حرب تقديرات التكلفة تلي الحرب على غزة
*الجيش يسعى الى تضخيم كلفة الحرب ويطالب بزيادة ميزانيته في العامين الجاري والمقبل معا بما يعادل 2ر3 مليار دولار *وزارة المالية تقول إن الكلفة العسكرية أقل من نصف المطلوب *وزارة المالية حوّلت لوزارة الدفاع خلال تسعة أشهر أكثر من ملياري دولار، زيادة على الميزانية القائمة *التجربة علمت أنه في نهاية المطاف يحصل الجيش على كل ما يطلبه ولو بالتقسيط*
تصدرت الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية، خاصة الاقتصادية منها، في الأسبوعين الأخيرين، عناوين صارخة تحمل أرقاما ضخمة عن كلفة العدوان على قطاع غزة، وأخرى تتحدث عن خسائر الاقتصاد الكلية، وفي كلها تضارب واضح في المعطيات، إذ علمت التجربة أن حجم التكلفة والخسائر لا يمكن أن يتبين إلا بعد مرور عدة أشهر، وبعد عمليات توازن في النشاط الاقتصادي، بين فترة العدوان والفترة التي تليها، ولكن الجيش يسعى إلى استثمار الحرب لقبر جدل دائر منذ سنوات في إسرائيل حول ميزانيته، وبالأساس حول كلفة الرواتب والامتيازات المالية للجنود النظاميين وسلك الضباط، بما في ذلك رواتب التقاعد الضخمة.
وتقول آخر التقارير التي صدرت في نهاية الأسبوع الماضي، إن الجيش يطالب حاليا بما يعادل 2ر3 مليار دولار، لتغطية كلفة العدوان على غزة، واستعادة كل الاحتياطي من الأسلحة والذخيرة. ودعما لهذه المطالب راح الجيش، ولأول مرة، ينشر معطيات "دقيقة"، حول ما استهلكه من أسلحة وذخيرة، واحتياجاته اللوجستية من نقل ووقود، وحتى طعام للجنود، إضافة إلى كلفات أخرى، وكان واضحا أن هذا الاستعراض غير المسبوق، يصب في مساعي الجيش لزيادة ميزانيته السنوية، التي يصل أساسها الى نحو 16 مليار دولار، يضاف اليها ما يزيد عن 3 مليارات دولار، هي الدعم العسكري الأميركي السنوي لإسرائيل.
إلا أن المسؤولين في وزارة المالية، أعلنوا أن ليس بإمكان ميزانية العام المقبلة أن تشمل زيادة ضخمة بهذا الحجم للجيش، وقالوا إن الميزانية لا تستطيع ضمان حتى نصف ما يطلبه الجيش كزيادة على الميزانية، كما أن وزارة المالية تقدّر أن الكلفة العسكرية الحقيقية للعدوان على غزة هي بالكاد نصف تقديرات الجيش.
وكان مشروع الميزانية العامة للعام المقبل قد تضمن اقتراحا بأن تكون الميزانية الأساسية لوزارة الدفاع، التي تصرف ميزانية الجيش، نحو 53 مليار شيكل، وهي ما يعادل 4ر15 مليار دولار، لكن في السنوات الأخيرة، لم تهبط ميزانية الجيش الأساسية عن 16 مليار دولار، ويضاف اليها سنويا ما بين مليار الى ملياري دولار، زيادة يتلقاها الجيش خلال السنة، من الميزانية الاحتياطية، ومن ميزانيات فائضة من مختلف الوزارات.
فقد قال تقرير صدر في نهاية الأسبوع الماضي، أن الجيش تلقى منذ الشهر الأخير من العام الماضي وحتى منتصف الشهر الجاري، آب، حوالي 7 مليارات شيكل، ما يعادل أكثر من ملياري دولار، والغالبية الساحقة جدا من هذه الزيادة، ليست مرتبطة بالعدوان على غزة، كذلك فإن هذه الميزانية لا تشمل 3 مليارات دولار دعما عسكريا من الولايات المتحدة.
وبدأت أحاديث في أروقة الحكومة ووزارة المالية حول شكل تغطية كلفة الحرب، فالمسؤولون في وزارة المالية يرفضون رفع ضرائب، ولكن منهم من يدعو الى إجراء تقليص في الميزانية العامة بنسبة 1% وحتى 2%، من أجل زيادة ميزانية الجيش، وفي المقابل يدعو خبراء اقتصاديون إلى إلغاء مخطط وزير المالية يائير لبيد، القاضي بإعفاء الأزواج الذين يشترون بيتهم الأول في بنايات سكنية، من ضريبة الشراء التي تصل الى 18%، وهو ما سيكلف الخزينة العامة نحو 800 مليون دولار، إلا أن لبيد يعتبر هذا المشروع إنجازا شخصيا له، للشرائح الوسطى.
ومن المفترض أن تبت الحكومة حتى نهاية الشهر الجاري في الإطار العام والخطوط العريضة لميزانية العام المقبل 2015، تمهيدا لإقرارها كليا حتى نهاية تشرين الأول المقبل، وعرضها على الكنيست ليشرع في بحثها واقرارها في غضون شهرين.