المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

لا أحد يعرف بوجود قناة عربية محلية للمليون فلسطيني في الداخل، هذا لأنه لا توجد قناة عربية مثل هذه. لكن الكثيرين لا يعرفون أيضا بوجود مناقصة لتفعيل مثل هذه القناة، ومن يعرف يبدو مشككا لها، ولا يريد تكرار تجربة "صوت إسرائيل" باللغة العربية. أصحاب رؤوس الأموال العرب ما زالوا خارج التعامل بجدية مع الموضوع، أما البعض الآخر من الجهات المهتمة- ومعظمها هيئات إعلامية عربية محلية- فقد تردد في التقدم للعطاء بسبب عدم تأكده من جدواه الاقتصادية، مع ذلك ما زال يدرس إمكانيات الدخول.

تجدر الإشارة إلى أنه قد تم الإعلان عن المناقصة للقناة العربية في أيار 2003، وتم إغلاقها في أيار 2005، وهذا بعد أن لم تتقدم أية جهة للمشاركة في المناقصة، ولم يصل اهتمام شركة "عناني تكشورت" بالمناقصة وشراء نماذج المشاركة حد الدخول الفعلي لنيل العطاء.

لتسليط الضوء على المشروع وما يحمله من أهمية وخطورة، نظم مركز "إعلام" (مركز إعلامي للمجتمع الفلسطيني في إسرائيل) الأسبوع الفائت يوما دراسيا بعنوان "القناة العربية، عبء أم رافعة؟".

وقد تبين من نقاشات اليوم الدراسي أن موضوعة القناة العربية لم تطفُ بعد على سطح الوعي العام، وذلك على الرغم من أهمية الموضوع وضخامته. كما كان واضحا الشك والريبة اللذان تقابل بهما القناة الافتراضية. وقد جاء في الافتتاحية التي قدمتها مديرة مركز "إعلام"، حنين زعبي، أن المركز يدرك ويعي وحتى يشارك الشك العام إزاء أي مشروع حكومي أو آتٍ من السلطة، ومراجعة بسيطة لقوانين وأنظمة الإعلام الإسرائيلية توضح أن كل قانون لإنشاء هيئة إعلامية ارتبط كثيرا بالصراع العربي الإسرائيلي، ووضع نصب أعينه عملية بلورة الوعي للعرب في البلاد، "لكن بوسعنا أن نقبل المبادرة ونأخذها بجدية من منطلق أننا سنتعامل معها وفق احتياجاتنا وليس وفق رغبات وسياسات الدولة، وأنه لا ينبغي أن يسبب انزواؤنا عن العمل الإعلامي لنا بلبلة في فهم الفارق بين الإعلام الحكومي والإعلام التجاري... وبوسعنا أن نتعامل مع المشروع ونحن نعي أننا خلال تنفيذه أو محاولة تنفيذه كما نريد سنصطدم مع سلطات الدولة عشرات وربما مئات المرات في معركة حول حقنا في الطرح السياسي وفي الإنتاج... لكن كل ذلك لا يعني أن لا نأخذ المبادرة بجدية، وهذه المعارك المتواصلة جزء أصلا من طبيعة علاقتنا مع الدولة".

كما أشارت زعبي في افتتاحيتها إلى أن المركز يشارك أيضا التخوفات من أن القناة التجارية سيكون هدفها الربح، "لكننا مع مؤسسات إعلامية قوية اقتصاديا، وعلى المجتمع ألا يبني عداء بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة. هنالك توتر دائم وطبيعي وحتمي بين المصلحتين، لكن إدارة التوتر بشكل يصب في مصلحة كليهما هو ما علينا أن نصبو إليه دائما، وليس فقط في المجال الإعلامي".

وشارك في النقاش مستشار وزير الثقافة الفلسطيني وأحد مؤسسي التلفزيون الفلسطيني رضوان أبو عياش مؤكدا على أن المصداقية هي من أهم عوامل نجاح الإعلام، ومشددا على أن الاحتلال الإسرائيلي لم يستطع أن يسيطر على الإعلام الفلسطيني، وأن الإعلام هو صناعة للهوية وتعبير عنها.

وأبدى راجي بطحيش، الذي عمل كمستشار مضامين لشركة "عناني تكشورت"، استغرابه من تجاهل الإعلام العربي لقضية مهمة كهذه، وأضاف أن أهمية مشروع القناة العربية يعود إلى كون "غيابنا في الإعلام لا يتوقف فقط على غياب قصتنا وخطابنا، والقضية هي ليست فقط قضية تغطيتنا في الإعلام، بل حضورنا في العمل الإعلامي".

وقدم الكاتب والناقد أنطوان شلحت تصورا لهوية القناة وأثار قضايا عدة، منها مدى تأثير وجود تمويل غير عربي للقناة، مؤكدا أن التمويل العربي لا يؤسس حتما لهوية عربية، بل إن أجندة القناة هي التي تؤسس لمثل تلك الهوية. وأشار إلى أهمية وجود 4 ضمانات لنجاح القناة، وهي: وعيها لذاتها كقناة عربية، ووعيها لخصوصية هويتها. تعدديتها، ومهنيتها، والمهنية التلفزيونية تعني الجانب الصحافي والجانب التقني.

وقدم الصحافي والكاتب علاء حليحل نموذج القناة الرابعة في بريطانيا كنموذج تمويلي بديل للقناة، في حال فشل المناقصة، بعدم دخول أية جهة فيها. ويعتمد النموذج على دعم تمويل القناة العربية من رسوم امتياز القنوات التجارية.

وخلص النقاش إلى أن نجاح القناة يعتمد على جودة البرامج ومهنيتها، والمس بجودة البرامج هي وصفة مضمونة لفشلها، سيما وأنها ستنافس عشرات القنوات العربية الغنية ببرامجها المبهرة وتقنياتها العالية. وبالتالي لا بد لمثل هذه القناة أن تطور مجلس أمناء واسعا، يرافق عملها ويضم مهنيين وأشخاصا من خبرات مختلفة ليضمن تمثيلية القناة ومصداقيتها.

المصطلحات المستخدمة:

حنين زعبي

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات