من شأن هزة أرضية أخرى فقط أن تمنع فوز "كديما" الساحق في الانتخابات المقبلة.
يمكن لذلك، بطبيعة الحال، أن يحدث. لقد حدثت، في هذه المعركة الانتخابية، أربع هزات أرضية. الهزة الأولى: حزب العمل ينتخب زعيما يساريا، من مواليد المغرب. الهزة الثانية: أريئيل شارون يمزق الليكود ويقيم حزب كديما. الهزة الثالثة: شارون يصاب بجلطة دماغية قوية وينزل عن الحلبة. الهزة الرابعة: حماس تحرز نصرا ساحقا في الانتخابات الفلسطينية.
كحال إدوارد سعيد الذي هاجم في كتابه "الاستشراق" (1978) المثقفين الغربيين الذين درسوا الشرق وكتبوا عنه كمنطقة مختلفة ومنفصلة عن ثقافتهم، كمنطقة غريبة تتسم بالسحر والتقلب، يقوم أيضاً البروفيسور غيل إيال، من دائرة علم الاجتماع في جامعة كولومبيا في نيويورك، في كتابه "نزع السحر عن الشرق"، الصادر أخيرًا عن منشورات "معهد فان لير" و"هكيبوتس همئوحاد"، بعرض تفسير ورؤية المستشرقين على اختلاف مشاربهم للواقع في "أرض إسرائيل" وللصراع الصهيوني- الفلسطيني ولمختلف الزعماء العرب.
ما إن ظهرت إلى العلن قضية الرسوم الكاريكاتورية ضد الإسلام ومقدساته، حتى بدا السجال في إسرائيل مزدوج الاتجاه. فمن جهة، هناك في إسرائيل كما في الغرب والعالم بأسره، من يؤمن وينظّر لصراع الحضارات، وهناك من يخالف هذا المعتقد. ولكن إلى جانب كل أولئك الذين يناقشون الأمر من زاويته الأيديولوجية، ثمة في إسرائيل، ربما أكثر من أي مكان آخر، من ينظرون إليه من زاويته السياسية.
يظهر واضحًا أنّ صعود حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إلى سدّة الحكم غيّر قواعد اللعبة السياسية الإسرائيلية على جميع الأصعدة ليطول اليسار الإسرائيلي أيضًا. ولم يظهر رئيس حزب إسرائيلي واحد حتى هذه الساعة ليصرّح بشكل واضح بأنه يتقبل الخيار الفلسطيني الديمقراطي كما هو. وهذا أيضًا ما يظهر في حوارنا مع رئيس حزب "ميرتس- ياحد"، يوسي بيلين، الذي يعتبر الحزب الأكثر يسارية بالنسبة لأحزاب يسارية أخرى.
الصفحة 605 من 1047