المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

فاجأ قرار الهيئة العامة للامم المتحدة، القاضي بمطالبة محكمة العدل الدولية في هاغ تزويدها بوجهة نظر استشارية بخصوص بناء جدار الفصل العنصري، الكثير من رجال القانون في العالم، من الذين يعرفون شكل عمل المحكمة. وقالت ماري بوتر، المحاضرة في موضوع تسوية النزاعات الدولية في جامعة امستردام، ان "المحكمة تعتبر هيئة موضوعية. "لم اصدق انهم سيحولون اليها مسألة سياسية للغاية"، ابلغت "هآرتس" (5/1). واضافت انه لا يتوجب على المحكمة ان تنظر في قضايا متنازع عليها من الناحية السياسية.

ونشرت المحكمة منذ قيامها، قبل 47 عاما، 24 رأيا استشاريا، دارت معظمها حول صلاحيات منظمات تابعة للامم المتحدة. وتناول بعضها نزع شرعية الاستعمار وقانونية التهديد بالسلاح النووي.

واعطاء رأي استشاري هو احد مهام المحكمة، بحسب دستور الامم المتحدة. ومهمتها المركزية تكمن في تسوية نزاعات دولية بين الدول. ولدى المحكمة الصلاحية باصدار احكام فقط اذا وقعت الدول المتنازعة على اتفاق محدد او معاهدة، تلزمها بالنظر امام المحكمة. وقد ازالت اسرائيل من تلقاء نفسها صلاحية المحكمة بمقاضاتها منذ سنوات الستين، في اعقاب رفض المحكمة قبول شكوى اسرائيلية ضد بلغاريا على اثر اسقاط طائرة تابعة لشركة "ال-عال" الاسرائيلية في سماء بلغاريا، بسبب عدم وجود صلاحية للمحكمة بمقاضاة بلغاريا.

وكان اخر قرار للمحكمة بخصوص نزاع بين دول، صدر قبل شهر في الدعوى التي قدمتها ايران ضد الولايات المتحدة بخصوص تفجير حقولها النفطية في العام 1987.

والمحكمة غير ملزمة باصدار رأي اذا ما قررت ان ذلك يتعارض مع صبغتها القضائية، او مع القوانين الاساسية التي ترشدها في عملها. وبحسب تقديرات احد المحامي الذين مثٌلوا عدة دول امام المحكمة، فانها قد تقرر - فيما يتعلق بالجدار - ان القضية ليست ضمن نطاقها القضائي: "ليس بامكان المحكمة، من الناحية المبدئية، البت في حالات نزاع قضائي ما زالت عالقة. ولا شك في ان النزاع الاسرائيلي - الفلسطيني كامن في الجدل الدائر الان حول الحقوق القضائية. لذلك، فانه ليس من الواضح اذا ما كان بامكان المحكمة تناوله. وانا واثق من ان دولا عديدة سوف تدعي ذلك وستكون اسرائيل احداها بالتأكيد". (هارتس، 5/1).

بالمقابل، يعتقد البروفيسور جيمس كراوفورد، استاذ القانون الدولي في جامعة كامبريدج، الذي مثٌل هو ايضا دولا كثيرة امام المحكمة، بان المحكمة لن تمتنع عن النظر في الموضوع: "اننا نعيش في عالم سياسي. واعتادت المحكمة على النظر في قضايا صعبة او ذات صبغة سياسية".

مؤخرا طلبت المحكمة من اسرائيل والسلطة الفلسطينية، ومن كافة الدول المعنية بذلك، تحويل معلومات تتعلق ببناء الجدار. وستكون المرحلة القادمة تقديم الادعاءات شفهيا وستبدأ في 24 شباط. بعد ذلك ستبدأ مرحلة طويلة للغاية من المشاورات بين القضاة. ويقرأ القضاة في نهاية الامر الرأي الذي اعدوه في جلسة مفتوحة امام الجمهور. ويلخص القضاة المواقف التي عرضت، ويعرضون بدورهم استنتاجاتهم وتوصياتهم. ويرى كراوفورد ان العملية كلها ستستمر ما بين ستة الى تسعة اشهر.

وأعرب توماس فيربوس، من وكالة الانباء الهولندية والذي يتابع مداولات المحكمة، عن اعتقاده بان ثمة لدى اسرائيل ما تخشى منه: "صحيح ان المحكمة تعالج امرا قضائيا لكنها في العادة تعبر عن رأيها بين السطور. ومن المتوقع، في هذه الحالة، ان يتم البحث في حق اسرائيل بالدفاع عن نفسها، امام الحاجة لاقامة الجدار العازل وحجمه بالمقارنة مع خطر الارهاب". ويرى فيربوس ان المحكمة ستنظر في الصعوبات الانسانية التي أنشأها الجدار بالنسبة للفلسطينيين.

رأي المحكمة غير ملزم. ورغم ذلك، ادى رأيها مرة واحدة على الاقل في الماضي الى استقلال دولة: بعد ان قررت الامم المتحدة انهاء انتداب جنوب افريقيا في ناميبيا، ولم تنسحب الاولى، طلبت الامم المتحدة رأيا استشاريا في القضية من المحكمة. بعدها فرضت الامم المتحدة عقوبات على جنوب افريقيا، أدت الى استقلال نميبيا.

مصدر امني اسرائيلي: الجدار سيعزل عن الضفة 6% من اراضيها

ضمت اسرائيل خلال اعمال بناء الجدار العازل، في المرحلتين الاولى والثانية، 1.7% من مساحة الضفة الغربية الى تخوم الخط الاخضر- اي حوالي 60 كيلومترا مربعا. ومع انتهاء العمل في الجدار في العام 2005 سيتم عزل 6% من مساحة الضفة الغربية، وهي 200 كلم مربع. هذا ما قاله مصدر امني اسرائيلي في اجتماع مع مدير عام المجلس الشعبي لبناء الجدار العازل، المحامي ايلان تسيؤون، وعضو ادارة المجلس، مارك لوريا.

وتبين من معطيات وزارة الدفاع الاسرائيلية ان انحراف مسار الجدار الى الشرق من حدود حزيران 1967، من بلدة سالم وحتى مستوطنة الكناة، ادى الى "ضم" حوالي 15 الف مواطن فلسطيني الى اسرائيل.

وبعد رصد الحكومة الاسرائيلية ميزانية خاصة لبناء الجدار بمبلغ 2.1 مليار شيكل سيتم في العام 2004 استمرار بناء الجدار على طول 331 كلم في المقاطع الاتية: من الكناة وحتى معسكر عوفر 120 كلم؛ استكمال جدار غلاف القدس 64 كلم؛ صوريف – "غلاف القدس" 83 كلم. اضافة الى ذلك سيتم بناء مقاطع أقصر من الجدار بحجة حماية مطار بن غوريون وشارع رقم 443. ويبلغ طول الجدار في هذا المقطع 62.5 كلم.

وبحسب التخطيط الذي أعدته وزارة الدفاع الاسرائيلية فان جزءا من اعمال بناء الجدار التي تقرر القيام بها في العام 2005 ستبدأ في العام 2004 الجاري، وخصوصا تلك التي جمدت بادعاء عدم تحديد مكانة الاراضي.

لبيد: الجدار سيحول اسرائيل الى جنوب افريقيا

وكان وزير القضاء الاسرائيلي، يوسف لبيد، حذر في جلسة الحكومة الاسرائيلية الاسبوعية الاخيرة، من ان "نظر المحكمة الدولية في هاغ في موضوع الجدار العازل هو خطوة اولى باتجاه تحويل اسرائيل الى جنوب افريقيا عصرنا. وثمة خطر بان نتعرض الى عقوبات دولية كما كانت متبعة حتى استبدال الحكم في جنوب افريقيا".

واضاف لبيد ان الانتقادات الدولية الموجهة الى اسرائيل في قضية الجدار "حطت فوق رؤوسنا لاننا لم نكتف بالجدار الاصلي بل غيرنا مساره، واصبحت القضية مواجهة دولية". واقترح لبيد على حكومته العودة الى مسار الجدار الاصلي، "ما يمنح اسرائيل بعض الليونة في المواقف الدولية". لكن عضو الكنيست ايلي يشاي، من حركة "شاس"، يرى ان الجدار العازل انقذ حياة الكثير من الاسرائيليين، وقال انه يأسف لاقوال لبيد الذي "يخاف على صورة العالم بدلا من مواطني اسرائيل". وقال الوزير داني نافيه ان اقتراح لبيد هو اقتراح خطير، و وان مجرد اجراء بحث اضافي في الموضوع هو "في صالح اعداء اسرائيل الذين بادروا الى وصول القضية للمحكمة في هاغ". وزعم وزير الخارجية، سيلفان شالوم، ان "الفلسطينيين يواصلون ارتكاب الاخطاء كما فعلوا في الماضي، وبدلا من التفاوض معنا بصورة مباشرة يتوجهون الى هيئات دولية لتجميع نقاط بدلا من حل المشاكل".

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات