نشرت الصحافية نوريت وورجفت مقالة في "هآرتس" تحت العنوان أعلاه أكدت في سياقها أن شلل عمل اللجنة الخاصة بالعمال الأجانب في الكنيست عائد إلى كون اللجنة "لا تملك القوة الكافية للوقوف أمام صناعة استيراد العمال الأجانب والتي تدّر ملايين الدولارات"
المشهد الإسرائيلي: قبل أكثر من سنة نشرت الصحافية الإسرائيلية نوريت وورجفت مقالة في "هآرتس" تحت العنوان أعلاه أكدت في نشرت الصحافية الإسرائيلية نوريت وورجفت مقالة في "هآرتس" تحت العنوان أعلاه أكدت في سياقها أن شلل عمل اللجنة الخاصة بالعمال الأجانب في الكنيست عائد إلى كون اللجنة "لا تملك القوة الكافية للوقوف أمام صناعة استيراد العمال الأجانب والتي تدّر ملايين الدولارات"، على حدّ قول رئيس اللجنة، النائب ران كوهين (ميرتس- ياحد)، الذي أضاف: "هذا سوق عملاق ويعمل فيه رجال مافيا وقسم منهم له علاقات وإلى حد كبير بالسلطة وأجهزة الحكم".
وفيما يلي مقاطع من هذا المقال:
كان أحد الحاضرين في جلسة "اللجنة الخاصة لمعالجة مشكلة العمال الأجانب"، والتي عقدت في أواخر 2003، رئيس منظمة "وفروا العمل الشريف"، آفي عوفاديا. وقد بدا غاضباً وانفجر في مرحلة معينة خلال النقاش حول "تقرير شرطة الهجرة عن نشاطاتها في ملاحقة وطرد العمال الأجانب".
"نحن نناضل منذ أربع سنوات ولا نسمع سوى الكلام"، قال عوفاديا. وأضاف: لماذا لم يوجهوا لنا دعوة لحضور الجلسات؟. رد عليه رئيس اللجنة، عضو الكنيست ران كوهين: "لقد وجهنا دعوات للعديد من منظمات العمال والشخصيات المهمة". فرد عليه عوفاديا "إنكم لم تدعونا على الرغم من أننا الجهة الوحيدة التي تناضل ضد العمال الأجانب". لم يحاول كوهين أن يجادله حول ادعاءاته عن ماهية اللجنة، ولكنه تعهد بأن يفحص إمكانية دعوته إلى حضور الجلسات بشكل دائم. وخلال الجلسة طرح مدعو آخر، هو يسرائيل طويتو من منظمة (ساحة الخبز)، شكوى خاصة به قائلاً: "الجميع يهتم بأمر العامل الأجنبي، الأولى أن تهتموا بالمواطن الإسرائيلي".
يمكن القول، إلى حد معين، إن اللجنة قبلت بنصيحة يسرائيل طويتو. فقد خصصت خمس جلسات فقط من أصل عشرين جلسة، في جزء منها، لمناقشة مشكلة العمال الأجانب وذلك خلال الفترة التي مارست فيها الشرطة سياسة الإبعاد ضد العمال الأجانب، ولم يحتج أحد على جوهر سياسة الطرد. في دورات الكنيست السابقة وعندما كان يترأس اللجنة أوفير بينيس ومن بعده يوري شتيرن حصل أن كانت اللجنة تشكل أداة فعّالة في النضال لصالح حقوق العمال الأجانب وشروط تشغيلهم. وقد هاجمت اللجنة آنذاك بشدة سياسة الطرد أكثر من مرة. ولم تكتف بإنتقاد طبيعة تنفيذ عمليات الطرد، بل حاولت تنظيم مكانة العمال الأجانب الموجودين في البلاد حتى يمكن تشغيلهم لفترة محدودة زمنياً وبصورة قانونية ومقابل ذلك عدم السماح بوصول عمال أجانب جدد إلى البلاد. أوفير بينيس ويوري شتيرن لم يترددا في دعوة عمال أجانب لسماع أقوالهم أمام اللجنة.
اللجنة الحالية قامت بجولات في أماكن يتركز فيها العمال الأجانب مثل سجن الرينسانس وجنوب تل أبيب، ولكن عندما اقترحت رئيسة مركز المعلومات والمساعدة للعمال الأجانب (مسيله) في تل أبيب، عيدنا ألطر-دمبو، في إحدى الجلسات، أن يتم إحضار عمال أجانب لحضور جلسات اللجنة، رد عليها ران كوهين بشكل حاسم "أنه مع كل الإحترام للعمال الأجانب فإنني أفضل سماع رأي الجمعيات الإسرائيلية وأنا أثق بها وبآرائها، من ناحيتي العمال الأجانب في إسرائيل مؤقتون وهم يأتون إلى هنا لإعالة عائلاتهم بكرامة وليس من أجل أن يتمثلوا في كنيست إسرائيل".
في الجلسة الأخيرة للجنة في دورة الكنيست الشتوية شاهد أعضاء اللجنة عرضاً عن حياة العمال الأجانب، ولم يكن مفاجئاً غياب العمال الأجانب، فقد أدى أدوارهم ممثلون.
شهادة "مولود حي"
هذه اللجنة، التي أقيمت منذ ست سنوات فقط وبمبادرة من أوفير بينيس، ليست لجنة تشريعية أو قانونية وليس لها نفوذ. تستطيع في الحد الأقصى فقط أن تسمع صوت الضمير، وأن تطالب بمعاملة عادلة للعمال الأجانب، وأن تطرح أفكارا، وأن تبادر إلى طرح مشاريع قوانين، ولكن القانون الوحيد الذي بادرت إليه اللجنة الحالية تطرق إلى فرص إغراء الإسرائيليين الذين يوافقون على العمل في الزراعة وبهذا يقللون من الحاجة إلى العمال الأجانب.
الخط الإنساني والمتجاوب مع مشكلة العمال الأجانب قاده عضوا الكنيست من شينوي إيلان ليبوفيتش وايهود رتصابي. ليبوفيتش بادر إلى طرح نقاش حول تأثير سياسة الطرد على أبناء العمال الأجانب وانتقد اعتقال عمال أجانب، مع العلم أنهم آباء أحاديون لأطفالهم. رتصابي دافع عن كرامة العمال الأجانب التي جرى المس بها سوية مع المس بكرامة مشغليهم، من خلال عمليات المداهمة التي نفذتها الشرطة وتناقلتها وسائل الإعلام على نطاق واسع. وبكلمات أخرى فإن ما أثاره تمثل في العمال الأجانب في منازل الأثرياء المنتمين إلى الأعشار العليا، وأكثر من ذلك مشغليهم أيضًا.
رتصابي اهتم أيضاً بدعوة أحد المشغلين للجلسة ذاتها، والذي بدوره وصف كيف قام أفراد الشرطة بضربه. وقال إنه لم يتوجه بشكوى حول ذلك خوفاً من إنتقام شرطة الهجرة. رئيس اللجنة سأل كيف يمكن لمشغل أن يتوجه بشكوى إلى الشرطة دون الكشف عن اسمه. والعمال الأجانب، أليسوا هم أيضاً يتعرضون للعنف ولا يستطيعون أن يتقدموا بشكوى؟ لقد كانوا بمثابة الحاضر الغائب في تلك الجلسة.
وعندما عرضت أمام اللجنة معلومات هامة تتحدث عن فشل الدولة في نضالها ضد ظاهرة التجارة بالعمال الأجانب، وذلك في الجلسة التي عقدت لبحث "موضوع ابتزاز آلاف الدولارات من عمال وهم في بلادهم"، لم يتم استعمال هذه المعلومات بصورة مرضية. أما ضابط التحقيقات في إدارة شرطة الهجرة، دافيد بيرتس، فقد أعلن في الجلسة نفسها أن "كل محاولة لملاحقة هذه الأموال لن يكتب لها النجاح" وأن "أية تعديلات في القانون لن تحل المشكلة، وذلك لأن هذه الأموال يتم جبايتها في خارج البلاد". وقد اتضح فيما بعد أن السبب في تحول إضطهاد العمال الأجانب إلى مخالفة سهلة الارتكاب غير كامن في عدم صعوبة ملاحقة الأموال التي تجبى من العمال خارج البلاد وإنما لأن القانون الذي يعالج هذا الموضوع قديم جداً بحيث أن الغرامة المفروضة على مخالفة من هذا النوع لا تتعدى بضعة شواقل فقط.
رئيس اللجنة ران كوهين تعهد بالمبادرة إلى تعديل القانون، ولكن مرت سنة تقريباً وشيء لم يتغير، ويواصل العمال الأجانب دفع آلاف الدولارات مقابل تأشيرة. والوسطاء يواصلون جني الأموال دون أي عائق.
اللجنة لم تر حاجة إلى الضغط على اللجنة الوزارية التي تم تعيينها لبحث مستقبل أبناء العمال الأجانب الذين ولدوا وترعرعوا في إسرائيل. وهي لم تطلب من شرطة الهجرة الامتناع عن اعتقال هؤلاء الأطفال الذين وصلوا إلى السن القانونية، على الأقل إلى أن تصل اللجنة الوزارية إلى نتيجة أو قرار.
في أواسط كانون الأول/ ديسمبر، شعر عضو الكنيست كوهين بالصدمة عندما اكتشف أن أطفال العمال الأجانب في إسرائيل لا يحصلون على شهادة ميلاد، وإنما يحصلون فقط على تبليغ عن مولود حي، وهذه الوثيقة يستخدمها والدا الطفل عند تسجيل إبنهما للمدرسة. وقال كوهين إن هذه عادة مقيتة وأعلن أنه سيطلب إيجاد حل سريع لهذه المشكلة، يتم من خلاله إعطاء الأطفال بطاقة هوية مؤقتة على الأقل، ومع ذلك ما زالت وثيقة التبليغ عن مولود حي هي الوثيقة الوحيدة التي تعطى للأمهات للإثبات أن هؤلاء هم أبناؤهن.
ضائقة المقاولين
هكذا تبقي للجنة الكثير من الوقت لمناقشة مشكلة المزارعين ومقاولي البناء والذين شاركوا بشكل دائم في الجلسات. وفي إحدى الجلسات انتقد رئيس اللجنة كوهين تجارة البشر في إسرائيل، لكن مدير عام شركة مليبو ورئيس لجنة العمال الأجانب في إتحاد المقاولين، نتان فرنكل، ادعى أن الحديث يدور عن حالات شاذة وأنه ليس كل المقاولين مخالفون للقانون. وعندما اقترح عضو اللجنة ايلان ليبوفيتش على المقاولين تشغيل عمال أصحاب تأشيرات يقبعون في السجن بدل استيراد عمال أجانب جدد، رد عليه نائب رئيس "اتحاد مقاولي أعمال الترميم" في فرع البناء، نينو رومان "نحن لا نريدهم، أخرجوهم من البلاد".
كذلك بحثت اللجنة مطولاً في مشكلة العجزة الذين يحتاجون إلى المساعدة والذين يتم طرد العمال الأجانب الذين يهتمون بهم بعد خمس سنوات، ويكونون قد اعتادوا عليهم وارتبطوا بهم. وناقشت أيضاً إمكانية إحضار عمال من الأردن، وكذلك سلسلة قرارات طالبت وزارة المالية باتخاذها بحق مشغلي العمال الأجانب.
في إجماله لعمل اللجنة لا يأسف كوهين على أن اللجنة تحولت إلى منصة لأصحاب المصالح. وهو يقول: "اللجنة مفتوحة أمام كل القطاعات لإسماع إدعاءاتها. وأعتقد أنه على الأقل تمكنا من وضع نظم وأهداف لمراقبة نشاط شرطة الهجرة. وفيما يتعلق بالشعار حول ضرورة طرد العمال الأجانب، وضعنا أسساً ثابتة للحفاظ على حقوقهم كعمال وكبشر أيضاً وإجبار كل الجهات التي تتعامل مع العمال الأجانب أن لا تستخدم أساليب قاسية بحقهم وكذلك فرصة قيام الحكومة باتخاذ قرارات تحد من استيراد العمال الأجانب".
ومن بين النجاحات التي يعددها رئيس اللجنة كوهين يشير إلى قيام أعضاء اللجنة بزيارة مفاجئة إلى سجن رينسانس في الناصرة، وأدت الزيارة إلى إجراء إصلاحات. وكذلك الاستطلاع الذي بادرت إليه اللجنة حول أبناء العمال الأجانب.
"ولكن في النهاية- يعترف كوهين- قإن اللجنة لا تملك القوة الكافية للوقوف أمام صناعة استيراد العمال الأجانب والتي تدّر ملايين الدولارات. هذا سوق عملاق ويعمل فيه رجال مافيا وقسم منهم له علاقات وإلى حد كبير بالسلطة وأجهزة الحكم".