بتصرف عن موف الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة على الانترنت: نعى الحزب الشيوعي الاسرائيلي والجبهة الدمقراطية للسلام والمساوة، سكرتير عام الحزب الشيوعي الاسرائيلي الاسبق ماير فلنر، الذي توفي بعد ظهر الخميس 5 حزيران، عن عمر ناهز الـ 85 عاما، وكاد يدفع حياته في العام 1967 ثمنا لموقفه من عدوان حزيران، بعد محاولة اغتيال فاشلة. ولد ماير فلنر في 23 تشرين الاول 1918، في بولندا، ومنذ سنوات شبابه الاولى انخرط في الحركات الشبابية ذات الطابع الاشتراكي، وهاجر الى فلسطين في العام 1938، وانضم الى الحزب الشيوعي الفلسطيني في العام 1940، وفي العام 1948، كان نائبا عن الحزب الشيوعي في البرلمان التأسيسي لاسرائيل، وبقي نائبا منذ ذلك الحين وحتى العام 1990.
تولى فلنر منصب السكرتير العام للحزب الشيوعي الاسرائيلي (ركاح) في العام 1967، في اعقاب الانشقاق الكبير الذي حصل في الحزب، بين "الاغلبية القيادية" التي انحرفت عن النهج الماركسي اللينيني، واصبحت تغازل الحركة الصهيونية، وبين "الاقلية القيادية" التي حافظت على الثوابت، وبعد ثلاثة اعوام اضمحل حزب "الاغلبية القيادية"، وبقي الحزب الشيوعي الذي كان يطلق عليه اسم "ركاح" (القائمة الشيوعية الجديدة). لقد كان فلنر شيوعيا امميا، له اسم عالمي، لدى دول المنظومة الاشتراكية، وحركات التحرر العالمي والاحزاب الشيوعية العالمية، وفي العام 1987، وصفه عميد اكاديمية العلوم السياسية في صوفيا بأنه واحد من اكبر ستة محاضرين في العالم عن الحركة الشيوعية العالمية. كان فلنر مناهضا عنيدا للصهيونية، وله منشورات كثيرة في هذا المضمار ترجمت الى لغات عديدة في العالم. وكتب موقع "الجبهة" على الانترنت: <<كان فلنر مناضلا عنيدا من اجل حل القضية الفلسطينية حلا عادلا، فقد كان مع رفاقه قادة الحزب الشيوعي الاسرائيلي اول من طرح مبدأ دولتين لشعبين، وتكن له حركات التحرر الفلسطينية على مختلف تياراتها وايديولوجياتها له الاحترام والتقدير، ويسجل له التاريخ نضالات ومساهمات جدية جدا في داخل الساحة الوطنية الفلسطينية، التي كان من اكبر اهتماماته الحفاظ على وحدتها، وكان له، الى جانب رفاقه في الحزب، باع طويل في هذا المجال، خاصة خلال الازمات التي واجهتها الساحة الفلسطينية في سنوات الثمانين.
كما ناضل فلنر من خلال حزبه الشيوعي من اجل مساواة كاملة للاقلية الفلسطينية في اسرائيل، إذ ان الحزب الشيوعي الاسرائيلي ومنذ السنوات الاولى لاسرائيل، عرّف البقية الباقية من الشعب الفلسطيني على تراب وطنها بأنها اقلية قومية، وتشهد على ذلك كافة ادبيات الحزب>>. في العام 1956، خاطر فلنر مع رفيقه توفيق طوبي الذي نتمنى له العمر المديد، بحياتهما حينما اقتحما قرية كفر قاسم، وكشفا عن المجزرة الرهيبة التي ارتكبتها قوات الحكم العسكري الاسرائيلي، واودت بحياة 49 شخصا من ابناء القرية. <<لقد مرّ فلنر في اكثر الامتحانات صعوبة - كما الحزب الشيوعي الفلسطيني ومن ثم الاسرائيلي - في العام 1943، حين حصل الانقسام الكبير بين الاعضاء العرب الذين شكّلوا عصبة التحرر الوطني، وبين الاعضاء اليهود الذي استمروا في رفع اسم الحزب، واختار فلنر الوقوف في الوسط، وعمل لعدة سنوات من اجل رأب الصدع واعادة الوحدة التي نجح فيها في اواخر العام 1948>>.
<<وعاد الامتحان الصعب في العام 1965، حين كان الانقسام في الحزب الشيوعي الاسرائيلي، بين الجناح المنحرف الذي كانت غالبية أعضائه من الرفاق اليهود، وبين الجناح المحافظ على الثوابت السياسية والفكرية والذي كانت غالبية اعضائه من الرفاق العرب، إلا ان فلنر لم يكن خياره على اساس قومجي، وانما على اساس مبدئي ايديولوجي نقي. <<لقد عانى فلنر، كما هو الحال مع باقي رفاقه اليهود، في الشارع الاسرائيلي، من حالة عداء فاشية، وهذا فقط لكونه/ كونهم، شيوعيين مناضلين من اجل السلام، وكان يسمع مع رفاقه الشتائم ووصفهم بالخيانه، لانهم تمردوا على الشارع الصهيوني، وكانت ذروة هذا العداء هو ما حصل في العام 1967، بعد ان وقف في اول ايام حرب حزيران على منصة الكنيست وقال لحكام اسرائيل: "انتم مجرمو حرب"، فاعتدى عليه حراس الكنيست (البرلمان) بأمر من رئيسها، ومزقوا اوراقه التي كتب عليها كلمته وكسروا له نظاراته، وهو واقف ثابت على منصة الكنيست يواصل كلمته الجريئة. وبعد فترة قصيرة جدا اعتدى عليه احد الارهابيين بطعنه في الكبد ولحسن الحظ نجا من الموت. ومن المصادفة ان فلنر يفارقنا اليوم، في هذا اليوم بالذات، في الذكرى الـ 36 لحرب حزيران، الذي كان سيموت بسبب موقفه منها في يوم نشوبها. <<لقد طرح فلنر مع رفاقه الشيوعيين اكثر المواقف جرأة وفي احلك واصعب الظروف، وعلى رأسها موقف "دولتان لشعبين، الاسرائيلي والفلسطيني"، وبعد سنوات من رفض هذا الحل من كافة الاطراف اصبح الجميع يرددها اليوم، رغم محاولة البعض تجاهل رواد هذا الطرح وهذا الموقف.