت مع أركان المؤسستين السياسية والعسكرية.
ومن ناحية الاعلام، لم تسأل الصحف من حاورتهم عن الآفاق الجديدة التي تحملها السياسة الاسرائيلية، ربما لمعرفتها أو تماهيها بالأحرى مع الموقف الاسرائيلي الرسمي القائل ان كل شيء يبدأ وينتهي في خطة «فك الارتباط» عن قطاع غزة، وبدل ذلك راحت تبرز تقديرات سوداوية باحتمال انهيار «التهدئة» أرفقتها بتطمينات جنرالات الجيش الى ان ثمة مخططات جاهزة في الدرج لقمع انتفاضة ثالثة.
وساهمت الصحف في تعزيز «مفهوم الاستقلال»، وأصدرت ملاحق خاصة ومتميزة أرادت من خلالها ضخ جرعات من التفاؤل في نفوس الاسرائيليين بمستقبل الدولة العبرية في المجالات كافة، واعتدّت على نحو خاص بالانجازات في المجال التكنولوجي وبالقدرات العسكرية «الفائقة» لدولة «صغيرة لكن عظمى».
وكرست «يديعوت أحرونوت» أحد ملاحقها لـ«فانتازيا» الإسرائيلي وأحلامه، ونشرت نتائج استطلاع جديد للرأي عن «دولة الأحلام» التي يرجوها الإسرائيلي جاء فيه أن «الحل المثالي» للصراع الفلسطيني الإسرائيلي يكمن بحسب 20 في المئة من الإسرائيليين في ترحيل الفلسطينيين، وهي نسبة أقل بـ 1 في المئة من الذين رأوا وجوب التوصل إلى حل عبر الحوار والتفاوض لتحقيق السلام.
وراح 3.4 في المئة الى ابعد من ذلك باقتراحهم عدم هدر الوقت والمال على الشاحنات لتقل الفلسطينيين خارج وطنهم والقيام في المقابل بإبادتهم أو زجّهم في غيتوات. وتبين أيضاً أن 12 في المئة يحلمون ويريدون رؤية «اسرائيل المثالية» تمتد حدودها لتشمل سيناء ولبنان وسورية والأردن.