المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تتالت ردود الفعل العربية والدولية على اعلان الرئيس الامريكي جورج بوش (الجمعة 14 اذار) عزمه على تحويل صيغة جديدة ومعدلة للخطة الامريكية للتسوية السياسية في الشرق الاوسط الى الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي <<مباشرة بعد تعيين رئيس حكومة فلسطيني>>.وكانت اسرائيل اول المرحبين بالاعلان الامريكي الجديد، بل ان مصادرها السياسية تحدثت عن علمها المسبق به. وقالت هذه المصادر في تصريحات صحفية (السبت 15 اذار) انه في حال الانتهاء من تعيين رئيس الوزراء الفلسطيني الاول، ابو مازن، في المنصب الجديد، وحصوله على الصلاحيات المخول بها رئيس الوزراء، ستنقل الولايات المتحدة صيغة <خريطة الطريق> الى الطرفين. <<في هذه الحالة – تقول الاوساط السياسية الاسرائيلية – ستبدأ عمليا المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين على تطبيق مضمون خطاب الرئيس بوش>>.

وكشفت الاذاعة العبرية (15/3) ان مدير مكتب رئيس الحكومة شارون دوف فايسغلاس ومستشاره لشؤون الامن القومي افرايم هليفي (رئيس <الموساد> السابق) زارا واشنطن سراً في الايام الاخيرة وتباحثا في الحرب الامريكية المتوقعة على العراق، وانهما علما في تلك الزيارة بمضمون خطاب بوش.

وتباحث هليفي وفايسغلاس في المساعدات الامريكية لاسرائيل وفي ميزانية الامن الاسرائيلية. وصرح الاثنان في حديث لمراسل الاذاعة العبرية الثانية ان ادارة بوش وعدت بتسريع معالجة موضوع المساعدات لاسرائيل.

ويرى مسؤولون رفيعو المستوى في الحكومة الاسرائيلية ان مغزى اعلان الرئيس بوش الاخير هو انتزاع <خريطة الطريق> من ايدي >الرباعية>، واقصاء الاتحاد الاوروبي عن العملية السياسية في الشرق الاوسط، نتيجة موقف اوروبا الرافض للعدوان الامريكي على العراق. من جهته، قال وزير خارجية اسرائيل سابقاً، شمعون بيرس إن خطاب الرئيس الامريكي <<يؤكد أن قضية الشرق الاوسط لم تنحَّ جانبا على رغم الاعداد لشن الحرب على العراق>>. ونقلت الاذاعة الاسرائيلية عن بيرس قوله ان على اسرائيل والفسطينيين بدء الحوار <<بدون انتظار اي تطور خارجي لا علاقة له بالامر>>.

وذكرت الاذاعة الاسرائيلية العامة ان اسرائيل ابلغت مسبقا عن مضمون خطاب الرئيس بوش حول الشرق الاوسط في واشنطن. واوضحت الاذاعة ان دوف فايسغلاس رئيس مكتب رئيس الوزراء ارييل شارون تبلغ مضمون خطاب بوش اثناء لقاء مع المستشارة الرئاسية لشؤون الامن القومي كوندوليزا رايس في واشنطن. وقد عقد لقاء ويسغلاس مع رايس في اطار زيارة سرية قام بها رئيس مكتب شارون الى واشنطن واستمرت يومين، كما قالت الاذاعة مضيفة ان محادثاته مع الاميركيين تمحورت حول المسالة العراقية. وعاد فايسغلاس الى اسرائيل امس الجمعة من الولايات المتحدة بحسب الاذاعة.

وكان الرئيس بوش اعلن ان وثيقة "خريطة الطريق" ستنشر ما ان يتولى رئيس وزراء فلسطيني يتمتع <<بصلاحيات فعلية>> منصبه.

واعتبر بوش ان <<الدولة الفلسطينية يجب ان تكون دولة مسالمة وديموقراطية تنبذ الارهاب بصورة قاطعة>>. واضاف <<اما حكومة اسرائيل، فما ان يتراجع التهديد الارهابي وتشهد الاجواء الامنية تحسنا، عليها ان تتخذ خطوات ملموسة لدعم قيام دولة فلسطينية قابلة للاستمرار وتتمتع بالصدقية وان تعمل باسرع وقت ممكن من اجل التوصل الى اتفاق حول الوضع النهائي. ومع حصول تقدم نحو تحقيق السلام يجب ان تتوقف كل نشاطات الاستيطان في الاراضي المحتلة>>.

وقد اعلنت الحكومة الاسرائيلية "موافقتها التامة" على هذا الخطاب كما صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية يوناتان بيليد، مباشرة بعد الخطاب.

وتنص <خريطة الطريق> التي اعدتها اللجنة الرباعية الدولية حول الشرق الاوسط (الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة) على تسوية النزاع الاسرائيلي الفلسطيني على مراحل عبر قيام دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل بحلول العام 2005.

وكان الرئيس الامريكي جورج بوش قد قال إنه سيكشف عن خطة للسلام في الشرق الاوسط تاجل طرحها طويلا عندما يتولى رئيس وزراء جديد يتمتع "بسلطة حقيقية" مهام منصبه على امل تفادي الانتقادات العربية والاوروبية للسياسة الامريكية قبل اي حرب محتملة مع العراق.

ولكن اري فلايشر المتحدث باسم البيت الابيض شكك في استعداد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في التخلي عن السلطة على الامن وسياسة السلام لرئيس الوزراء كما طلب بوش. وقال: <<ياسر عرفات لم يظهر تاريخا من الاستعداد للتخلي عن السلطة في واقع الامر. ولذلك فمن القضايا المهمة تحديد ما اذا كان فعلا الفلسطينيون يقومون ام لا باصلاحات ذات معنى. الرئيس يأمل ذلك. اذا فعلوا ذلك فالرئيس مستعد للقيام بتحرك>>.

وقال بوش في مؤتمر صحفي رتب على عجل بحديقة البيت الابيض وحضره وزير الخارجية كولن باول <<حان الوقت لتجاوز المواقف المتصلبة واتخاذ خطوات ملموسة لتحقيق السلام>>.

وتشاور بوش مع الرئيس المصري حسني مبارك والملك الاردني عبد الله قبل اعلان خططه بشان خطة السلام المسماة "خريطة الطريق". وقال بوش ان النشاط الاستيطاني في الاراضي المحتلة <<لابد وان ينتهي>>.

وكان اعضاء اخرون <الرباعية> قد حثوا واشنطن على الكف عن تأجيل الكشف عن <خريطة الطريق> وسط اتهامات لبوش بالانشغال بموضوع العراق بما يحول دون اهتمامه بالسلام في الشرق الاوسط.

ولكن محللين شككوا في ان تساعد مبادرة بوش في استمالة الرأي العام العربي او تعزيز فرص الولايات المتحدة لاستصدار قرار بشان حرب العراق في مجلس الامن الدولي.

وقال بوش <<رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد يجب ان يشغل مركزا يعطيه سلطة حقيقية لكي يصبح شريكا جديرا بالثقة ومسؤولا>>، مضيفا انه يتوقع ان يتم التصديق قريبا على رئيس للوزراء يفي بهذه الشروط.واضاف <<وفور التصديق عليه ستسلم خريطة الطريق الى السلام الى الفلسطينيين والاسرائيليين>>.

وقال ريتشارد باوتشر المتحدث باسم الخارجية الامريكية ان رئيس الوزراء يملك "مبدئيا" السلطة اللازمة.

وقالت كوندوليسا رايس مستشارة الامن القومي الامريكي لقناة <الجزيرة> الفضائية ان رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد قد يزور البيت الابيض <<في مرحلة ما في وقت ملائم>>.

ويحاول رباعي الوساطة منذ اكثر من تسعة اشهر وضع مسودة خطة جديدة للسلام بين اسرائيل والفلسطينيين.

وقالت الولايات المتحدة في البداية ان طرح الخطة يجب ان ينتظر الى ما بعد اجراء الانتخابات الاسرائيلية في يناير كانون الثاني وتشكيل حكومة جديدة في اسرائيل. ثم اقترح بعض المسؤولين تأجيل طرح الخطة الى ما بعد الغزو المحتمل للعراق.

ولكن توني بلير رئيس وزراء بريطانيا حث الولايات المتحدة على القيام بدور اكبر في ايجاد حل للازمة الاسرائيلية الفلسطينية.

وقد يساعد اعلان بوش على تهدئة الشكوك العربية والاوروبية بشأن السياسة الامريكية في الوقت الذي يساعد حلفاء مثل بلير.

ولكن بعض العرب ومحللي الشؤون العربية عاملوا الوعود الامريكية والبريطانية بتشكك عميق وقالوا انهم يشكون في ان يتقبل الرأي العام العربي فكرة ان يعمل بوش الان للتوصل لتسوية بين الاسرائيليين والعرب.

وقال ادوارد ابينجتون وهو مستشار للسلطة الفلسطينية ودبلوماسي امريكي سابق في القدس <<التشكك (في التزام بوش) واسع النطاق في العالم العربي وفي اوروبا. نأمل الا يكون مجرد تصريح اخر ادلى به تحايلا بغرض الحصول على التاييد في اوروبا والشرق الاوسط>>.

ورفض المسؤولون الامريكيون والبريطانيون اي اشارة الى ان اعلان بوش مجرد حيلة قبل قصف العراق.

وقال بلير للصحفيين <<الان بالتحديد وبينما نوجه كل هذا التركيز الى موضوع اسلحة الدمار الشامل و (الرئيس العراقي) صدام (حسين) وكل الاشياء التي فعلها.. نقول للعالم العربي والاسلامي اننا نقبل الالتزامات الموكلة الينا>>.

واضاف ان عرفات وابو مازن ابلغاه خلال اتصال هاتفي ان رئيس الوزراء الجديد قد يتمكن من تولي منصبه الاسبوع المقبل.

ورحبت فرنسا بخطوة بوش لكنها شددت على ان باريس ظلت تدعو منذ شهور الى مثل هذا التحرك.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان: <<ننظر برضا الى كلمات الرئيس بوش بشان الشرق الاوسط>>.

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة, الموساد

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات