المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

نشرت الصحف الاسرائيلية اليوم (الجمعة 25/6) تقارير صحفية موسعة حول التباين الذي ظهر مؤخرًا بين قرار المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، وبين ما أوصت به المدعية العامة السابقة للدولة، عدنا أربيل، بتقديم لائحة اتهام ضد رئيس الوزراء الاسرائيلي، أريئيل شارون ونجله جلعاد للاشتباه بتلقيهما رشوة من رجل الاعمال الاسرائيلي ديفيد أبيل في القضيتين المعروفتين باسم "الجزيرة اليونانية" و"أراضي غيناتون" ( المستوطنة القريبة من مدينة اللد). وقد كان الموضوع المركزي الذي تناولته الصحف، هو الرد الذي قدمه المستشار القضائي للحكومة إلى المحكمة الاسرائيلية العليا، على خلفية تقديم التماسات ضد قراره بتبرئة ساحة شارون، حيث ان مزوز ارفق برده تقرير المدعية العامة السابقة (قاضية المحكمة العليا اليوم) عدنا اربيل.

توصية أربيل

جاء في ملخص التوصية التي قدمتها أربيل الى المستشار القضائي ما يلي: "بعد قراءة مستفيضة ومشددة لمواد الأدلة وبعد الابحاث الكثيرة، وجدنا أن شبكة الاحداث المعقدة، والعلاقات التي تكشفت في الملف، تتجمع في نهاية المطاف ضمن صورة واضحة وقاتمة، وبحسبها فإن شارون كوزير للبنى التحتية ووزير للخارجية تلقى رشوى من أبيل (رشوة مالية عبر منح أجر عالٍ لجلعاد، ابن شارون، وكذلك عبر تعهدات محددة بالدعم السياسي في فترة حساسة جدا بالنسبة لأي سياسي هي فترة الانتخابات)".

ارتكزت اربيل إلى نقاط عديدة لإدانة اريئيل شارون، وانقسمت هذه الادعاءات الى "حقائق" و"إستنتاجات"، ولعل أهم الحقائق التي إرتكزت إليها اربيل كما ظهرت في صحيفة "هآرتس" التي نشرت توصيات المدعية العامة كاملة هي التالية:

* في تاريخ 23.12.98 تحدث اريئيل شارون مع ديفيد أبيل، طالباً منه الوقوف الى جانبه في الانتخابات لرئاسة الليكود...

*اثناء الحملة الانتخابية لرئاسة حزب "الليكود"، وعد رجل الاعمال ابيل المتهمين، رقم 1 ورقم 2 (شارون ونجله)، بان يقوم بتفعيل 300 "منتحر"، وأن يعمل في الاماكن التي يملك تأثيرًا فيها، من اجل انتخاب شارون لرئاسة الليكود.

*ربطت شارون وابيل علاقات على مدار سنوات طويلة، وكانت تلك العلاقات مبنية على اساس حاجة شارون لتأثير أبيل السياسي ومساندته..

*توصل ابيل وجلعاد شارون الى اتفاق مبني على أساس ان يدفع الأول مبالغ طائلة الى شارون الابن، من أجل تفعيل شارون ووظيفته الجماهيرية.

*في تاريخ 17.9.99 قال ابيل لشارون ان جلعاد تعلم حتى اليوم كيف يخسر، لكنه اليوم سيربح اموالاً طائلة.

*علم شارون بان ابيل اتفق مع جلعاد لتشغيله في المشروع، مقابل اجر عال، متوقعا ان تكون له يد في الموضوع.

المستشار والمدعية... التباين في وجهتي النظر

الجزيرة بأيدينا؟

يظهر من مسودة الاتهام أن اريئيل شارون وديفيد ابيل تحدثا من خلال مكالمة هاتفية في ايلول/ سبتمبر 1999، في الوقت الذي نفى فيه شارون تحدثه الى رجل الاعمال، فيما يتعلق بـ "الجزيرة اليونانية". وتشير المدعية العامة الى أن شارون سأل ابيل قائلاً: "الجزيرة بأيدينا الآن؟". وقد أعلم ابيل شارون وفي نفس المكالمة بأن إبنه جلعاد "سيربح امولاً طائلة". وتصف صحيفة "هآرتس" ان النقطة المذكورة أعلاه هي صلب القضية، اذ يضيف الكاتب يوفال يوعز انه في الوقت الذي أظهرت فيه المدعية العامة عدنا اربيل تفهماً وسيطرة على كل ما يجري، يقرّ المستشار القضائي ميني مزوز قرارات مبنية على إستنتاجات ليست واضحة، ويظهرعدم إهتمام وقلة إعتبار فيما يتعلق بقانون الـ "خذ وأعط ..الجنائي".

هذا السؤال ظهر في توصيات المدعية العامة واضحاً، وقد وصفت عدنا اربيل هذا السؤال بأنه مركزي جداً في القضية، واقتبست هذه الجملة من دون إعتبار ما سبقها من كلمات وجمل، بالمقابل يظهرهذا السؤال مرة واحدة فقط في قرار المستشار القضائي للحكومة، إذ قام بإقتباس كلمات من المحادثة واستنتج انه من الصعب إعتبار هذه الجملة تدخلاً في سير الصفقة، لا بل هي نابعة عن إهتمام مجرد، وفي لسان مستهترة، ومن الطبيعي عدم إعتبارها صلب القضية.

شتان ما بين التوصيتين

ثمة خلاف آخر ظاهر للعيان تجلى واضحاً، إذ نشرت صحيفة "هآرتس" مقطعين، الاول مما أقرته عدنا أربيل والثاني من رد مزوز عليها. تقول اربيل في قرارها: "بعد الإنتهاء من التحقيقات المتعلقة بالقضية، تم توحيد موقف واحد يقضي بتقديم لائحة اتهام ضد رئيس الحكومة بتهمة تلقي رشوة". اما مزوز فقد قال في قراره : "هذالادلة المذكورة داخل الملف لا يمكن لها ان تقربنا الى إمكانية تقديم اريئيل شارون الى المحاكمة".

تبريرات اربيل وعدم تقبل مزوز

عددت أربيل المصالح المتبادلة بين أبيل وشارون. وجاء في هذه التبريرات أن رجل الاعمال كان بحاجة للسياسي في قضية الاراضي في منطقة اللد، وشارون كان على علم بحاجة ابيل له، وتصرف كل منهما على هذا الأساس. بالمقابل حلّل المستشار القضائي للحكومة الموضوع بتقنية تختلف عما حللته اربيل، اذ تعامل مزوز مع قضية "علم شارون" بما يجري بطريقة مختصرة جداً ولم يمنح تلك التحليلات إهتماما كالذي حظيت به في مكاتب المدعية العامة، فقد قام مزوز بتحليل المركبات القضائية، والعلاقة التي تجمع ابيل وشارون كلا على حدا..

أجهزة التنصت

إدعت اربيل انه من خلال التنصت على هاتف ابيل ظهرت علاقة غير واضحة تثير الشك في ان الاثنين (جلعاد وابيل) سيقومان بعدد من المخالفات القانونية، ولكن بالمقابل يقول مزوز ان الشرطة فشلت في محاولات التنصت السابقة ولم تضف ادلة على سير القضية. وأشار الى ان الشرطة الاسرائيلية قامت بالتنصت على عدة آلاف من المكالمات ولكن دون ان تكن هناك دلالات كافية..

العلاقة بين ابيل وشارون

العلاقة بين شارون وأبيل تقوم في ثلاثة مستويات، حسبما ما جاء في إدعاء اربيل. وهذه المستويات هي: صداقة لسنين طويلة قاعدتها العلاقات السياسية، الدعم السياسي، وفي ختامها دفع الأموال لجلعاد. ويمكن الاقرار على اساس قاعدة الأدلة الثابتة انه ربطت شارون وأبيل صداقة أساسها سياسي. وفي الفترة التي يتطرق اليها التحقيق اكتسبت العلاقة بين الاثنين لونًا اضافيًا ومختلفًا. فقد حول أبيل ملايين الشواقل الى مزرعة "هشكميم" وذلك في اطار حجة تشغيل جلعاد شارون كـ "مستشار" لمشروع اقامة مراكز سياحة وترفيه في عدة مواقع في العالم. ورد مزوز على هذا الإدعاء بالقول انه لا يمكن اعتبار الدعم السياسي على انه رشوة وإنما يعود هذا الى الصداقة التي امتدت الى سنوات ماضية عديدة..

من الممكن تلخيص كل القضايا في هذا الجدول

قرار مزوز
توصيات اربيل
البند
فقط 7500 دولار اعطيت لجلعاد في المرحلة الاولى.
الاتفاق الاولي على ان يكون المعاش 10 الاف دولار للشهر الواحد
المعاش الشهري لجلعاد
لم يساعد هذا التنصت على تثبيت إتهام شارون بتلقي الرشوة
يزيد من الشكوك في ان هناك علاقة من اجل اعطاء الرشوة
التنصت
لا يمكن الاستناد إلى هذا من اجل اتهام شارون علىانه تلقى رشوة
شارون ابدى اهتماماً بالموضوع
مكالمة "الجزيرة بأيدينا"
الادلة ليست كافية
شارون تلقى رشوة من ابيل
القرار النهائي

زئيف سيغل: المحكمة ستأمر مزوز بالكشف عن ملف "فصل الوقائع"...

في مقال تحت عنوان "فجوة لا تعقل" كتب محلل الشؤون القانونية في صحيفة "هآرتس"، البروفيسور زئيف سيغل، ان المحكمة العليا ستحسم عمليا بين وجهتي النظر المتناقضتين. وأكد على انه يصعب على العقل استيعاب هذا التباين. واشار الى ان قرار مزوز، الذي يملك لوحده الصلاحية القانونية بحسم مسألة تقديم رئيس حكومة للقضاء، سيبقى على حاله الا في حال قررت المحكمة العليا ان وجهة نظر مزوز غير معقولة بصورة متطرفة.

واشار سيغل الى ان مزوز قرر الكشف عن تقرير اربيل ومسودة لائحة الاتهام ضد شارون وانه رفض الكشف عن تقرير المدعية العامة في لواء المركز، والذي يعتبر "فصل الوقائع" ذات الصلة ويتضمن ملخص الادلة في الملف. ولفت الى انه فقط بمساعدة هذا الفصل يمكن فحص القضية بصورة عميقة. وفي ضوء المصلحة العامة فانه بالامكان التكهن ان المحكمة العليا ستأمر مزوز بالكشف عنه.

مزوز: "هذه ليست شهادة حسن سلوك لأريئيل شارون.."

ومما كتبه مزوز في رده ان قرار اغلاق ملف التحقيق ضد شارون لا يعني منحه "شهادة حسن سلوك جماهيرية". وأشارت "هآرتس" الى ان هذه الجملة كتبها مزوز "في اعقاب رد فعل الجمهور الاسرائيلي على قراره، الذي بدا بالنسبة للكثيرين على انه تنظيف لرئيس الحكومة شارون ونجله بشكل كامل من تهمة جنائية". وقال مزوز في رده على الالتماسات ان "القرار بعدم اجراء محاكمة جنائية في ظل غياب أدلة كافية، لا يعني الاقرار بالامر على انه ايجابي وان المشتبه به لم يقترف أعمالا غير قانونية".

المصطلحات المستخدمة:

اللد, اريئيل, هآرتس, الليكود, رئيس الحكومة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات