المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

ما الذي يعنيه توقّع تقريرٍ اعده قسم الابحاث والدراسات السياسية في وزارة الخارجية الاسرائيلية اخيراً ان «انفجاراً» سيحدث في العلاقات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية بعد انتهاء اسرائيل من تنفيذ خطة «فك الارتباط» الاسرائيلية الاحادية الجانب القاضية بسحب الجيش الاسرائيلي والمستوطنين من قطاع غزة واربع مستوطنات صغيرة معزولة في شمال الضفة الغربية؟

لقد بنى التقرير توقعه على اساس ان السلطة الفلسطينية ستقول بعد تنفيذ خطة «فك الارتباط» ان الفلسطينيين التزموا وقف النار وان المطلوب الآن تنفيذ المرحلة الثانية من خطة «خريطة الطريق» الدولية القاضية بالشروع في مفاوضات الحل النهائي حول حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة بموجب القرار الدولي الرقم 198، والقدس، والمياه وحدود الدولة الفلسطينية التي هي خطوط هدنة سنة 1949، ومسألة المستوطنات اليهودية المقامة على الاراضي الفلسطينية المحتلة تمهيداً لقيام دولة فلسطين الى جانب دولة اسرائيل. وتتوقع الدراسة ان اسرائيل سترفض الطلب الفلسطيني زاعمةً ان الفلسطينيين لم يقوموا بما هو مطلوب منهم - «تفكيك البنى التحتية للارهاب» - اي تفكيك الاجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية.

ان ما يعنيه ذلك هو ان حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ستظل مصرةً على استخدام الحجة السابقة ذريعةً للتملص من تنفيذ «خريطة الطريق».

والواقع انه منذ ان اعلن شارون خطته لـ«فك الارتباط» مع الفلسطينيين، كان واضحاً ان هدفه هو التخلص من «الـعبء الديموغرافي» الثقيل الذي يمثله قطاع غزة بكثافته السكانية العالية، وصرف النظر عن تنفيذ خطة «خريطة الطريق» الدولية للسلام التي تقضي بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية الذي بدأ في العام 1967، والتركيز في الوقت ذاته على توطيد الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية بضم معظم مساحتها، باستثناء المراكز السكانية الفلسطينية فيها، الى اسرائيل وترك اي دويلة فلسطينية يمكن ان تقام بعدئذ دويلةً مفككة الاوصال ومجرد كيان تابع لاسرائيل لا سيادة له بأي معنى حقيقي.

وليس تقرير الخارجية الاسرائيلية هذا سوى دليل آخر الى ان اسرائيل تريد ان يكون انسحابها من غزة انسحابها الاخير من الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967. كما أن هذا التقرير تأكيد لاستراتيجية شارون الخطيرة على مستقبل الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، وهي استراتيجية عبر عنها كبير مساعديه دوف فايسغلاس في مقابلة معه نشرتها صحيفة «هآرتس» في السادس من تشرين الاول (اكتوبر) الماضي قال فيها بالحرف: «ان اهمية خطة فك الارتباط هي تجميد(ها) عملية السلام. وعندما تجمد تلك العملية، فانك تمنع قيام دولة فلسطينية وتمنع نقاشاً بشأن اللاجئين والحدود والقدس. عملياً، هذه الرزمة المسماة الدولة الفلسطينية ازيلت برمتها، بكل ما تنطوي عليه، الى اجل غير مسمى».

ومن الملفت ان صحيفة «هآرتس» نفسها نشرت يوم الخميس الأخير 24/2/2005 ان فايسغلاس، الذي يكاد يكون توأم شارون، اجرى الاربعاء محادثات مع المستشار السياسي لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير بشأن البيان الختامي لمؤتمر لندن «الخاص بدعم السلطة الفلسطينية» وتسلم نسخة عن بيانه النهائي الذي كشفت الصحيفة انه يتكون من 12 صفحة! والاهم من ذلك ان شارون رفض طلباً من نائبه بيريس لحضور مؤتمر لندن هذا لأنه (شارون) يخشى، كما تقول الصحيفة، ان تمارس ضغوط في المؤتمر على اسرائيل بشأن مطالبة الفلسطينيين بعد انسحاب اسرائيل من غزة بالشروع في مفاوضات الوضع النهائي! وعليه فان احداً لا ينبغي ان ينتظر من مؤتمر لندن اكثر من نتائج متواضعة يعرفها الاسرائيليون سلفاً.

المصطلحات المستخدمة:

دولة اسرائيل, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات