المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بدأت الحكومة الإسرائيلية في الأيام الأخيرة بتنفيذ مشروعها العنصري لتهويد منطقة الجليل في شمال إسرائيل، من خلال تشجيع عشرات آلاف اليهود للانتقال للسكن في هذه المنطقة التي تصل نسبة الفلسطينيين فيها إلى حوالي 52%.

ورصدت إسرائيل والوكالة الصهيونية لهذا المشروع لوحده أكثر من مليار دولار كمبلغ أولي، سيصرف بغالبيته على شكل هبات وتسهيلات للمستوطنين الجدد، ويشرف على هذا المشروع ويبادر له نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية، الوزير شمعون بيريس، كما يشرف على تهويد منطقة النقب في الجنوب.

وحسب ما نشر فإن الحكومة تعرض على اليهود في هذه المرحلة أكثر من 10 آلاف وحدة سكنية في 104 بلدات يهودية في الجليل.

ومن جملة الإغراءات الحكومية، تخصيص 2500 مكان عمل للمستوطنين الجدد، في الوقت الذي يسجل فيه الفلسطينيون في نفس المنطقة أعلى نسبة بطالة في إسرائيل، وهي ضعفا نسبة البطالة عند اليهود، حيث تعاني بعض البلدات العربية من نسبة بطالة أكثر من 15%.

ويظهر أن كل مستوطن سيحظى بتسهيلات مالية وضريبية، وتخفيض في أسعار البيوت تصل قيمتها الى عشرات آلاف الدولارات. وأعلن الطاقم الحكومي الخاص، الذي يعمل على تنفيذ المشروع أن حوالي ألف عائلة يهودية أجرت اتصالا مع الطاقم لتبدي اهتمامها وتوجه استفسارات حول شروط الاستيطان.

وأصدرت جمعية "سيكوي" تقريرا مطولا، أعده نيسيم سلمان وروعي فولكمان، يبين تفاصيل في هذا المشروع، ونقاطًا أساسية في سياسة التمييز العنصري المنتهجة ضد العرب في إسرائيل. ونعرض في ما يلي مقاطع مطولة من هذا التقرير.

مقدمة

أثار "مؤتمر الجليل 2005"، المنعقد في كرميئيل بتاريخ 16 حزيران/ يونيو، قلقا عميقا، إذ كشفت خلال هذا المؤتمر عن أن رؤيا تطوير الجليل تشكل هدفا قوميا، وعليه سينال رعاية الدولة المكثفةَ، كما جرى التعهد بتجنيد رؤوس الأموال لصالح هذه الحملة، من مصادر عديدة.

الهدف المعلن الذي يقف وراء مخطط تطوير النقب والجليل هو زيادة عدد سكان مناطق الأطراف (البعيدة عن المركز). ويعرف القاصي والداني أن المقصودين بذلك هم السكان اليهود. حسب ما نشر في الأشهر الأخيرة، وما يظهر من استعدادات تقوم بها الحكومة، يتراءى أن السنوات القادمة ستشهد بالفعل حركة نشطة في تطوير الجليل والنقب، لكن هذه الحركة ستكون من نصيب اليهود فقط. فعلى سبيل المثال، أعلنت وزارة الإسكان، في نهاية شهر أيار/ مايو 2005، عن تقديم منحة بمبلغ 25,000 شاقل (5550 دولار) لكل من سيشتري شقة في هذه المناطق، وعن منحة مقدارها 90,000 شاقل (20 ألف دولار) للمستوطنين الذين سينتقلون للسكن في الجليل والنقب بعد إجلائهم من قطاع غزة.

منذ إقامتها، تركز دولة إسرائيل جل اهتمامها على تطوير المدن والقرى اليهودية، وتُهمل تطوير البلدات العربية. وكانت النتيجة ظهور فجوة لا تطاق بين البلدات اليهودية والبلدات العربية في العقود الستة الماضية، في كل من الجليل والنقب. وسيعزز زخم التطوير- الذي بدأت بوادره تظهر في هذه الفترة- من هذه الفجوة، التي تشكل مصدرا لنـزاع متواصل بين المجموعتين السكانيتين. هذه السياسة ليست منصفة، ولا تليق بنظام حكم ديمقراطي، وتشكل خطرا على جميع سكان الجليل والنقب، يهودا وعربا.

وتقترح ورقة وضع السياسات التي نعرضها عليكم مسارات عامة، ومقترحات مفصلة لانتهاج سياسة متساوية في تطوير الجليل والنقب. ويحدونا الأمل أن يدفع هذا الأمر السلطات إلى انتهاج مسلك عادل ومنطقي في مسيرات تطوير النقب والجليل في العقد القادم.

سياسة الحكومة في تطوير النقب والجليل- لليهود فقط؟

تهدف الخطة، في الأساس، إلى زيادة عدد السكان في النقب، كي يصل الى 1,5 مليون مواطن، ويصل عدد سكان الجليل إلى 1,1 مليون مواطن، حتى العام 2010.

تصل كلفة الخطة إلى نحو 16,8 مليار شاقل (3,73 مليار دولار). وسيقع القسم الأكبر من الميزانية على عاتق الوزارات الحكومية، وسترصد وزارة المالية حصة ضئيلة (ملياري شاقل- 4,44 مليار دولار)، بالإضافة إلى المساعدات الأميركية في أعقاب خطة الانفصال، وما تبقى ستوفره الوكالة اليهودية وبعض المانحين اليهود.

وسينفذ، حسب الخطة، 18 مشروعا خلال السنوات القليلة القادمة، في المناطق الحدودية في مجالات التربية والتعليم والإسكان والبنى التحتية والتشغيل وغيرها.

ومن إلقاء النظرة على سياسة الحكومة وعلى تصريحات أعضائها في الأشهر الأخيرة، يستدَل أن من شأن خطة الانفصال إعطاء زخم لعملية تطوير الجليل والنقب. وظهرت بوادر هذه النية في شهر كانون الثاني/ يناير 2005، عندما أقيمت اللجنة الوزارية لتطوير النقب والجليل، التي ألقت على لجنة قيادية مَهمة عرض النقاط الأساسية لخطة قومية للتطوير في مدة أقصاها شهر أيار/ مايو 2005 (أُجل تقديم التقرير حتى شهر آب/ أغسطس). بالإضافة إلى ذلك، يمنح قانون "الإخلاء والتعويض" (الذي ينظم عملية إخلاء المستوطنات في قطاع غزة) محفزا ماليا يبلغ 90,000 شاقل (20 ألف دولار) لكل عائلة تختار الانتقال للسكن في النقب أو الجليل.

وهناك القرار الحكومي من تاريخ 19.6.2005 الذي يمنح تخفيضا قدره 40% لمن يشترون حقوقا على أراضٍ في الجليل. علاوة على ذلك، تعبر قرارات الحكومة مد سكة حديدية إلى هذه المناطق، وإقامة جامعة في كرميئيل، ونقل القواعد العسكرية إلى النقب، تعبر عن المزاج العام السائد في صفوف الحكومة بخصوص تطوير هذه المناطق، وتُوَفر فكرة أو مفهوما حول حجم الاستثمارات المتوقعة.

أكثر الأمور وضوحا في هذا السياق قالها نائب رئيس الحكومة، شمعون بيريس، في نيسان/ ابريل 2005، خلال زيارته للولايات المتحدة، عندما عبر عن دعمه رصد جزء من أموال الدعم الأميركي لخطة الانفصال، لتحقيق أهداف التطوير في النقب والجليل. وكانت أقوال الرئيس بوش خلال الزيارة بمثابة المصادقة الرسمية على هذا التصريح، حيث عبر عن اعترافه بأهمية خلق الفرص المجددة في النقب والجليل. يعزز هذا التصريح من مصداقية وسَرَيان هذه الخطة. حتى اليوم، يبدو أن المبلغ الذي رُصِد لخطة التطوير يبلغ 250 مليون دولار، وهو مبلغ يعادل ثلث المعونة الأميركية المعَدة لخطة الانفصال، وسيزداد هذا المبلغ من خلال تمويل دولي، يعمل الوزير بيريس على تجنيده.

مما ذُكر أعلاه، يُستشَف أن اللجنة القيادية لتطوير النقب والجليل ستكثف من وتيرة عملها في الأشهر القادمة. وعلى الرغم من ذلك، تشير الدلائل إلى أن هذه الخطة ستقتصر على المستوطنين اليهود الجدد، وعلى بلدات يهودية قائمة، ولن تَشمل البلداتِ العربيةَ.

تشكل أراضي النقب والجليل نحو 66% من مساحة دولة إسرائيل. وحسب معطيات العام 2003، فإن العرب يشكلون52% من سكان الجليل، و41% من سكان النقب. ويتضح أن نحو 62% من السكان العرب يعيشون في لواءَي الشمال والجنوب، لذا تؤثر سياسة الحكومة المتعلقة بهذه المناطق، تأثيرا مباشرا، على غالبية المواطنين العرب في إسرائيل.

وعلى كل التوجهات العامة والخطط التفصيلية لتطوير هذه المناطق أن تشمل مركبا جوهريا، هو ردم الفجوات بين العرب واليهود، كي يعطي الأمرُ دفعة جِدية لإنماء جميع سكان مناطق الأطراف. وستعمل خطة التطوير التي تقدم المساعدة للبلدات اليهودية فقط، وتتجاوز البلدات العربية، على توسيع الفجوة، وتزيد من حدة التوتر بين هاتين المجموعتين المدنيتين.

مخططات التطوير والمواطنون العرب

تشكل الفجوات الكبيرة بين البُنى التحتية للمدن والقرى اليهودية ونظيراتها العربية محصلة مباشرة للاستثمار المكثف في تطوير البلدات اليهودية، وتطوير البنى التحتية اللوائية في هذه الأماكن، وإهمال البلدات العربية المجاورة، التي بقيت جزرا منعزلة، ترتبط بشكل واهن بالبُنى التحتية المتطورة القطرية، بعد أن تجاوزتها جميع الخطط التي وُضعت، منذ قيام الدولة، لتطوير النقب والجليل.

تشير دراسة خطط تطوير ودعم النقب في العقود الأخيرة إلى أن جميعها تستعمل الأدوات ذاتها: توسيع البُنى التحتية، بناء الوحدات السكنية، توفير الدعم الحكومي للمستوطنين الجدد، توفير هذا الدعم للمصانع، بالإضافة إلى إقامة المستوطنات الجديدة. وتعتبر هذه الأخيرة أداة تطويرية من الدرجة الأولى بسبب كلفتها الباهظة. وحسب تقرير أعدهُ مركز "ديشي"، بطلب من جمعية حماية الطبيعة، بلغ الاستثمار في البنى التحتية للفرد الواحد 250 ألف دولار في الكلفة الثابتة، بالإضافة إلى 6,300 شاقل من الكلفة السنوية الجارية.

لم يقتصر الأمر على عدم إقامة أية بلدة عربية جديدة، فالجمهور العربي عموما لا يستطيع استخدام أي من أدوات التطوير الأخرى. وتشكل الخرائط الهيكلية عنق زجاجة يصعب الخروج منه. وبما أن معظم البلدات العربية لا تملك خرائط كهذه، لا يمكن تقديم الطلبات للحصول على مساعدات في قروض الإسكان، ولا يمكن طرح مبادرات للبناء الشعبي، ولا يمْكن إقامة المناطق الصناعية والبنى التحتية العامة. بالإضافة إلى ذلك، لم يتمكن الجمهور العربي من الاستفادة من ثمار التطوير إلا بشكل محدود، وعلى نحوٍ غير مباشر، تمخض عن زيادة الطلب للقوى العاملة، أو نتيجة تحسين شرايين المواصلات المركزية في محيط البلدات العربية، مع قدوم المستوطنين اليهود الجدد. لذا، ومن أجل ضمان أن تقوم الخطة الجديدة- التي يجري العمل عليها في هذه الأثناء- بإغلاق الفجوات بشكل فعلي (لا يقتصر على المساواة في الفرص)، تنبغي المبادرة إلى سياسة تُزيل العوائق البيروقراطية والإجرائية التي تقف إزاءها، وتتعامل مع البلدات العربية في النقب والجليل كأهداف مباشرة للتطوير، أسوة بالبلدات اليهودية.

العوائق البنيوية ووسائل إزالتها

تنوجد في أوساط الجمهور العربي عوائق كثيرة تقف أمام توجهات التطوير القائمة، ومنها عوائق مؤسسية (كالهوية اليهودية للدولة، وعلاقة الأغلبية بالأقلية، وعلاقة المركز بالأطراف، وغيرها)، وعوائق تشكل المجموعةُ السكانية مصدرا لها. لا تُعنى هذه الوثيقة بهذا النوع من العوائق، المهمة بحد ذاتها، وتبتغي معالجة العوائق البنيوية والمؤسسية التي تعشش داخل آلاف بنود الموازنة والمرسومات التي تحتويها الوزارات الحكومية المختلفة. تميز كل هذه بشكل فعلي ضد العرب، وتحد من إمكانية طرح المبادرات لتطويرهم وتطوير مدنهم وقراهم.

على العموم، ينعدم التمييز في القوانين، لكن المعايير المختلفة لمنح المساعدة تتضمن عوائق بنيوية لا يمكن لغالبية الجمهور العربي اختراقها. فعلى سبيل المثال، يساعد قانون تشجيع استثمار رؤوس الأموال الذي سُن بغرض تطوير المصانع في الأطراف،يساعد هذه المصانع، ولا سيما تلك التي تعمل في مجال التصدير، بينما توجه معظم الصناعات العربية إلى السوق المحلية. من الواضح، إذا، أن الموارد تُرصد لليهود فقط. وبما أن اليهود وحدهم يستطيعون الانضمام إلى البلدات الجماهيرية، أو يسكنون في بلدات تمتاز بكثافة الإسكان، تقتصر مساعدة وزارة الإسكان في شراء الشقق عليهم هم.

تجدر الإشارة، في هذا السياق، إلى أن المساواة في التشريع لن تكفي، كما ولا يكفي أن تقوم الدولة بوضع الموارد في متناول الجمهور العربي. ويتوجب العمل بطريقة التقديم الفعال، أي الانتقال من السياسة السلبية التي توفر فيها الدولة المساواة القضائية، التي تطبق ظاهريا، إلى السياسة النشطة التي تخلق الفرص بصورة فعالة، ولا نقصد هنا المساواة في الفرص، بل المساواة في النتائج.

وينسحب الأمر على رصد الموارد، نحو: وظائف سلك خدمة الدولة؛ التعيينات العامة؛ استخدام قروض الإسكان؛ توجيه المستثمرين إلى مناطق صناعية منتقاة.

على الموظفين الحكوميين طرح السؤال ذاته بخصوص كل بند وبند: لماذا لا تتساوى نسبة المستحقين في صفوف العرب مع نسبتهم السكانية؟ وكذلك عليهم ممارسة سياسة نشطة، تعمل على تحقيق المساواة في جميع المجالات، وفي كل بند من بنود برامج تطوير النقب والجليل.

ويستعرض تقرير سيكوي العوائق البنيوية التي تَحُول دون تطوير البلدات العربية في المدى القصير، كما يستعرض كذلك الخطوات التي يجب اتخاذها لإزالة العوائق وإحداث التنمية السريعة. ويقدم في بعض الحالات كذلك توصيات عينية لمشاريع في مجال البنى التحتية والتطوير، تلك التي يجب تنفيذها في إطار خطة شاملة لتطوير الجليل والنقب.

من المهم أن نذكر هنا أن هذه العوائق مترابطة، وتقف على رأسها مسألة تخصيص الأراضي والمصادقة على الخرائط الهيكلية، إضافة إلى المنظومات والأدوات الضرورية لتطبيق هذه الخرائط. ولا يمكن تطوير الصناعات والشوارع والبنايات العامة، دون توفير الأراضي. حيث تشكل عقبات التطوير "عنق الزجاجة" أمام كل محاولة للتطوير.

ولخصت سيكوي تقريرها بالتأكيد على أن لجنة أور حددت أن إسرائيل ارتكبت إثما عندما لم تحقق المساواة للأقلية التي تعيش داخلها. تمييز المؤسسات ضد العرب غير مقبول من الناحية الأخلاقية، ولا يمكن لنظام ديمقراطي أن يسمح لنفسه بقبول وضع كهذا. لهذا الفشل إسقاطات كثيرة على العديد من المجالات، ومنها الاقتصاد والنسيج الاجتماعي. منع الحراك الاجتماعي عن شريحة من مواطني الدولة يحمل في طياته غياب النجاعة الاقتصادية وغياب الاستقرار السياسي والاجتماعي. في مناطق الأطراف الإسرائيلية تتولد فجوة هائلة من عدم المساواة بين اليهود والعرب، وتهدد بدفع الطرفين نحو التدهور والسقوط.

من هنا تنبع الحاجة إلى ردم الفجوة من خلال تغيير حاسم في سياسة رصد الموارد الحكومية، كجزء من منهج تطوير النقب والجليل. ويوفر زخم التطوير المتوقع في النقب والجليل فرصة تاريخية لإحداث تغيير كهذا، وستهدد إضاعتها بتقويض أركان المجتمع والاقتصاد في الدولة. البنى التحتية اللائقة هي من متطلبات جميع المواطنين، يهودَ وعربا، لكن المساواة بينهم هي حاجة ضرورية لا يمكن التنازل عنها.

في المكتبة التاريخية لنضال الأقليات في سبيل العدل والمساواة، التي تتضمن صفحاتها منزلة محترمة للتاريخ اليهودي، تتكرر الفكرة الرئيسية ذاتها: يضر قطع الطريق على الأقلية العرقية للتقدم داخل الدولة، في نهاية المطاف، باستقرار المجتمع. لذا، من الواضح أن المحافظة على سياسة التمييز التاريخية تتعارض كليا مع مصالح دولة إسرائيل، وتتعارض مع تطورها الاقتصادي وشرعيتها.

يشكل التخطيط الفيزيائي للبلدات العربية "عنق زجاجة" يضع العقبات أمام التنمية، بيد أنه لا يشكل العائق. العائق المركزي أمام التطوير هو إدراك دولة إسرائيل أن التطوير مُعد لليهود في إسرائيل، وأن المواطنين العرب يتمتعون بفضلات التطوير. في مقدور الخطوات العملية التي طرحت في ورقة العمل هذه تدعيم المساواة في النقب والجليل، لكن التغيير ينبغي أن يحصل، قبل أي شيء، في وعي واضعي السياسات ومنفذيها.

في هذه الأيام، يناقش ممثلو الدولة زملاءهم الأميركان في تفاصيل المساعدات لخطة الانفصال وتطوير النقب والجليل. حان الأوان لتوحيد مسارات التطوير المنفصلة لليهود والعرب كي تشكل مسارا مدنيا موحدا، غير متحيز، يعمل على خلق المساواة الاجتماعية والسياسية.

الإحصائيات تؤكد تراجع نسبة اليهود في الجليل

على الرغم من المشروع الحكومي، فحتى الآن ليس من المؤكد نجاحه، خاصة وأن معطيات دائرة الإحصاء المركزية الأخيرة أكدت أن هجرة اليهود من الشمال، بما في ذلك حيفا، إلى منطقة المركز لا تزال مستمرة. فمثلا مدينة حيفا لا تنقصها فرص العمل والمرافق الاقتصادية والصناعية، وهي من أهم المراكز الصناعية في إسرائيل، وعلى الرغم من هذا فإن الجيل الشاب من اليهود يهاجرون إلى المركز من حيفا، التي تراجعت نسبة السكان اليهود فيها خلال العامين الماضيين بحوالي 1,5%.

لكن هذا التراجع السكاني غير منحصر فقط في منطقة حيفا، بل يشمل أيضا غالبية المدن اليهودية في منطقة الجليل، التي تشهد أيضا تراجعا سكانيا يهوديا أو جمودا، وهو مستمر للعام الثاني التوالي. فمثلا تراجع عدد السكان في نتسيرت عيليت الجاثمة على أراضي الناصرة وقراها بنسبة نصف بالمائة في العامين 2003 و2004. وفي بيسان تراجع العدد بنسبة نصف بالمائة، وفي عكا بنسبة 0,2%، وفي مجدال هعيمق (المجيدل) بنسبة 0,1% وفي متسبيه رامون بنسبة 4,5% وفي حتسور هجليليت بنسبة 1,1% بينما كان جمود في عدد السكان في مدينة العفولة. أما في مدينة معلوت ترشيحا، فقد امتصت تراجع عدد سكان اليهود الزيادة في عدد المواطنين العرب، لتكون نسبة التكاثر في هذه المدينة صفرا.

أما مدن الشمال التي سجلت ازديادا في عدد السكان مثل صفد وكرميئيل ونهاريا فإن الزيادة السكانية فيها كانت تتراوح بين 1,5% إلى 2%، وهي أقل من نسبة التكاثر بين العرب في نفس المنطقة التي تراوحت ما بين 2,5% إلى 3%، وأحيانا أكثر.

(اقرأ مقال أيمن عودة في مكان آخر)

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات