المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ارشيف الاخبار
  • 762

كتب: سعيد عياش
 تباينت وجهات نظر أقطاب اللعبة السياسية في إسرائيل في قراءة نتائج تصويت الحكومة الإسرائيلية، أمس (الأحد)، على خطة الإنفصال المعدلة عن الفلسطينيين التي أقرت بأغلبية 14 وزيراً ومعارضة 7 آخرين.

 فقد اعتبر صقور حزب "الليكود" الحاكم أن التصويت على الخطة المعدلة (مرتين على الأقل)، يشكل "إنتصاراً" لمعسكرهم ذي الغلبة في "الليكود" والذي يعارض بشدة تفكيك أو إخلاء أي من المستوطنات الرئيسية في الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما اعتبر أريئيل شارون وحاشيته والدائرون في فلكه أن نتيجة التصويت تشكل "نقطة تحول تاريخية حاسمة"، على الرغم من أن صيغة الخطة "المعدلة" لم تعد إجمالاً ومن نواح جوهرية مهمة مدموغة بختم صاحبها الأصلي (أريئيل شارون) وإنما بختم خصومه في الحزب المتمثلين بالقطب الثلاثي القوي، نتنياهو، شالوم وليفنات، بعد ما نجحوا في تقليص الخطة وتفكيكها إلى أجزاء ومراحل والأهم من كل ذلك نجحوا في نزع "روحها" المتمثلة بتفكيك المستوطنات اليهودية في قطاع غزة.

 

 

وفي الوقت الذي رأت فيه أحزاب ومحافل اليمين المتطرف والمستوطنين أن التصويت على الخطة هو "يوم أسود" في تاريخ المشروع الإستيطاني الكولونيالي ولعقيدة "أرض إسرائيل الكبرى" التوراتية، فقد التقت المعارضة العمالية مع توصيف رئيس الوزراء شارون وأعوانه لنتيجة التصويت بأنها "تاريخية"، وهو ما رأى فيه المراقبون إشارة فصيحة تنبىء بنوايا زعماء حزب "العمل" التقليديين واستعدادهم لملء الشواغر في حكومة شارون بعد الإقالات ( التي طاولت وزيري "الاتحاد الوطني") والإنسحابات المحتملة لزلم اليمين المتطرف من الإئتلاف، على الرغم من ظهور بوادر إنقسام في صفوف هذا المعسكر على خلفية التصويت على الخطة ذاتها (كحزب "المفدال" مثلاً).

هذا في حين إعتبر قادة اليسار الصهيوني (ياحد- ميرتس) أن التصويت على الخطة المعدلة – المقلصة، هو أشبه بقرار "اللاقرار".

وفيما يلي تلخيص لقراءة مختلف الأطراف الفاعلة في الحلبة السياسية الإسرائيلية لتصويت مجلس الوزراء الإسرائيلي على خطة "فك الإرتباط" المعدلة، وذلك كما عبر عنها عدد من قادة ورموز هذه الأطراف في مقالات وتعليقات نشرتها الصحف العبرية الصادرة اليوم (الإثنين).

 

أولمرت (لسان شارون):

قرار مؤلم، لكن لا مفر منه

اعتبر الوزير إيهود أولمرت، القائم بأعمال رئيس الوزراء، أن: "السادس من حزيران 2004 هو يوم تاريخي في حياة دولة إسرائيل".  وأضاف: للمرة الأولى أقرت الحكومة، بزعامة الليكود، مبدأ الإخلاء التام لقطاع غزة، وبضمن ذلك، وكجزء لايتجزأ من هذا القرار، إلغاء وجود جميع المستوطنات اليهودية التي أقيمت هناك، إضافة إلى إخلاء أربع مستوطنات في شمال السامرة (شمال الضفة الغربية).

واستطرد أولمرت موضحاً: إن القرار يميز بين الإخلاء الفعلي، الذي سيتخذ قرار حوله بشكل منفصل، وبين قبول مبدأ الإخلاء الشامل... ذلك هو معنى القرار، ولا معنى آخر له.

وأردف: لم يكن ممكناً تبني هذا القرار لولا موافقة ثلاثة من وزراء الليكود (نتنياهو، ليفنات، شالوم) على تغيير موقفهم لجهة إحداث تحول دراماتيكي في توجههم.

وواصل أولمرت معتبراً أن الليكود "سيبقى بعد القرار حزباً متحداً ... إذ أن الوزراء المعارضين (مثل يسرائيل كاتس وتساحي هنغبي) سيبذلون كل ما بوسعهم للحفاظ على الأطواق التي تبقي الليكود حزباً واحداً".

وختم أولمرت قائلاً إن قرار الحكومة يشكل "تحولاً تاريخياً كان حزب الليكود فقط هو القادر على اتخاذ قرار بتنفيذه ... إن المغزى الصعب والمؤلم، والذي كان حتمياً في الوقت ذاته، لهذه اللحظة الحاسمة، سيترك أثره وبصماته على السياسة الإسرائيلية لسنوات طويلة مقبلة".

 

حاييم رمون:

قرار تاريخي رغم كل شيء

وكتب القيادي البارز في حزب "العمل" حاييم رامون، والذي يمثل التيار المركزي في الحزب:

"حمى المناوشات الشخصية المجللة بسحب الغبار وستار الدخان السياسي المحيط بالصيغ المعقدة والمركبة لعدد من بنود قرار الحكومة، لن تقلل من أهمية الحقيقة الواضحة، ففي نهاية المطاف أضحى الخيار المطروح اليوم أمام دولة إسرائيل هو: هل سنخرج من غزة أو لا؟".

وأردف رامون: "في الصراع الذي خاضه الثلاثي نتنياهو – شالوم – ليفنات، والذي سعى إلى إحباط الخروج من غزة، إنتصر موقف شارون ... ولا شك في أن قرار الحكومة يشكل حدثاً تاريخياً ... وبداية النهاية للمشروع الأخرق المتمثل بزرع سبعة آلاف (مستوطن) إسرائيلي وسط أكثر من مليون فلسطيني".  واعتبر رامون أن ثمة "مغزى بالغاً لحقيقة أن حكومة يمينية بالذات هي التي قامت بالخطوة الكبيرة الأولى على طريق الجلاء الشامل والكامل عن قطاع غزة ... فهذا الإخلاء سيشكل سابقة هامة لخطوات مقبلة في طريق عودة إسرائيل لتبقى دولة يهودية ديمقراطية". وختم "رامون" تعقيبه بالتأكيد على أهمية وضرورة دعم حزب "العمل" لرئيس الوزراء شارون بما في ذلك الإنضمام لحكومته.

وكانت تقارير متطابقة قد أفادت بأن حزب "العمل" بدأ يستعد فعلياً للإنضمام إلى حكومة شارون، بعد إقرارها خطة فك الإرتباط التدريجي، وقالت مصادر مقربة من زعيم الحزب شمعون بيريس، الذي تحادث مساء الأحد مع شارون: "لقد تعززت الإحتمالات بإنضمام الحزب للحكومة"، مشيرة إلى أن شارون سيبقي الحقائب الوزارية الشاغرة في حكومته لممثلي "العمل".

 

زعيم "المفدال":

نحن منسحبون

زعيم الحزب القومي – الديني (المفدال)، الوزير إيفي إيتام، أكد في تصريحات أدلى بها عقب جلسة الحكومة على وجوب إنسحاب حزبه اليميني "فوراً" من الإئتلاف الحكومي. وقال إن حزبه (الذي يعد الممثل الأبرز للمستوطنين اليهود في الضفة والقطاع وله ستة مقاعد في الكنيست) "لن يقدم العون والتأييد لحكومة اتخذت مثل هذا القرار الفظيع".  وأضاف "سندعو جميع القوى في الليكود والإتحاد الوطني والقوائم الدينية الحريدية للإتحاد من أجل التصدي للخطة".

وقد أصبح حزب "المفدال"، في أعقاب إنسحاب كتلة "الإتحاد الوطني" اليمينية المتطرفة من الإئتلاف وإقرار الحكومة لخطة الإنفصال المعدلة، مهدداً بالإنقسام، في ضوء دعوة الوزير إيتام ونائب الوزير إسحق ليفي إلى إنسحاب الحزب فوراً من الحكومة، في حين يدعو عدد من نواب الحزب وبضمنهم الوزير زبولون أورليف، إلى التريث والإنتظار قبل إتخاذ مثل هذا القرار إلى حين تصويت الحكومة، بعد عام من الآن، على مرحلة إخلاء المستوطنات اليهودية في قطاع غزة.

وكتب زعيم الحزب المتشدد "إيتام"، في تعقيب له بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، معتبراً أن قرار الحكومة "يعطي نصراً هائلاً للإرهاب ودولة مستقلة لحركة حماس على طبق من الدم اليهودي"، على حد قوله.

وأضاف متسائلاً: "لا أعرف ما الذي حدث لأريئيل شارون، هذا الرجل الذي قدرته كثيراً".  وأنهى "إيتام" تعليقه قائلاً: "نحن لسنا يائسون ... فهناك معسكر كبير في الليكود والإتحاد الوطني والجمهور الديني الصهيوني، الذي لم ينفك إرتباطه، بل إتحد ليغدو اليوم المعسكر القومي اليهودي الصهيوني الحقيقي".

 

يوسي سريد:

عودوا إلينا في آذار

عضو الكنيست يوسي سريد (ياحد- ميرتس)، الذي يمثل صوت اليسار الصهيوني، اعتبر من جهته أن تصويت حكومة شارون على خطة فك الإرتباط المقلصة يشكل في الواقع قراراً بعدم إتخاذ قرار، في إشارة لقرار مجلس الوزراء الإسرائيلي إرجاء اتخاذ القرار بشأن مرحلة تفكيك المستوطنات في قطاع غزة وأربع مستوطنات شمال الضفة إلى ما بعد حوالي السنة من الآن.

وأضاف سريد، في تعليق نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" (أمس الإثنين)، أن قرار الحكومة يحتوي كل شيء ما عدا إخلاء المستوطنات، إذ لم يتطرق القرار من قريب أو بعيد إلى المستوطنات التي سيتم إخلاؤها، كما أنه خلا من أية خريطة أو جدول زمني ملزم.

واستطرد: هكذا يبدو القرار الذي استهدف "ربط "المفدال" بالحكومة وليس فك إرتباط إسرائيل مع قطاع غزة".  وأردف سريد ساخراً: "في الواقع لقد غير الليكود أيديولوجيته من وحدة وسلامة أرض إسرائيل إلى وحدة وسلامة الإئتلاف، لكن السياسة فعلياً هي ذات السياسة ومن المبالغ فيه التحدث عن سياسة في وقت يدور فيه الحديث عن مناورات وعن: من الذي سينجح في لي الذراع التي ينبغي لها أن تصوت ... سيقول الجميع الآن بأنهم انتصروا ... شارون انتصر، ونتنياهو وليفنات انتصرا، وستكون إسرائيل هي الخاسر الوحيد...".

وختم سريد تعليقه قائلاً: "يسألوننا طيلة الوقت كيف سنصوت ومن سنؤيد. جوابي: إذا كان كل شيء قد تأجل إلى ما بعد سنة، إذن عودوا إلينا في آذار من العام المقبل فعندئذٍ  سنخبركم بموقفنا".

 

"إنها البداية فقط"
وتحت هذا العنوان كتب المعلق السياسي الإسرائيلي البارز ناحوم برنياع في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يقول إن "الصراع على الخروج من قطاع غزة لم ينته أمس (الأحد)، بل بدأ فقط".  واعتبر برنياع أن مصير تنفيذ خطة الإنفصال المعدلة منوط باللعبة السياسية الداخلية في إسرائيل، وبسلوك الجانب الفلسطيني، وبالدور والتدخل الدوليين، وبتصميم شارون وقدرته على البقاء ... "فهذا هو الشرق الأوسط ... أمور كثيرة سيئة ستحدث هنا في غضون ستة أشهر،  ناهيكم عن تسعة أشهر ؟!".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات