كانت حرب لبنان الثانية بمثابة تمرين هائل يتيح لنا إمكانية تفحص كل منظوماتنا الوطنية. وبطبيعة الحال فإن النقاش الجماهيري تمحور إلى الآن بشكل حصري في العمليات العسكرية، وفي هذا الحقل أيضًا جرى النقاش بالأساس حول القرارات المركزية التي تمّ اتخاذها طوال أيام الحرب الـ35.
في تصريحه الأخير، الذي أغضب الكثيرين، قال بشار الأسد جملة يجدر بنا أن نتوقف عندها: "كل جيل عربي جديد يكره إسرائيل أكثر من الجيل الذي سبقه".
بين كل ما قيل عن حرب لبنان الثانية، ربما تكون هذه المقولة هي أهم عبارة قيلت.
في هذه الأيام التي نركز فيها على الفلسفة التدميرية لحماس الداعية إلى تدمير دولة إسرائيل، يجدر بنا استذكار أن أيديولوجيا منظمة التحرير (وفتح الأكبر بين منظماتها)، كما عبرت عن نفسها في ميثاقها الوطني وتصريحات زعمائها حتى نهاية الثمانينيات (بل وأحيانا في التسعينيات)، كانت تشبه إلى حد كبير فلسفة حماس الراهنة.
لو لم يكن أريئيل شارون في سبات عميق، لكان سيقفز من سريره فرحا. فوز حماس يحقق أحلامه الوردية.
طيلة سنة كاملة، فعل كل ما في وسعه ليزعزع مكانة أبي مازن. كان منطقه بسيطا: الأميركيون طالبوه بإجراء مفاوضات مع أبي مازن. مثل هذه المفاوضات كانت ستؤدي بالضرورة إلى وضع يضطر فيه للتخلي عن كل الضفة الغربية تقريبا. لم يكن شارون ليحلم في أن يفعل ذلك. لقد أراد ضم حوالي نصف أراضي الضفة الغربية، لذلك كان عليه التخلص من أبي مازن وشخصيته المعتدلة.
الصفحة 708 من 859