المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ارشيف الاخبار
  • 853

يرى رئيس الأركان العسكرية الاسرائيلي، الجنرال موشيه يعلون، إن إسرائيل في أعقاب الحرب على العراق، <<تمر في اوج هزة أرضية اقليمية، نابعة من استراتيجية الأمن الوطني الأمريكي التي حددت أهدافاً للمعالجة في مجال الحرب على الارهاب، والسلاح غير التقليدي والانظمة غير المسؤولة>>.وفي مقابلة مع صحيفة "هآرتس" (6/5) اعرب يعلون عن اعتقاده بأن <<استقرار نظام ذي نكهة ديمقراطية في العراق قد يؤثر على نظام آيات الله ايضاً، الذين نضجت الظروف للإطاحة بهم>>.

 

وعلى حد اقوال رئيس الأركان الاسرائيلي، فإن القيادة الجديدة في السلطة الفلسطينية <<حالياً لم تقم بأية خطوة بعد>>. وهو يرى أن <<التهديد الأساسي لرئيس الحكومة الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، لا يأتي من طرف حركة حماس إنما من طرف رئيس السلطة، ياسر عرفات>>.

وفي تطرقه الى سوريا، قال يعلون إن <<السوريين تنطبق عليهم كل المعايير الامريكية لدول "محور الشر". هذا نظام ليس مسؤولاً ولديه سلاح كيماوي ويقوم بتفعيل الارهاب>>. وقال إنه ما زال <<لا يرى تغييراً في دعم سوريا للارهاب>>، وعبّر عن قلقه من <<عدم نضوج ومسؤولية الرئيس السوري، بشار الأسد>>.

فيما يلي نص المقابلة التي اجراها عاموس هرئيل:

<<يعتقد الجنرال موشيه يعلون أن هذه السنة لم تكن سيئة بشكل عام، مع أخذ الظروف بعين الاعتبار، وبالتأكيد فإنها أفضل من سابقتها. عشية يوم الاستقلال الـ 55، عندما يقارن رئيس الاركان وضع اسرائيل اليوم بوضعها قبل سنة، فإنه يرى تحسناً ملموساً، رغم الخسائر البشرية الكبيرة. التهديد العراقي أزيل، بفضل الولايات المتحدة، وسوريا ستفكر مرتين قبل اشعال الحدود الشمالية، بينما رد الجيش الاسرائيلي و "الشاباك" على تهديد الارهاب الفلسطيني أفضل كثيراً من الماضي، حتى وإن كانت حوافز أعضاء المنظمات لم تتغير. وفي ايران أيضاً يرى يعلون احتمالات جيدة لانقلاب داخلي، سيؤدي الى الاطاحة بنظام آيات الله. ومع هذا، ففي مقابلة لـ "هآرتس"، فإنه يحافظ على توجه تشوبه الشكوك والحذر: استبدال الشخصيات في السلطة الفلسطينية لا يبشر، حالياً، حسب رأيه، بانتهاء الارهاب كما أن الوعود السورية للولايات المتحدة بعيدة من أن تتحقق.

"تنطبق على السوريين كل المعايير الامريكية لدول محور الشر"، يقول يعلون. "هذا نظام ليس مسؤولاً ويمتلك أسلحة كيماوية ويقوم بتفعيل الارهاب. السوريون يعيشون حالة توتر نتيجة للوضع الذي وجدوا أنفسهم فيه بعد الحرب على العراق، وكذلك نتيجة لسلوكهم خلال الحرب: لقد سمحوا بوصول إرهابيين من أراضيهم الى العراق ونقلوا صواريخ مضادة للدبابات ووسائل رؤية ليلية الى العراق. وهناك شكوك كبيرة أيضاً بأن سوريا ساعدت العراق في اخفاء قسم من قدراته العسكرية المحظورة. سوريا توجد الان في عين المِهداف الامريكي بسبب تصرفها".

شعبة المخابرات (الاسرائيلية) تصف النظام السوري كمنطاد فقد الهواء ويقترب من الهبوط. ولكي يحلق ثانية، على القيادة أن ترمي حمولة ليست ضرورية في المنطاد. "حمولات" كهذه هي تسليم الفارين العراقيين في أراضيها وفي مرحلة متأخرة أكثر - سلسلة خطوات تعني اسرائيل كثيراً - السماح للجيش اللبناني بالانتشار في جنوب الدولة، وتفكيك المدافع التابعة لحزب الله في الجنوب وطرد قيادات منظمات الارهاب من دمشق. "القيادات ليست مكاتب اعلامية، كما يدعي السوريون"، يقول رئيس الاركان. "هذا نفي مضحك، مثل نفيهم وجود الأسلحة الكيماوية التي بحوزتهم. هذه القيادات التي تفعّل الارهاب من لبنان وفي الساحة الفلسطينية، تمول وتدفع وتشجع وترسم السياسات. ويدرك السوريون أنهم الآن مطالبون بالدفع، ولكن حتى الان فإننا نسمع كلاماً فقط. أعلنوا بأن مقرات القيادات قد أغلقت؟ إذاً أعلنوا. لم أر بعد أنها توقفت عن العمل. لا حماس ولا الجهاد الاسلامي ولا الجبهة الشعبية. كما أنني لا أرى بعد تجريد حزب الله من سلاحه".

يرى يعلون بالنصر في العراق فرصة لخفض حرية نشاط وتأثير الجهات المتطرفة والمنظمات الارهابية في الشرق الاوسط. هل الرئيس السوري، بشار الاسد، سيتماشى مع الضغط الامريكي؟ "الأمر الاساسي الذي سيؤثر هو مستوى الضغط السياسي والاقتصادي. لا يمكن الحديث عن عدم العقلانية في اعتبارات الاسد، ولكن هناك قلق ازاء نضوجه وتحمله للمسؤولية. من يتخذ، في الاسبوع الثاني للحرب على العراق، قراراً بتمرير قوافل أسلحة للعراق، فإنه يثير استغراباً بالنسبة لقدراته. الأمر المقلق هو أن الاسد يتخذ قرارات استناداً الى "الجزيرة" (قناة الجزيرة الفضائية)، وهذا قد يشكل قاعدة لقرارات خاطئة. لقد مررنا بهذا الوضع في الماضي (مع الأسد الأب)، خلال التوتر بين اسرائيل وسوريا في صيف 1996".

ويرى يعلون في التطورات في السلطة الفلسطينية "عملية داخلية جذرية، لم يحسم الصراع عليها بعد". إذا كان الأمر كذلك، لماذا يوجد عدم رضا حسب تقديرات شعبة المخابرات، بعد التوقعات الكبيرة (التي كان يعلون شريكاً بها) من تعيين أبو مازن؟ "هذا ليس مسألة عدم رضا، بل نظرة متفحصة جداً لما يجري. المعطيات تغيرت. نوايا (أبو مازن) كانت تطبيق خطاب بوش: اصلاحات حكومية، مع صاحب قرار وحيد هو رئيس الحكومة وليس رئيس السلطة (ياسر عرفات. يعلون لا يذكر عرفات بالاسم)، اصلاحات أمنية: بدل 14 جهازا، ثلاثة، جميعها تخضع لسلطة رئيس الحكومة واصلاحات اقتصادية، تكون الآموال فيها مدارة ومراقبة بحيث لا يتمول الارهاب منها. هذا هو العلم الذي انتخب أبو مازن تحته، ولكن في الطريق جرت عملية انتقاص من صلاحياته من قبل رئيس السلطة. نزلنا من نصف غيار (للتغيير في السلطة) الى ربع. وبالطبع رأينا هنا فرصة بالنسبة لمجموعة جديدة في القيادة ترفع علم كبح الارهاب، ولكن أشرنا الى المخاطر. التهديد الجدي (على نجاح أبو مازن) لم يكن من حماس إنما من رئيس السلطة.

"القيادة الجديدة حالياً لم تقم بأي شيء بعد. نحن نسمع كلاماً على مستوى النوايا، ولكن يجب على القيادة أن تنظم نفسها، وتدمر أجهزة في الاجهزة الأمنية وتجرد حماس والجهاد الاسلامي من أسلحتهما. منذ 1994 أدارت السلطة سوية دولة مع مجموعات مسلحة قسم منها يتم تمويلها وتسليحها على يد رئيس السلطة. الآن، لا يجب على السلطة أن تكتفي بالكلمات، بل عليها أن تبدأ باظهار النوايا، والجهود والنتائج. وحيال النوايا والجهود سنعرف كيف نرد بشكل ملائم، من منطلق الافتراض انه يجب انتظار النتائج".

رئيس الاركان مقتنع بقدرة أجهزة الأمن الفلسطينية على مواجهة منظمات الارهاب، اذا ما تسلمت تعليمات مناسبة. "ولكن يجب الاشارة الى المخاطر: بدل مواجهة حماس، فإنهم سيتوصلون الى تفاهمات على وقف اطلاق النار، "هدنة"، الى أن يزول الغضب. وفي غضون ذلك، الجهات المتطرفة التي تدعم الارهاب تلحظ (في ما تم القيام به في السلطة) تهديداً على الساحة الوحيدة التي يوجد لهم فيها الآن حرية حركة. ولذلك، هنالك تجنيد من الجميع لتنفيذ موجة ارهاب قاسية تهدف الى عرقلة كل فرصة لاستئناف العملية".

ويشارك في هذا الجهد، كما أثبت ذلك في عملية تل أبيب، نشطاء ارهاب من أوروبا. "هذه العملية التفجيرية مرتبطة بأحداث سابقة، مثل تسلل حسين مقداد وجهاد شومان (نشطاء حزب الله اللذين تم اعتقالهما في اسرائيل وهما يحملان جوازات سفر أوروبية) دائماً جاء تسللهم في توقيتات سياسية خاصة في اسرائيل. والأمر المدهش هو مع من توجد لنا قضية: هذان بريطانيان، من أصل باكستاني، لا يوجد بيننا وبينهما أي شيء، لكنهم يمرون بعملية تحريض تجعلهم يأتون الى هنا لكي يقتلوا يهوداً وينتحروا".

هل توجد هنا مؤشرات لصراع حضاري وحرب دينية؟

يعلون:"نحن نعيش هذه الأجواء".

رغم التصريح الأخير، لا يعتقد يعلون أن النزاع مع الفلسطينيين غير قابل للحل. "أنا لست سوداوياً. نحن في أوج هزة أرضية اقليمية، نابعة من استراتيجية الأمن الوطني الامريكي التي حددت أهدافاً للمعالجة في مجال محاربة الارهاب والسلاح غير التقليدي والانظمة غير المسؤولة. وإذا نجحوا في ترسيخ نظام ذي طابع ديمقراطي في العراق، فإن هذا سيؤثر كثيراً خارج العراق. في ايران المجاورة، الصراع الداخلي في أوجه. الشعب صوت لصالح الاصلاحات، لكن المحافظين ما زالوا يمسكون بمراكز القوة".

هل سيجري هناك تغيير داخلي؟

"التطورات في العراق بمقدورها بالطبع أن تعجل العملية. ثمة في ايران نضوج لازالة النظام الديني".

تغيير البنية "سيؤثر بشكل جدي على حجم الجيش ومزج القوات"

في شهر تموز القريب سيكون يعلون قد أمضى عاماً في منصبه كرئيس أركان. رغم العبارة المبتذلة التي تقول ان ما لم يتم فعله في السنة الأولى في قيادة تنظيم كبير، لا يمكن تحقيقه بتاتاً، يبدو أن السنة الثانية لدى يعلون بالذات تبدو السنة الأهم من كل السنوات. عشية حلول فصل الصيف ستنتهي في القيادة العامة عملية بلورة الخطط لتغييرات بنيوية كبيرة، مبنية على ثلاثة تطورات مركزية: النصر الامريكي في العراق، عبر الحرب هناك بكل ما يتعلق بالاداء المستقبلي للجيش الاسرائيلي والتقليصات في ميزانية الأمن.

جزء من التغييرات أخذت تظهر: التركيز على القدرات التكنولوجية والطائرات الحربية الحديثة التابعة لسلاح الجو وكذلك- فصل الآلاف من رجال الخدمة العسكرية الدائمة. رئيس الاركان، الذي يرفض الآن اعطاء تفاصيل حول الخطة، يكتفي بالقول بأنها "ستؤثر بشكل جدي على حجم الجيش وعلى مزج القوات".

(هآرتس 6-5)

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات