اتفق رئيس الحكومة الاسرائيلية، اريئيل شارون، ووزير الخارجية، سيلفان شالوم، على أن يعيدا بعد حوالي الشهر اعادة تقييم احتمالات استئناف المفاوضات مع سوريا، وذلك بعد ان يتضح "اين يقف السوريون في الساحة الاقليمية والدولية". هذا ما اكده ديوان شارون، الاثنين (5/5)، على خلفية ما نشرته صحيفة "معريف" عن رفض شارون عرضا سوريا لاستئناف المفاوضات المباشرة.وأعلن وزير الخارجية الاسرائيلي تأييده لاجراء "فحص جدي لاحتمالات استئناف المفاوضات مع سوريا"، وقال في تصريح علني (4/5): "سأكون سعيداً جدًا باستئناف المفاوضات، لكن على السوريين ان يأتوا بيدين نظيفتين، دون شروط مسبقة". اما رئيس الحكومة، شارون، فقد اكتفى بتصريح ضبابي قال فيه ان" النصر الامريكي في العراق زعزع دولا عديدة في المنطقة، مما فتح آفاقا للتوصل الى اتفاقيات سلام أخرى".
ويتحفظ وزير الدفاع، شاؤول موفاز، من استثمار جهود في إحياء المسار السوري. وهو يعتقد، بحسب "هآرتس" 6/5، بأنه "لا ينبغي على اسرائيل اجراء مفاوضات على مسارين اثنين في الوقت ذاته وبالتوازي"، في اشارة الى ما تتحضر له اسرائيل من استعدادات لتحريك شيء ما على المسار الفلسطيني. ولم تتغير معتقدات موفاز هذه ايضًا منذ أن كان رئيسًا لأركان الجيش الاسرائيلي. فهو يرى ان "مشكلة اسرائيل المركزية هي النزاع مع الفلسطينيين، ولذلك فان عليها ان تتركز، الآن، في التفاوض معهم".
ويتحفظ شارون ايضًا من التفاوض على مسارين متوازيين، لكنه "مستعد للتفاوض مع سوريا، دون شروط مسبقة".
وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون تعهد الاثنين 5/5 خلال احياء ذكرى الجنود الاسرائيليين الذين سقطوا منذ إقامة دولة اسرائيل العام 1948، "بعدم تفويت فرصة اقامة السلام مع الفلسطينيين في حال سنحت".
وقال شارون خلال هذه المراسم في القدس الغربية: "قطعت عهدًا ببذل كل ما في وسعي لقيادة البلاد نحو السلام وثمة امل في هذا الربيع على هذا الصعيد".
ومضى يقول: "هذا الامل يستند على الكفاح المتواصل والشامل لقوانا الامنية ولجيشنا لاستئصال الارهاب فضلا على النصر الحاسم الذي حققته قوات التحالف في العراق والعزم الذي اظهره جزء من العالم الحر بقيادة رئيس الولايات المتحدة ضد انظمة الشر في منطقتنا".
واضاف شارون: "في حال تكرس هذا الامل وتوافرت الشروط لذلك وهذا رهن قبل كل شيء بافعال الحكومة الفلسطينية الجديدة، فاني لن افوت هذه الفرصة" لتحقيق السلام"، مشددًا على انه مستعد في سبيل لذلك "لدفع ثمن مؤلم".
وختم يقول: "لقد وضعت حدودًا واحدة امامي وهي امن اسرائيل الذي لست مستعدًا للقيام بأي تنازل على صعيده بأي شكل من الاشكال وأي ظرف من الظروف".
وكانت صحيفة "معريف" نشرت (الاثنين ـ 5/5) ان اتصالات جرت في الأردن بين ماهر الأسد، شقيق االرئيس السوري بشار الأسد، وايتان بن تسور، المدير العام السابق لوزارة الخارجية الاسرائيلية، موضحة أن السوريين قدموا خلال هذه الاتصالات عرضًا صريحًا وتفصيلياً لاستئناف المفاوضات مع اسرائيل. ولم يتضمن العرض شروطاً مسبقة ايا كانت، كما كانت تطلب سوريا من قبل، لكن السوريون عرضوا فكرة القيام بخطوات متبادلة تمهيدًا لاستئناف المفاوضات وخلال اجرائها.
وقال ديوان رئيس الحكومة الاسرائيلية ان رجال اعمال اسرائيليين التقوا رجال اعمال لهم علاقات مع الرئيس السوري، وليس مع شقيقه. ونقل العرض السوري الى القدس الغربية، لكن شارون قرر، بعد مشاورات مع جهات مختلفة، التشكيك كثيرًا في "جدية المبادرة السورية ودوافعها".
تقديرات اسرائيلية: الأسد سيجري تعديلات تكتيكية على مواقفه
وتقول التقديرات السائدة في اسرائيل اليوم انه على الرغم من الضغوطات الامريكية الممارسة عليها، تميز سوريا بين قضية العراق وبين كل ما يتصل بالنزاع مع اسرائيل. وجاء في احد التحليلات التقييمية التي وزعت على المسؤولين السياسيين في اسرائيل، ان الرئيس السوري، بشار الأسد، يعتقد بأن "قواعد اللعبة" التي تمليها الادارة الامريكية "لم تتغير"، وبأن الولايات المتحدة ستواصل التعامل معه بتسامح، على خلفية الدور السوري المركزي في عملية التسوية السياسية في المنطقة.
ولذلك، جاء في الوثيقة، بحسب "هآرتس" 6/5، "لم يُلا حظ أي تراجع" في الدعم السوري للمنظمات الفلسطينية ولـ "حزب الله"، وان الأسد سيجري ِ"ملاءمة تكتيكية" لمواقفه، على الأكثر. وتوجه سراً يوم الأحد (4/5) وفد من "حزب الله" الى دمشق للبحث مع القيادة السورية في نتائج زيارة باول وفي المرحلة المقبلة. ووقف على رأس الوفد الامين العام للحزب، حسن نصر الله، الذي يحافظ في السنوات الأخيرة على قناة اتصال مباشرة مع بشار الأسد.
وتلاحظ شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية (هآرتس)، في الأشهر الأخيرة، توثيقًا غير مسبوق للعلاقات بين الجيشين السوري واللبناني وبين "حزب الله". وتعدد الشعبة <<دمج "حزب الله" في المنظومة العسكرية السورية ـ اللبنانية، والتنسيق والتمرينات المشتركة للعناصر الثلاثة، جميعها دفعت شعبة الاستخبارات العسكرية الى التعامل مع سوريا ولبنان باعتبارهما "منظومة" واحدة ـ "المنظومة الشمالية">>.
وتنظر سوريا اليوم الى "حزب الله" باعتباره طبقة دفاع اخرى بينها وبين اسرائيل، تجعل من الصعب على اسرائيل ضربها من الغرب ـ أي، من لبنان. كما ينظر "حزب الله" الى نفسه بالمثل ايضا: قائد "حزب الله" في الجنوب، الشيخ نبيل قاووق، قال قبل حوالي اسبوعين ان "ساحة الجنوب ستظل الساحة الدفاع عن سوريا". بل ان سوريا نقلت، العام الماضي وللمرة الاولى، قذائف كاتيوشا إلى "حزب الله". وفي لقائه مع الأسد، سمع باول ان سوريا لم تنقل اية اسلحة الى المنظمة، منذ وقت طويل.
<<تنظيما "الجهاد الاسلامي" و "حماس" ايضا، مثل حزب الله، ليسا خائفين على وجودهما – يكتب دانئيل سوبلمن في "هآرتس" )6/5) - فبعد ان نفى ممثلو التنظيمين الفلسطينيين، هذا الاسبوع، وجود أي امر، او حتى مجرد نية، لاغلاق مكاتبهما في دمشق، اعلن مسؤول رفيع في حزب الله، هو الحاج حسين خليل، الذي يشغل منصب مستشار الامين العام نصر الله، ان كلمة "انسحاب" غير واردة في قاموس منظمته. اشار وعضو البرلمان عن حزب الله عبد الله قصير، الى انه "على الذين يطالبون بإنهاء المقاومة، العمل اولا من اجل انهاء الاحتلال، لكي تتوقف المقاومة. فقط حينئذ يمكن الحديث عن وقف المقاومة وانهائها".
<<وفي اطار "الملاءمة التكتيكية"، تشير التقديرات من كلا طرفي الحدود الى احتمال مطالبة حزب الله بـ "خفض نشاطه" في جنوب لبنان. لكن بالنظر الى حقيقة ان المنظمة تعمل، منذ فترة طويلة، تحت جملة من القيود والتقييدات، الايرانية والسورية واللبنانية والذاتية ـ منذ نيسان / ابريل الماضي نشطت المنظمة في منطقة جبل الشيخ ثلاث مرات فقط، وكانت عمليته الاخيرة هناك يوم 21 كانون الثاني / يناير ـ فليس من الواضح اية اجراءات لجم جدية اخرى يمكن لدمشق ان تطلبها من حزب الله، خاصة وان ليس ثمة اية نية سورية او لبنانية، حالياً، لاضعاف منظمة "حزب الله" التي تعتبرها الدولتان قوة ردع هامة في مواجهة اسرائيل.
<<احدى الامكانيات هي مطالبة مقاتلي "حزب الله" بعدم التجول قرب الجدار الحدودي وهم يحملون السلاح. الانصراف الكلي والمطلق لمقاتلي حزب الله من المنطقة الحدودية قد يصبح طلبا غير ذي جدوى: الناطق بلسان القوات الدولية في جنوب لبنان، تيمور غوكسيل، الذي ينهي هذه الأيام مهمته التي استمرت 25 عاما، قال في نهاية الاسبوع الماضي: "انا لا أفهم معنى المطالبة بازاحة حزب الله عن الحدود. اذا ما انسحبوا عن الحدود 300 متر الى الوراء فانهم يصلون الى داخل قراهم".>>.
وقال مصدر رسمي اسرائيلي انه يتوقع "لجما تكتيكيًا" لحزب الله، لا يؤدي الى مس استراتيجي بالبنى التحتية للمنظمة. وفي المقابل، يرسل السوريون اشارات بأن الجيش اللبناني سوف ينتشر في جنوب الدولة، في الاسابيع القريبة. الناطقة بلسان الخارجية السورية، بثينة شعبان، صرحت بذلك في لقاء مغلق في الولايات المتحدة، في نهاية نيسان / ابريل الماضي.
ولكن، حتى لو تعزز تواجد الجيش اللبناني في جنوب الدولة، فليس من المتوقع حصول تغييرات جوهرية في ارض الواقع. فلبنان يواصل مطالبة اسرائيل بالانسحاب من مزارع شبعا. كما ان اطلاق مضادات الطائرات من جانب حزب الله، وهو ما يفعله منذ حزيران / يونيو 2001، لن يتغير بالضرورة، لأن هذا العمل يعتبر ردًا موضعيًا على تحليق الطيران الحربي الاسرائيلي فوق الاراضي اللبنانية.
وبدأ رجال الاستخبارات العسكرية والأمن الداخلي اللبنانيون يعززون تواجدهم على طول الجدار الحدودي، منذ اوائل ايلول / سبتمبر 2001. هذا التحرك ـ الذي بدأ بجولات يومية على طول الحدود ـ اكتسب، خلال الفترة الماضية، صبغة اكثر رسمية.