تسابقت القيادات الإسرائيلية، عشية انعقاد القمة العربية في الرياض في آذار الماضي، في التهليل والإشادة بالصيغة الأصلية لمبادرة السلام السعودية التي أُعْلِن عنها العام 2002، والتي لم تتضمن أية إشارة لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وهو البند الذي أضافته لاحقا القمة العربية في بيروت (في نفس العام)، فتحولت إثر ذلك، من مبادرة سعودية إلى مبادرة عربية. كما عرضت نفس المبادرة التطبيع الكامل مقابل الانسحاب الكامل. وقد بذلت إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية وبعض الأطراف العربية،
برغم أن الاعتراف بحق الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة لهم، في الضفة والقطاع المحتلين، بات أمرا مفروغا منه في الوعي السياسي الإسرائيلي تقريبا، من اليسار إلى اليمين، ومن يوسي بيلين إلى ايهود أولمرت (وقبله أريئيل شارون!)، بعد أن كانت هذه المسألة من المحرمات، فإن إسرائيل ما زالت مترددة أو غير قادرة على الحسم بهذه المسألة على أرض الواقع.
ارتفعت، مؤخرا، الأصوات الإسرائيلية الداعية إلى شن حرب على لبنان وسورية، وتحديدا على حزب الله. وألمحت تقارير استخبارية بأن القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية لا تستبعد اندلاع حرب جديدة في المنطقة خلال الصيف القادم، علما بأن إسرائيل تشهد حاليا استعدادات ومناورات عسكرية مكثفة. وفي أواخر شباط الماضي، هدد عمير بيرتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، بضرب حزب الله عسكريا، لوقف تسلحه (يديعوت أحرونوت، 2007/2/28). ويعد بنيامين بن إليعازر من أبرز الرموز الإسرائيلية الداعية إلى شن حرب جديدة، وهو من أقطاب حزب العمل الإسرائيلي ووزير البنى التحتية في حكومة أولمرت. فمنذ الأيام الأولى لوقف إطلاق النار في آب الماضي، لم يتوقف بن إليعازر المقرب من بيرتس عن إطلاق تصريحاته القائلة بأنه يتوقع تجدد الحرب ضد حزب الله، خلال بضعة أشهر.
ما كاد الفلسطينيون يتوافقون على تشكيل حكومة وحدة وطنية (بنتيجة اتفاق مكة)، علّها تساهم في وضع حدّ لخلافاتهم وانقساماتهم واقتتالاتهم، حتى واجهتهم مجددا مسألة الاشتراطات الدولية (ومعها الإسرائيلية)، التي ترفض التعاطي مع هذه الحكومة، أو التسهيل عليها، بدعوى عدم اعترافها بإسرائيل، وعدم التزامها الاتفاقات الموقّّعة معها سابقا، ورفضها نبذ العنف.
الصفحة 5 من 81