لم تحقق المحادثات التي أجراها المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل تقدما في التقريب بين المواقف الإسرائيلية والفلسطينية ويبدو أنه لن تجري مفاوضات حقيقية بين الجانبين في المستقبل القريب. ونقلت صحيفة هآرتس، اليوم الأحد – 11.10.2009، عن موظفين إسرائيليين رسميين، قالت إنهم مطلعون على تفاصيل المحادثات التي أجراها ميتشل مع الإسرائيليين والفلسطينيين، قولهم إن "الفلسطينيين لا يظهرون أية ليونة ولذلك فإن هناك تصلبا في المواقف الإسرائيلية".
وأضافت الصحيفة أن الجانب الفلسطيني لا يزال يصر على تعريف هدف المفاوضات هو الانسحاب إلى حدود العام 1967 "رغم أنهم يعلمون جيدا أن (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو لن يوافق على ذلك أبدا".
وقالت هآرتس إنه "تتواصل في الجانب الإسرائيلي ما يعرف ب’الجدل الصبياني’ حول مدة التجميد المؤقت لأعمال البناء في المستوطنات، ولا يزال بعض المسؤولين الإسرائيليين يصرون على أن تكون مدة التجميد ثمانية شهور وليس تسعة".
وذكرت الصحيفة أن وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، ووزير المخابرات، دان مريدور، يحاولان السعي لإنهاء النقاش واستئناف المفاوضات بأسرع وقت ممكن وحثا نتنياهو خلال اجتماع هيئة "السباعية" الوزارية الأسبوع الماضي على التوصل إلى تفاهمات تمكن من استئناف المفاوضات لكنهما ادعيا أن "المشكلة الأساسية موجودة في الجانب الفلسطيني".
وكان يشير المسؤولون الإسرائيليون بذلك إلى إصرار الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، خلال اجتماعه مع ميتشل في رام الله يوم الجمعة الماضي على أن استئناف المفاوضات سيكون فقط بعد تجميد أعمال البناء في المستوطنات وخصوصا في القدس الشرقية بشكل مطلق وقبل الاتفاق على إطار المفاوضات.
وفي هذه الأثناء يواصل ميتشل مهمته في المنطقة ويتوقع أن يلتقي مرة ثانية مع نتنياهو اليوم بعد أن التقاه يوم الجمعة الماضي وبعد أن التقى مبعوثي نتنياهو المحامي يتسحاق مولخو ومدير مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي مايك هرتسوغ مساء أمس.
من جهة أخرى يتوقع أن تقدم وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تقريرا حول تقدم المحادثات مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، وأشارت هآرتس إلى أن الجانبين سيحاولان التأثر قدر استطاعتهما على هذا التقرير.
وأضافت الصحيفة أن سبب المحادثات المكثفة التي يجريها ميتشل في المنطقة هو أن أوباما، الذي أفاد مستشاروه بأن "صبره أخذ ينفذ"، طلب من كلينتون وميتشل تزويده بتقرير حول الوضع واحتمالات استئناف المفاوضات حتى منتصف الشهر الحالي، بينما تشير التقديرات في إسرائيل إلى أن كلينتون ستقدم تقريرها خلال أسبوع.
ووفقا لمسؤولين سياسيين إسرائيليين فإن تقرير كلينتون سيشمل مواقف الطرفين حول شروط استئناف المفاوضات وجدول الزمني والبناء في المستوطنات.
ونقلت هآرتس أن مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن "التقرير سيستعرض التفاهمات ولكنه سيتناول بالأساس الخلافات، وسيقرأ أوباما التقرير ويبلور موقفا وبعد ذلك سيعلن كيف ستستمر الأمور".
ويذكر أنه في هذه الأثناء هناك نقطة توتر أخرى تتصاعد في ظل الخلافات الإسرائيلية الفلسطينية وتتعلق بنية السلطة الفلسطينية معاودة المطالبة بانعقاد مجلس حقوق الإنسان في جنيف لبحث وتبني تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة حول الحرب على غزة برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون.
واضطر عباس إلى طرح الموضوع مجددا في أعقاب الانتقادات الشديدة للغاية التي تعرض لها بعدما قرر طلب وقف التصويت على تقرير غولدستون في مجلس حقوق الإنسان قبل نحو عشرة أيام.
وتستعد وزارة الخارجية الإسرائيلية لشن حملة دبلوماسية دولية لمواجهة احتمال تصويت مجلس حقوق الإنسان في جنيف على تقرير غولدستون.
ونقلت هآرتس عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن "الخطوة الفلسطينية تسببت بحرج بالغ للإدارة الأميركية، وتجري في واشنطن والقدس محاولات لبلورة رد فعل منذ صباح أمس الأول (الجمعة)".
وأضاف المصدر الإسرائيلي أن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أنه ستواجه الإدارة الأميركية صعوبة في منع انعقاد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف "خصوصا على ضوء حقيقة أن تراجع الفلسطينيين عن طلب تبني تقرير غولدستون جاء في أعقاب ضغوط أميركية".
وقال مصدر في وزارة الخارجية الإسرائيلية إن إسرائيل توجهت إلى الإدارة الأميركية أمس الأول وطلبت تدخلها لمنع طرح الموضوع على مجلس حقوق الإنسان كما أن نتنياهو سيطرح الموضوع خلال لقائه مع ميتشل اليوم.
وقالت هآرتس إن معلومات وصلت إسرائيل تفيد بأن السفير الفلسطيني في مجلس حقوق الإنسان، إبراهيم خريشة، توجه إلى عدد من الدول العربية الأعضاء في المجلس ولمندوب منظمة المؤتمر الإسلامي وطلب منهم العمل على عقد اجتماع خاص لمجلس حقوق الإنسان للبحث في تقرير غولدستون.
وقال المصدر الإسرائيلي إن الفلسطينيين بحاجة إلى موافقة 16 دولة من أجل عقد مجلس حقوق الإنسان والتقديرات تؤكد أن لا يتوقع أن يواجهوا صعوبات في الحصول على تأييد كهذا وسيتم وعقد الاجتماع خلال الأسبوع المقبل أو الذي يليه ويتوقع أن يتم تبني التقرير.
وأشارت هآرتس إلى أن يتوقع أن يتم البحث في تقرير غولستون خلال المداولات الدورية حول الشرق الأوسط التي تجري في مجلس الأمن الذي سينعقد بهذا الخصوص في 20 تشرين الأول الحالي.
وفي سياق ذي صلة نقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية عن مسؤول سياسي إسرائيلي قوله، أمس السبت، إنه ليس مستبعدا أن توافق إسرائيل على جزء من توجه عباس فيما يتعلق بدفع اتفاق الحل الدائم من خلال مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، وذلك خلافا لموقف حكومة بنيامين نتنياهو الداعي إلى إجراء مفاوضات حول اتفاقات مرحلية.
وأضاف المسؤول الإسرائيلي أن حكومة إسرائيل تدرس إمكانية تعزيز مكانة عباس بواسطة بوادر نية حسنة وخطوات فعلية في الضفة الغربية تشمل تسهيل حركة الفلسطينيين وإزالة حواجز عسكرية وإمكانية توسيع أعمال البناء التي ينفذها الفلسطينيون في منطقة رام الله.